المجتمع بحاجة دائمًا إلى إشاعة ثقافة حسن الظن بين المكونات الاجتماعية المختلفة، وبين المؤمنين فيما بينهم، لما في ذلك من آثار إيجابية في تقوية العلاقات الأخوية بينهم، وإيجاد الأجواء الإيجابية في الوسط الاجتماعي العام، وإيجاد المناخ المناسب للتعايش والتسامح بين الناس. أما سوء الظن فآثاره السلبية كثيرة ومدمرة…
حسن الظن من أفضل السجايا الأخلاقية، وأحسن المزايا، وأجزل العطايا، وأقوى الهدايا المعنوية؛ وعلى الإنسان أن يُحسن الظن بمن حوله، وبإخوانه المؤمنين؛ حتى يحافظ على سلامة دينه، ويحوز على محبة الناس من حوله، ويريح قلبه.
ولحسن الظن كثير من الآثار الإيجابية سواء على صعيد الأفراد أم المجتمعات، وتنمية العلاقات البينية بين الناس، وقد حثَّ الإسلام على التحلي بحسن الظن تجاه المؤمنين، وحمل عمل المؤمن على الخير، وتجنب سوء الظن، واجتناب الظنون السيئة التي لا دليل قاطع عليها.
فقد روي عن رسول الله (ص) قوله: «اطلُبْ لأِخِيكَ عُذرًا، فَإنْ لَم تَجِدْ لَهُ عُذرًا فَالتَمِسْ لَهُ عُذرًا»، وعن أمير المؤمنين (ع): «لا تَظُنَّنَّ بكَلِمَةٍ خَرَجَت مِن أحَدٍ سُوءًا وأنتَ تَجِدُ لَها في الخَيرِ مُحتَملًا»، وهذا يعني حمل أي فعل أو قول على الخير، والبحث عن عذر أو احتمال يؤول الكلام أو الفعل على محمل الخير، وتغليب حسن الظن على سوئِه.
ويرى أمير المؤمنين (ع) أن سوء الظن يفسد العبادة، كما يقول (ع): «إيّاكَ أن تُسِيءَ الظَّنَّ؛ فإنّ سُوءَ الظَّنِّ يُفسِدُ العِبادَةَ»، كما أن سوء الظن يفسد الحياة، ويبعث على الشرور والفتن، ولذلك قال أمير المؤمنين (ع): «سُوءُ الظَّنِّ يُفسِدُ الأمورَ ويَبعَثُ على الشُّرورِ»، وعنه (ع) قال: «شَرُّ الناسِ مَن لا يَثِقُ بِأحَدٍ لِسُوءِ ظَنِّهِ، ولا يَثِقُ بهِ أحَدٌ لِسُوءِ فِعلِهِ».
أقسام سوء الظن
ينقسم سوء الظن إلى ثلاثة أقسام رئيسة، وهي:
1- سوء الظن بالله: وهو من أكبر الكبائر، فقد روي عن رسول الله (ص) قوله: «أكبَرُ الكبائرِ سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ»، بينما حسن الظن بالله تعالى من العبادة؛ فقد روي عن رسول الله (ص) قوله: «حُسنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ مِن عِبادَةِ اللَّهِ تعالى»، وقوله (صلى الله عليه وآله): «لا يَمُوتَنَّ أحَدُكُم حَتّى يَحسُنَ ظَنُّهُ بِاللَّهِ عَزَّ وجلَّ؛ فإنَّ حُسنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ عَزَّ وجلَّ ثَمَنُ الجَنَّةِ»
2- سوء الظن بالناس: وهو محل الكلام في هذا المقال.
3- سوء الظن بالنفس: وهو أمر مرغوب ومطلوب حتى يحترس الإنسان من العُجب بنفسه، ويعمل على اتهام نفسه حتى يصلحها ويهذبها.
.
الحاجة إلى حسن الظن
إن المجتمع بحاجة دائمًا إلى إشاعة ثقافة حسن الظن بين المكونات الاجتماعية المختلفة، وبين المؤمنين فيما بينهم، لما في ذلك من آثار إيجابية في تقوية العلاقات الأخوية بينهم، وإيجاد الأجواء الإيجابية في الوسط الاجتماعي العام، وإيجاد المناخ المناسب للتعايش والتسامح بين الناس.
أما سوء الظن فآثاره السلبية كثيرة ومدمرة؛ فكم فسدت من العلاقات بين الأصدقاء بسبب سوء الظن!
وكم تنكدت حياة أسر وعوائل بسبب سوء الظن!
وكم وجدت من الفتن والأحقاد والضغائن بسبب سوء الظن!
وكم تباعدت القلوب عن بعضها وتشاحنت النفوس فيما بينها بسبب سوء الظن!
وكم… وكم… من الآثار السلبية والمدمرة لوحدة المجتمع وتماسك الناس بسبب سوء الظن!
أما حسن الظن فهي القاعدة الإسلامية التي يدعو إليها الإسلام في بناء العلاقات بين المؤمنين، وفي تقوية أواصر المحبة والمودة بين الناس، وفي إشاعة الروح الإيجابية بين العاملين في خدمة المجتمع.
إن علينا دائمًا أن نغلِّب حسن الظن على سوء الظن، وحمل عمل المسلم على الصحة، والأخذ بصلاح الظاهر، والابتعاد عن الظنون السيئة، لأن بعضها إثم: (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ).