على أعتاب استضافتها مؤتمراً دولياً للاستثمار

أردبيل.. بوّابة إيران إلى أسواق القوقاز وأوراسيا

تُعدّ محافظة أردبيل إحدى أهم المناطق الحدودية في شمال غرب البلاد، وبوابة الوصول إلى أسواق القوقاز والاتحاد الاقتصادي الأوراسي البالغ عددها 400 مليون نسمة؛ وفي حال استغلال هذه الفرصة بالكامل، يمكن أن تتحول إلى جنّة للمنتجين والتجار والمصدّرين الإيرانيين.

إنّ موقع أردبيل على شريط حدودي يبلغ 369 كيلومتراً مجاوراً لجمهورية أذربيجان، وقربها من موانئ شرق بحر قزوين ومسارات النقل الشمال-الجنوب، قد جعلها نقطة استراتيجية لتطوير التجارة عبر الحدود.

 

ويُعدّ معبر “بيله‌سوار مغان” أحد أكثر الجمارك نشاطاً في شمال غرب البلاد، وبوابة التصدير الرئيسية للمنتجات الإيرانية إلى أسواق القوقاز (جمهوريات أذربيجان وأرمينيا وجورجيا وجزء من روسيا)، وقد ضاعف تفعيل المنطقة التجارية والصناعية الحرة في المحافظة على هذا المعبر الميزة الاقتصادية لهذا الجزء من حدود البلاد.

 

ومنذ العقد الأول بعد الألفين فصاعداً، مع تطوير جمرك “بيله‌سوار” وإنشاء محطات حدودية وتحسين البنى التحتية للنقل، دخلت التجارة الحدودية في أردبيل مرحلة جديدة، وزادت صادرات المنتجات الزراعية ومواد البناء ومنتجات الألبان والمعدات الصناعية إلى جمهورية أذربيجان، وتحولت أردبيل إلى أحد المسارات الرسمية للصادرات غير النفطية في البلاد.

 

وأكد محافظ أردبيل، مسعود إمامي يكانه، مراراً إلى الموقع الحدودي للمحافظة، وقال: يجب استغلال فرصة الوصول إلى سوق يضم 400 مليون نسمة في أذربيجان وروسيا ودول الاتحاد الأوراسي ومنطقة القوقاز على النحو الأمثل، وأن المنطقة الحرة في أردبيل على الشريط الحدودي للمحافظة، رغم كونها إحدى أصغر المناطق الحرة في البلاد، ستكون من أكثرها موهبة وإمكانيات.

 

فرص تصديرية متنوعة

 

بحسب الخبراء، تشكل الصناعات الغذائية، ومواد البناء، والمنتجات الزراعية والحيوانية، وصناعات الخشب، والخدمات الفنية والهندسية، فرصاً تصديرية يمكنها، إلى جانب منطقة قوقاز، الاستحواذ على حصة من أسواق دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بما فيها روسيا، وبيلاروسيا، وقازاخستان، وقرغيزستان، وأرمينيا.

 

وخطا المصدّرون في أردبيل، خلال السنوات الأخيرة، خطوات هامة لتواجدهم في الأسواق عبر الحدود، بما في ذلك أسواق باكو وتبليسي ويريفان، ومع وجود القيود الناتجة عن العقوبات والتقلبات النقدية، فإن زيادة التواصل بين غرف التجارة في أردبيل ونظيراتها القوقازية يُعدّ مؤشراً على ديناميكية متسارعة في الدبلوماسية الاقتصادية الإقليمية.

 

وبهذا الصدد، قال مديرعام جمرك “بيله‌سوار مغان”: يلعب هذا الجمرك، بوصفه محطة حدودية نشطة في المحافظة، دوراً محورياً في تصدير المنتجات الزراعية والصناعية والحيوانية، وبفضل تطوير البنى التحتية أصبح جاهزاً لاستيعاب حجم كبير من التبادلات التجارية، حيث بلغت الصادرات عبر محطة بيله‌سوار الحدودية خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 328/386 طناً من البضائع والشحنات، بزيادة قدرها 3% مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.

 

تنوع المناخ، والجودة العالية، والأسعار التنافسية لمنتجات أردبيل تشكل ورقة رابحة لتوسيع الصادرات في هذه المنطقة الاقتصادية القيمة. وبحسب إعلان منظمة الجهاد الزراعي في المحافظة، فإن أردبيل تمثل أقل من 1% من مساحة إيران؛ لكنها تساهم بـ4% من الإنتاج الزراعي الوطني من خلال إنتاج سنوي يبلغ 5/4 مليون طن من مختلف المنتجات الزراعية.

