وملتقى لمصالح أربعة لاعبين رئيسيين في المنطقة

ميناء جابهار.. بوّابة النظام الاقتصادي الأوراسي الجديد

في ظل التطورات الجيوسياسية العالمية وتغير طرق التجارة التقليدية، أصبح ميناء جابهار (جنوب شرق إيران) مركزًا لتكتل تجاري جديد بين إيران والهند وروسيا ودول آسيا الوسطى؛ تكتل من شأنه أن يُحدث نقلة نوعية في الاقتصاد الأوراسي.

أحدثت التطورات الجديدة في مجال التجارة العالمية والترانزيت تحولًا في الوجه الجيوسياسي لأوراسيا. ففي ظل ضغوط الحروب والعقوبات العالمية وانعدام الأمن على طرق النقل التقليدية، أصبح ميناء جابهار بوابة استراتيجية لإعادة تعريف طرق التجارة الآسيوية.

 

وأصبح هذا الميناء الآن ملتقى لمصالح أربعة لاعبين رئيسيين في المنطقة وهم إيران والهند وروسيا ودول آسيا الوسطى. وقد عزز تمديد الحكومة الأمريكية مؤخرًا لإعفاء ميناء جابهار من العقوبات حضور الهند النشط في هذا الميناء، وفتح الطريق أمام توسيع التعاون متعدد الأطراف.

 

ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام الاقتصادية الهندية، تمكنت نيودلهي من تمديد ترخيصها لمواصلة أنشطتها لمدة ستة أشهر أخرى، وهي خطوة ستسمح للهند بمواصلة مشاريعها التنموية بموجب عقد مدته عشر سنوات لتشغيل الميناء.

 

منذ عام 2016 وحتى الآن، تم تطوير ميناء جابهار في إطار اتفاقية ثلاثية بين إيران والهند وأفغانستان.

 

ومع انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) وعودة العقوبات، تمكنت الهند من مواصلة أنشطتها بسبب حصولها على إعفاء خاص.

 

بالإضافة إلى كونه طريقًا لإرسال المساعدات الإنسانية الهندية إلى أفغانستان، يلعب هذا الميناء دورًا رئيسيًا في ربط الهند بآسيا الوسطى وروسيا وهو جزء من استراتيجية نيودلهي الكبرى في مشروعي ماهاساجار وساغرمالا 2.0 البحريين.

 

من ناحية أخرى، تسعى دول آسيا الوسطى بما في ذلك أوزبكستان وكازاخستان وطاجيكستان أيضًا إلى استخدام طريق جابهار لتقليل اعتمادها على شبكات الشحن التي تسيطر عليها الصين.

 

وفي هذا الصدد، استضافت طهران اجتماعًا ثلاثيًا لإيران والهند وأوزبكستان الشهر الماضي يُعتبر الخطوة الرسمية الأولى نحو التنسيق العملي في الاستفادة من قدرات جابهار وممر الشمال – الجنوب الدولي.

 

بربطه موانئ إيران الجنوبية بروسيا ثم بأوروبا، يُعتبر هذا الممر طريقًا بديلًا لقناة السويس ومبادرة “حزام واحد.. طريق واحد” الصينية.

 

في الوقت نفسه، تُبدي روسيا، في أعقاب العقوبات الغربية والحرب في أوكرانيا، اهتمامًا أيضًا بطرق شحن بديلة في الجنوب، وتسعى إلى توسيع نطاق طريقها إلى جابهار عبر شبكة السكك الحديدية في كازاخستان وأوزبكستان.

 

تُمهّد هذه العملية الطريق عمليًا لتشكيل كتلة تجارية أوراسية تتمحور حول إيران؛ كتلة يُمكنها الارتقاء بمكانة البلاد من طريق عبور محلي إلى مركز استراتيجي في التجارة الإقليمية.

 

يعتقد الخبراء أن جابهار سيتجاوز دور الميناء البسيط، وسيُصبح حلقة وصل بين الشرق والغرب، وشمال وجنوب أوراسيا.

 

ويعتقد المحللون أنه إذا استطاعت إيران تعديل سياساتها اللوجستية والترانزيتية بسرعة أكبر، بالتنسيق مع الهند وروسيا، فلن يقتصر الأمر على ترسيخ مكانتها في النظام الاقتصادي الجديد للمنطقة فحسب، بل ستتمكن أيضًا من اكتساب دور قيادي في الكتلة التجارية الأوراسية.

 

في الوقت الذي تسعى فيه العديد من الدول إلى مسارات مستقلة عن الغرب والشرق، قد يكون ميناء جابهار بمثابة حلقة الوصل الذهبية التي تضع إيران في قلب النظام التجاري العالمي الجديد؛ وهي فرصة تاريخية سيعني ضياعها فقدان إيران لموقعها الاستراتيجي في الخارطة الاقتصادية الإقليمية الجديدة.

 

 

المصدر: فارس

الاخبار ذات الصلة