تحرير مدينة سوسنكرد من المشاهد الخالدة في الدفاع المقدس. في التقويم الوطني، يوم 26 آبان 1359 هـ.ش الموافق 17 نوفمبر 1980 م، يذكّرنا بأحد الأحداث العظيمة في تاريخ الدفاع المقدس وصمود الشعب الإيراني المقاوم.
يوم لا يُنسى ومهم للغاية في تاريخ إيران المعاصر. في هذا اليوم، سوسنكرد، رمز المقاومة والدفاع، جنت ثمار صمودها في مواجهة المعتدي. هذا اليوم يحكي عن بطولة وصمود الوحدات المشتركة من الجيش والحرس الثوري والقوات الشعبية من رجال ونساء، في مواجهة الهجوم على أرض سوسنكرد.
تحرير سوسنكرد
عملية تحرير سوسنكرد جاءت بعد أمر الإمام الخميني(قدس) بضرورة تحرير المدينة في اليوم التالي، وبفضل التدبير والإدارة الفريدة لقائد الثورة الإسلامية (الذي كان آنذاك عضواً في المجلس الأعلى للدفاع)، حيث تحققت العملية بقيادة مشتركة من الجيش والحرس الثوري، وببطولات رجال عظام مثل الشهيد مصطفى شمران، وصمود المجاهدين والقوات الشعبية حتى تحقق النصر.
وغداً الإثنين يصادف ذكرى تحرير هذه المدينة الصامدة، ومن جانب آخر نحن في أسبوع الكتاب الإيراني، حيث نشهد فعاليات ثقافية متنوعة في هذا المجال. وبمناسبة هذه الذكرى، نستعرض مجموعة من الكتب التي تناولت أحداث سوسنكرد ومدافعيها، لتبقى الذاكرة حيّة في وجدان الأجيال.
«المقاومة في سوسنكرد»
كتاب «مقاومت در سوسنكرد» أي «المقاومة في سوسنكرد»؛ من تأليف «سيد قاسم ياحسيني»، ويضم ذكريات علي بالشي، عضو مجلس القيادة وقائد عمليات الحرس الثوري في سوسنكرد، في أحد عشر فصلاً، وفي نهاية الكتاب نُشرت صور لهذا القائد.
الكتاب يسلّط الضوء على جانب من البطولات الخالدة والمشرّفة لشعب سوسنكرد العربي وأهالي دشت آزادكان في مواجهة قوات صدام المقبور. هؤلاء الذين لم ينخدعوا أبداً بالدعايات المضللة، بل دافعوا بكل قوتهم عن أرض إيران، وأجبروا العدو في النهاية على الخروج من ترابهم.
«قطعة من السماء؛ سوسنكرد»
كتاب «قطعهای از آسمان؛ سوسنكرد» أي «قطعة من السماء؛ سوسنكرد» من تأليف كُلعلي بابائي. «قطعة من السماء» سلسلة كتب تهدف إلى التعريف بالمناطق المتضررة من الحرب المفروضة. كل كتاب منها يُعد بمثابة بطاقة تعريف موجزة ونافعة لمنطقة معينة. يبدأ المؤلف بسرد تاريخ المنطقة، ثم يروي أحداث الدفاع المقدس فيها. ومن أبرز خصائص هذه السلسلة، سرد ذكريات صانعي التاريخ بلغة بسيطة. قراءة هذه الكتب مفيدة لعشاق تاريخ الدفاع المقدس ولمن يرغب بزيارة هذه المناطق، وحتى لمن لا يستطيع السفر إليها، إذ إن الوصف في هذه الكتب شامل ويقرب القارئ من الأجواء.
«روح ملائكة سوسنكرد»
كتاب «روح فرشتكان سوسنكرد» أي «روح ملائكة سوسنكرد»، ألّفه الفريق سيد حسن فيروزآبادي، هذا الكتاب بالإعتماد على ذكريات قائد الثورة الإسلامية، ورسائل وخاطرات القادة حول تحرير سوسنكرد. الكتاب يقدّم وصفاً كاملاً للعملية التي أنهت حصار سوسنكرد، مع تفاصيل الأسماء، والجبهات، وطرق التحرك، ونوع العمليات، وتضحيات القادة والمناضلين. وفي نهايته، أُدرجت رسائل قائد الثورة الإسلامية الخاصة بإرسال القوات.
