وخلال مشاركته في مؤتمر رؤساء البرلمانات الدولي المنعقد في العاصمة الباكستانية إسلام أباد، اليوم الأربعاء، أشار النائب الأول لرئيس مجلس الشورى الإسلامي، علي نيكزاد ، إلى أن البرلمانات وباعتبارها صوت الشعوب، قادرة على أداء دور محوري في صياغة سياسات تخدم مصالح المواطنين.
وأعتبر انه يجب أن تكون البرلمانات مهندسة للسلام، لا متفرجة على الحروب، والا يقتصر دورها على إقرار القوانين الداخلية فحسب، بل يمتد ايضا إلى مسؤولية أخلاقية وسياسية تتمثل في توجيه السياسة الخارجية والأمنية للحكومات نحو خفض التوترات، وتعزيز الحوار، ومنع النزاعات.
وأوضح نيكزاد أن “البرلمانات يجب أن تعزز أدواتها الرقابية، وتعقد جلسات علنية وشفافة لمراجعة القرارات الأمنية، وتُنشئ آليات ملزمة لمساءلة الحكومات عن التزاماتها تجاه حقوق الإنسان، والقانون الدولي، والمبادئ الإنسانية. فالسلام نتاج الإرادة والعمل، وليس مجرد شعار. ثانيا، يجب أن تكون البرلمانات سبّاقة للحكومات، لا مجرد تابعة لها”.
السلام والأمن ليسا سلعتين تُستوردان من الخارج
وأضاف نيكزاد: “إيران، باعتبارها حضارة عريقة وبلدا كان دائما على مر التاريخ رمزا للعيش السلمي المشترك، لديها رؤية واضحة في مجال السلام والأمن والتنمية. وتحت توجيهات القائد الحكيم للثورة الإسلامية، نسعى إلى سلام شامل ينبثق من مبادئ التوحيد، والكرامة الإنسانية، والسعي إلى حرية الشعوب الحرة في العالم.
واكد على ان إيران تؤمن أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا عبر العدالة، والاحترام المتبادل، والتعاون الشامل. ولطالما أيدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية السلام الدائم وعارضت أي نوع من الحرب.
وأشار نيكزاد إلى أن “عالمنا يمر بمنعطف تاريخي، حيث أدت السرعة المتسجدة للتحولات والتفاقم المتزايد للأزمات البنيوية إلى تغييرات عميقة في النظام الدولي”، مؤكدا على أن “أداء القوى المتدخلة كشف بوضوح ضعف المؤسسات الدولية وافتقارها إلى الاستقلالية. ”
واكمل ان “اليوم، وفي ظل صمت المؤسسات الدولية المخزي تجاه جريمة الحرب في غزة والعدوان العسكري على إيران في خضم المفاوضات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، أصبح العالم يدرك وبكل وضوح أن القانون الدولي، وخاصة قانون حقوق الإنسان، يُفسّر بشكل انتقائي من قبل بعض الدول، مثل الولايات المتحدة، ويتم الاستهانة به من قبل الكيان الصهيوني الإجرامي”.موضحا انه “لهذا السبب، نحن بحاجة اليوم إلى إعادة نظر جذرية وإعادة تعريف منهجياتنا”.
وراى نيكزاد على أن “السلام الناتج عن القوة والاحتلال والفصل العنصري ليس سلاما، بل هو فرض بالإكراه، ولا يمكن لأي أمة حرة أن تقبله. كما ان سياسات الكيان الصهيوني العدوانية للكيان هي العامل الحقيقي لهذا الوضع المأساوي. ومن العجيب أن الولايات المتحدة، التي كانت وراء اندلاع العديد من الحروب وداعمة لنشوء جماعات إرهابية مثل داعش، تريد اليوم أن تفرض السلام من خلال دعمها لمن بدأ الحرب! ”
وأوضح النائب الأول لرئيس البرلمان الإيراني: “السلام والأمن ليسا سلعتين تُستوردان من الخارج، ولا يمكن تحقيقهما عبر التدخلات العسكرية أو سياسات إشعال الحروب من قبل قوى خارجية. وإن أهم خطوة لإحلال السلام في غرب آسيا هي وقف تدخل دول مثل الولايات المتحدة”.
القضية الفلسطينية هي المعيار الحقيقي لاختبار صدق المجتمع الدولي في الدفاع عن حقوق الإنسان
وأكد نيكزاد أن “القضية الفلسطينية هي المعيار الحقيقي لاختبار صدق المجتمع الدولي في الدفاع عن حقوق الإنسان”، مضيفا:”في الوقت الذي تزعم فيه بعض القوى التمسك بحقوق الإنسان، نجدها إما شريكا في الجريمة، أومتواطئة صامتة راضخة تراقب الإبادة الجماعية والمجازر، بل وحتى الهدنة الحالية لم توقف مجازر الكيان الصهيوني”.
وأعلن أن “الجمهورية الإسلامية الايرانية تدعم كل مبادرة أو مسعى يؤدي إلى وقف الإبادة الجماعية كليا، إنهاء الاحتلال في غزة، انسحاب القوات المحتلة، واستعادة الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف. ومن وجهة نظر إيران، يجب أن يُقرّر مستقبل فلسطين عبر تصويت جميع السكان الأصليين لتلك الأرض”.
الامن مفهوم غير قابل للتجزئة
وأشار نيكزاد إلى أن “الأمن مفهوم غير قابل للتجزئة؛ فلا يمكن تأمين أمن دولة وضمانه على حساب أمن غيرها”.وتابع: “في مواجهتنا الباسلة لمدة 12 يوما ضد اعتداءات الكيان الصهيوني، أثبتنا أن كبح جماح هذا الكيان غير الشرعي لا يمكن أن يتم إلا بلغة القوة. فقد لجأ هذا الكيان إلى الوسطاء لطلب وقف إطلاق النار حين واجه تهديدا مباشرا بتدمير مناطقه المحتلة بالصواريخ الإيرانية الدقيقة”.
وأضاف أن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية، رغم عقود من الحصار والضغوط الظالمة وغير القانونية، استطاعت أن تسير بثبات في طريق التقدم والاقتدار، بالاعتماد على طاقاتها الوطنية، واستقلالها السياسي، ومواردها البشرية والعلمية. لقد أثبتنا أن الحصار الاقتصادي والضغوط السياسية لا تُجبر الشعوب على الركوع أو الاستسلام، وأن السبيل الوحيد لتحقيق الأمن المستدام هو الحوار، والاحترام المتبادل، والتعاون العادل بين الدول”.
وأكّد نيكزاد أن “زمن السعي للهيمنة قد ولّى، وأن سبب عداء أمريكا لنا بالذات هو رفضها أن يُقدّم نموذج دولة مستقلة لا تعتمد على القوى المهيمنة كمثال للعالم. ولذلك، فإن شعوب العالم أدركت جيدا أن الملف النووي ومختلف الادعاءات التي تطلقها أعداء إيران ليست سوى ذرائع واهية”.
وختم واصفا المؤتمر بأنه “فرصة فريدة لتقديم استجابة جماعية للتحديات العالمية”، مؤكدا على أن “الجمهورية الإسلامية الايرانية تؤيد بالكامل مبادرة مؤتمر رؤساء البرلمانات، وتعلن أن اعلان إسلام آباد يمكن أن يكون نموذجا لتعزيز السلام، والحوكمة الأخلاقية، والتنمية المستدامة، وتحديد دور فعّال للبرلمانات في تنفيذ استراتيجيات ملموسة لتحقيق الاستقرار”.
وفي نهاية كلمته، تم تكريم علي نيكزاد بدرع تذكاري من المؤتمر.