النوم بالنسبة للأطفال ليس رفاهية بل هو حاجة حيوية أساسية مثل الطعام والماء تماماً، فخلال ساعات النوم ينمو الجسم ويتجدد الدماغ وتُبنى الذاكرة، ويستعيد الطفل طاقته من جديد. ومع ذلك يعاني كثير من الأطفال اليوم من قلة النوم بسبب نمط الحياة السريع والأجهزة الإلكترونية والعادات غير الصحية.
أن قلة نوم الطفل ليست مجرد تعب عابر، ويمكن أن تؤثر بشكل عميق في النمو الجسدي والنفسي والعقلي للطفل، ما يبدو أثره لاحقاً على الطفل.
لماذا يحتاج الطفل إلى النوم؟
يحتاج الطفل إلى عدد ساعات محددة من النوم تختلف حسب العمر؛ فالمواليد الجدد ينامون أكثر من ست عشرة ساعة يومياً، بينما يحتاج الطفل في سن المدرسة من تسع إلى إحدى عشرة ساعة في الليلة.
هذا الوقت الطويل ضروري لأن الجسم يفرز أثناء النوم هرمون النمو المسؤول عن الطول وتطور العظام، كما ينشط جهاز المناعة وتُرتب المعلومات التي اكتسبها الطفل خلال يومه.
النوم هو الوقت الذي يتوقف فيه الجسم عن العمل الخارجي، لكنه في داخل الجسم يشتغل بكفاءة عالية لإصلاح الخلايا وتنشيط الذاكرة وضبط الهرمونات.
عادات النوم الصحية للأطفال ترتبط بنموهم السليم..تابعي خطوات التطبيق
نتائج عدم كفاية نوم الطفل
عندما لا يحصل الطفل على قدر كافٍ من النوم تبدأ سلسلة من التغيرات السلبية تظهر عليه تدريجياً منها:
يتحول الطفل إلى شخص سريع الغضب؛ يبكي لأسباب بسيطة ويثور بلا مبرر.
يفقد القدرة على التركيز في المدرسة، ويصبح مستواه الدراسي أضعف.
تضعف ذاكرته قصيرة المدى فلا يستطيع تذكّر الدروس بسهولة.
يصبح أكثر عرضة للعدوى بسبب تراجع كفاءة جهاز المناعة.
يزداد وزنه لأن قلة النوم تُخلّ بتوازن هرموني الشبع والجوع.
الأطفال الذين ينامون أقل من سبع ساعات في الليلة، أكثر عرضة للإصابة بالسمنة ومشكلات الانتباه ونوبات القلق.
علاقة تربط بين النوم ونمو الدماغ
خلال النوم العميق يمر دماغ الطفل بمرحلة مهمة جداً من إعادة الترتيب والتخزين؛ إذ يُعيد تنظيم المعلومات التي تعلمها خلال النهار في ذاكرة طويلة المدى.
ويقوم بإزالة ما هو غير ضروري، كما يتم في هذه المرحلة بناء الوصلات العصبية التي تساعد على تطور اللغة والتركيز والخيال.
لذلك فإن الطفل الذي ينام بانتظام يمتلك قدرة أعلى على الفهم والاستيعاب والابتكار، عكس الطفل الذي يسهر فهو يعاني كثيراً من تشتت الانتباه وصعوبة الفهم وضعف الإبداع.
الشاشات أحد أسباب اضطراب النوم
يعد الإفراط في استخدام الأجهزة الذكية وشاشات الهواتف والتلفاز والألعاب الإلكترونية من أبرز أسباب قلة النوم؛ حيث تُصدر ضوءاً أزرق يؤثر على هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم، وهذا الضوء يخدع دماغ الطفل فيظن أنه ما زال في وضح النهار فيتأخر دخوله في النوم.
كما أن الألعاب الإلكترونية تثير الجهاز العصبي وتزيد من إفراز الأدرينالين التي تجعل الطفل في حالة نشاط مفرط تمنعه من الاسترخاء، لهذا ينصح الخبراء بمنع استخدام الأجهزة قبل النوم بساعة على الأقل، وتشجيع الطفل على القراءة أو الاستماع إلى موسيقى هادئة بدلاً من ذلك.
النوم والنمو الجسدي
خلال ساعات النوم العميق يفرز الجسم هرمون النمو الذي يساعد في بناء العظام والعضلات والأعضاء الداخلية، و إذا حُرم الطفل من النوم الكافي فإن معدل هذا الهرمون يقل مما يؤثر على طوله وتطوره البدني على المدى الطويل.
كما أن النوم يعيد شحن الجهاز المناعي فيحمي الطفل من العدوى المتكررة؛ مثل نزلات البرد والالتهابات المتكررة، ولهذا كثيراً ما نلاحظ أن الطفل الذي لا ينام جيداً يُصاب بالأمراض أكثر من غيره.
علاقة قلة النوم بالسلوك العدواني
النوم يؤثر أيضاً على الحالة النفسية للأطفال؛ فهو ينظم هرمونات المزاج مثل السيروتونين والدوبامين التي تجعل الطفل أكثر سعادة وهدوءاً.
بينما تؤدي قلة النوم إلى زيادة هرمون الكورتيزول المسؤول عن التوتر فيصبح الطفل أكثر قلقاً وأقل قدرة على التعامل مع الضغوط اليومية.
تُظهر الدراسات أن الأطفال المحرومين من النوم يعانون من اضطرابات سلوكية مثل العدوانية والعناد الزائد والتشتت.
كما يتأثر توازنهم العاطفي؛ فيميلون إلى الغضب السريع والبكاء من دون سبب واضح، ويرجع ذلك إلى أن قلة النوم تؤثر على الفص الأمامي للدماغ المسؤول عن ضبط الانفعالات.
النوم الكافي إذن ليس فقط راحة للجسد بل هو أيضاً وقاية للنفس والعقل.