ويأتي هذا في وقت لا تزال فيه معاناة الغزيين متجددة، لاسيما النازحين من سكان الخيام، وذلك مع بدء هطول الأمطار واقتراب دخول فصل الشتاء.
سياسياً، دعت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” الدول الضامنة للاتفاق إلى الضغط على حكومة الاحتلال الصهيوني للالتزام بالبروتوكول الإنساني وسط تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة. في حين قالت الفصائل والقوى الفلسطينية إنها ترفض أي وصاية أو وجود عسكري أجنبي أو قواعد دولية داخل قطاع غزة، مؤكدة أن ذلك يمثل مساساً مباشراً بالسيادة الوطنية.
*جيش الاحتلال يواصل خرق وقف إطلاق النار
يواصل جيش الاحتلال الصهيوني خرق وقف إطلاق النار عبر غارات مركّزة وعمليات نسف وتدمير خلف ما يُعرف بالخط الأصفر في قطاع غزة، في وقت يعيش فيه النازحون واحدة من أقسى موجات البرد منذ بدء حرب الإبادة.
فمع ساعات الصباح الأولى، شنّت الطائرات الحربية الصهيونية ثلاث غارات متتالية شرقي خان يونس، ترافقت مع قصف مدفعي مكثّف وإطلاق نار من الدبابات، بينما نفّذت قوات الاحتلال عملية نسف لعدد من المباني في حيّ الشجاعية شرقي مدينة غزة، في سلسلة اعتداءات مستمرة منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ورغم الهدنة، يواصل الاحتلال سياسة “التدمير البطيء” لما تبقّى من مبانٍ خلف الخط الأصفر، في محاولة لتغيير الوقائع الميدانية وفرض أمر واقع جديد على سكان القطاع.
ومنذ الإعلان عن دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يواصل جيش الاحتلال عمليات النسف والتدمير لما تبقى من مبان خلف الخط الأصفر.
*شتاء قاس على النازحين
وفي الجانب الإنساني، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” من تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية في قطاع غزة، مؤكدة أن الأطفال باتوا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض في ظل ظروف النزوح القاسية.
وأشارت المنظمة إلى أن آلاف العائلات تقيم في خيام غير مؤهلة لمواجهة الأمطار الغزيرة والبرد القارس، في وقت لا تزال المساعدات الإنسانية التي أعدتها اليونيسيف خارج القطاع بانتظار الموافقات الإسرائيلية لدخول غزة.
ويعيش النازحون الفلسطينيون في ظروف مأساوية، حيث تنعدم مقومات الحياة الأساسية داخل الخيام، وسط استمرار الاحتلال في منع إدخال المنازل المتنقلة والمستلزمات الضرورية لتجهيز أماكن الإيواء.
وتتفاقم معاناة النازحين مع تأثيرات المنخفض الجوي الذي ضرب القطاع، ولا سيما في منطقة المواصي الساحلية غربي خان يونس، والتي تضم أكبر تجمّع للنازحين.
وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي بأن نحو 93% من الخيام التي تؤوي الأسر قد تضررت بفعل الأمطار، مما أدى إلى تشريد آلاف العائلات في العراء.
*تطورات ميدانية
في غضون ذلك، أفاد مصدر طبي في المستشفى المعمداني بمدينة غزة باستشهاد فلسطيني وإصابة آخرين جراء قصف صهيوني استهدف منطقة الشعف في حي التفاح شمال شرقي المدينة.
ووفق شهود عيان، فإن القصف طال مجموعة من الفلسطينيين أثناء محاولتهم الوصول إلى منازلهم المدمرة خلف الخط الأصفر بحثا عن ملابس شتوية.
وفي تقريرها اليومي، قالت وزارة الصحة في غزة إن مستشفيات القطاع استقبلت خلال الساعات الـ24 الماضية 17 شهيدا -منهم اثنان برصاص الاحتلال الصهيوني- و15 جثة تم انتشالها من تحت الأنقاض، في حين لا تزال فرق الإنقاذ عاجزة عن الوصول إلى عدد من الضحايا تحت الأنقاض.
وذكرت الوزارة أن عدد الشهداء منذ بدء قوات الاحتلال حرب الإبادة على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ارتفع إلى 69 ألفا و483 شهيدا، في حين بلغ عدد الجرحى 170 ألفا و706.
ومنذ بدء وقف إطلاق النار الأخير في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2025 تم تسجيل 266 شهيدا و635 إصابة، بالإضافة إلى انتشال 548 جثة من تحت الركام.
*حماس تدعو للضغط على الإحتلال لإنهاء الحصار
من جهتها، دعت حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين، حماس، يوم الاثنين، الأمة العربية وأحرار العالم إلى تكثيف الحراك الدولي للضغط على الاحتلال الصهيوني وداعميه لوقف اعتداءاته، وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزّة وفتح المعابر الإنسانية.
وأكدت الحركة أن الوضع الإنساني المتفاقم في القطاع يتطلب تحركاً عاجلاً لإنقاذ المدنيين وإدخال المساعدات والخيام والبيوت الجاهزة.
وحمّلت حماس الاحتلال الصهيوني المسؤولية الكاملة عن استمرار خروقاته لاتفاق إنهاء الحرب، وتصعيد عدوانه ضدّ المدنيين، واستمرار إغلاق المعابر، ومنع وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية.
وناشدت الحركة الدول الضامنة للاتفاق إلى ممارسة الضغط على الاحتلال لإلزامه بتنفيذ البروتوكول الإنساني، وفتح المعابر، وعلى رأسها معبر رفح، لدخول المساعدات الطبية والإغاثية والخيام ومستلزمات الإيواء الطارئ، والسماح بخروج المرضى وتحرك الأفراد في الاتجاهين.
*الفصائل الفلسطينية تنتقد مشروع القرار الأميركي
بدورها، قالت الفصائل والقوى الفلسطينية إنها ترفض أي وصاية أو وجود عسكري أجنبي أو قواعد دولية داخل قطاع غزة، مؤكدة أن ذلك يمثل مساسا مباشرا بالسيادة الوطنية.
وفي بيان صدر مساء الأحد، انتقدت الفصائل مشروع القرار الأميركي المطروح للتصويت في مجلس الأمن، وقالت إنه ينطوي على خطورة، إذ يمهد لهيمنة خارجية على القرار الوطني الفلسطيني.
وأضافت الفصائل أن مشروع القرار يُحوّل إدارة قطاع غزة والإعمار إلى جهة دولية فوق وطنية بما يجرّد الفلسطينيين من حقهم في إدارة شؤونهم، كما أكدت أن مشروع قرار إنشاء قوة دولية في القطاع يسعى لفرض وصاية دولية على غزة وتمرير رؤية منحازة.
ونبهت الفصائل والقوى الفلسطينية إلى أن أي جهد إنساني يجب أن يدار عبر المؤسسات الفلسطينية المختصة بإشراف الأمم المتحدة.
ورفض البيان أي بند يتعلق بنزع سلاح غزة أو المساس بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة، مؤكدا أن أي نقاش بخصوص السلاح يجب أن يبقى شأنا وطنيا مرتبطا بمسار سياسي يضمن إنهاء الاحتلال.