«مذكّرات سوسنكرد»
كتاب «یادداشتهای سوسنكرد» أي «مذكّرات سوسنكرد» كتاب عن يوميات الشهيد غلامرضا صادقزاده، حيث دوّن الأحداث بدقة مع ذكر الوقت والمكان. رغم أن كتابة اليوميات لم تعد شائعة اليوم، إلا أنها كانت منتشرة سابقاً، ومنها ما بقي من فترة الدفاع المقدس. بعض الأسرى كتبوا يومياتهم سراً، وبعض المناضلين والشهداء سجّلوا لحظات الحرب المفروضة. الشهيد صادقزاده استشهد بتفكيك لغم وإنفجاره، ويومياته تنقل القارئ مباشرة إلى الجبهات، وتكشف عن روحه الشاعرية الرقيقة رغم عمله في تفكيك الألغام، والكتاب يبدأ بسيرته ووصيته، ثم يومياته.
«المرايا المقابلة»
كتاب «آینههاي روبرو» أي «المرايا المقابلة»، من تأليف قاسم یاحسيني، ويوضح، أن مقاومة الشعب الإيراني اليوم هي امتداد لعزة الشهداء والمضحين في الدفاع المقدس، وخاصة أبطال الجنوب. يتناول الكتاب حياة واستشهاد النساء الشهيدات في سوسنكرد، ويعرض 12 قصة مع بيانات 256 شهيدة. مثال: عن الشهيدة فرح سياحي، يروي الكتاب أنها استشهدت في انفجار صاروخ عام 1984م، وأن ذكراها ما زالت حيّة كفضيحة للعدو المعتدي.
«سوسنكرد بدلاً من مانشستر»
كتاب «سوسنكرد به جاي منجستر» أي «سوسنكرد بدلاً من مانشستر» يروي حياة الشهيد أکبر جهرقاني، الذي ترك دراسته في بريطانيا وحياته الغربية، والتحق بالدكتور مصطفى شمران في الجبهات. كان من النخب المبدعة في الحرب غير النظامية، واستشهد بجوار شمران في ليلة عاشوراء من الشهر الأول للحرب المفروضة. الكتاب يتضمن شهادات عائلته ورفاقه، ويذكر أن قائد الثورة الإسلامية كان قريباً منه وشجّعه على الزواج، وروى ذكريات ليلة عملية سوسنكرد حيث استشهد جهرقاني.
«تاو»
كتاب «تاو» من تأليف أبوالفضل عالمي، يروي قصة أربعة مناضلين، هم: سيد أبوالفضل مرتضوي، نعمت تولائي، بهرام عالمي، محمدحسين خسروي، الذين توجهوا إلى جبهة سوسنكرد. يتناول الكتاب كيف أصبحوا طاقم صواريخ تاو، دخولهم سوسنكرد، دهاء الدكتور شمران، وتفاصيل أولى مهماتهم. كما يروي أحداث ما بعد كسر الحصار، ونفاد الصواريخ، وكيفية استمرار النضال. الكتاب يضم ملاحق مثل كتابات الدكتور شمران في سوسنكرد، ذكريات قائد الثورة الإسلامية عن المعركة، كلمات الإمام الخميني(قدس) في لقاء عشائر «دشت آزادكان»، وصور.
ملحمة إنسانية وثقافية
إن ذكرى تحرير سوسنكرد ليست مجرد حدث عسكري، بل هي ملحمة إنسانية وثقافية تعكس إرادة شعب رفض الاستسلام أمام العدوان. والكتب التي تناولت هذه الواقعة التاريخية، تُعيد إلينا تفاصيل البطولة والفداء، وتُبقي أسماء الشهداء والمجاهدين حيّة في الذاكرة الوطنية. فقراءة هذه الأعمال ليست فقط استذكاراً للماضي، بل هي أيضاً إلهام للحاضر والمستقبل، كي يبقى درب المقاومة والصمود منارة للأجيال القادمة.