 

ويُزرع 750 ألف هكتار من أراضي المحافظة، وتساهم بأكثر من 400 ألف طن من القمح، و750 ألف طن من البطاطس، و450 ألف طن من منتجات البستنة المتنوعة، مما يمنحها حصة كبيرة في تلبية احتياجات البلاد من المنتجات الزراعية.

 

وبشأن القدرات الزراعية في المحافظة، قال محافظ أردبيل: تحتل المحافظة مراكز من الأول إلى السابع على المستوى الوطني في 12 منتجاً هاماً واستراتيجياً، ويتم إنتاج 100% من بذور بنجر السكر وبذور الذرة في البلاد فيها.

 

وأضاف إمامي يكانه: تبلغ القيمة المضافة في قطاع الزراعة حالياً نحو 18%، وهو رقم غير مقبول مقارنة بالقدرات المتاحة، ويجب التحرك نحو إنتاج منتجات البستنة والحقلية ذات القيمة المضافة العالية، مع الاستفادة من التقنيات القائمة على المعرفة.

 

تسهيل العلاقات التجارية والبنى التحتية الحدودية

 

شهدت السنوات الأخيرة عقد اجتماعات مشتركة بين مسؤولي أردبيل وجمهورية أذربيجان بهدف تسهيل التنقل، وخفض التعرفات، وتطوير التجارة الإقليمية، مما أدى استمرار التعاون إلى زيادة حجم التبادلات وتوسيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

 

ويُعدّ تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وتفعيل المناطق الاقتصادية الخاصة في بيله‌سوار وبارس‌آباد، من البرامج الرئيسية في مسار تطوير العلاقات التجارية لأردبيل مع جيرانها الشماليين.

 

وتم تحقيق ديناميكية في الدبلوماسية الحدودية من خلال الاجتماعات المشتركة مع الجانب الأذربيجاني لتفعيل المستودعات، وتسهيل إجراءات التخليص الجمركي، وتطوير النقل الدولي، وقد طرح محافظ أردبيل خلال زيارته لجمهورية أذربيجان موضوع القدرات الحدودية وضرورة الاستفادة الاقتصادية منها.

 

وبحسب إمامي يكانه، تتواصل المشاورات، وفي القريب العاجل، وبحضور مسؤولين من جمهورية أذربيجان في “بيله‌سوار مغان”، ستستمر المحادثات حول إنشاء تجارة حدودية بين الجانبين، خاصة في قرية “آزادلو” الحدودية.

 

ويرى الخبراء أن استكمال البنى التحتية للنقل السككي وتطوير محطات الشحن الحدودية يمكن أن يرفع حجم صادرات المحافظة من مستواها الحالي إلى أضعاف مضاعفة، وتؤكد زيارات مديري المحافظة على اقتراب اكتمال مشروع سكة حديد أردبيل – ميانه.

 

وقال نائب وزير الطرق والتنمية الحضرية والمدير التنفيذي لشركة بناء وتطوير البنى التحتية للنقل مؤخراً خلال زيارته لهذا المشروع الكبير: لم يعق نقص التمويل إتمام سكة حديد أردبيل – ميانه، وسيتم تشغيل هذا المشروع العملاق هذا العام وفقاً للجدول الزمني المحدد.

 

آفاق التجارة عبر الحدود

 

يعتقد الخبراء الاقتصاديون أن أردبيل، بفضل الروابط الثقافية واللغوية المشتركة مع جمهورية أذربيجان والقوقاز الجنوبي، قادرة على أن تصبح محور التفاعل الاقتصادي المشترك لشمال غرب إيران وسوق القوقاز وأوراسيا البالغ 400 مليون نسمة.

 

تحقيق هذه القدرة يتطلب رؤية عابرة للحدود، والاستثمار في البنى التحتية، واستمرار السياسات الداعمة للصادرات، ويمكن للقطاع الخاص في المحافظة، بدعم الحكومة والتسهيلات الجمركية، أن يلعب دوراً حاسماً في فتح مسار مستقبل تجارة إيران مع أوراسيا وقوقاز.

 

جذب الاستثمارات في الصناعات الغذائية والتحويلية والتكميلية يُعدّ موضوعاً آخر يتابعه مديرو محافظة أردبيل بجدية، وقد خصصت الحكومة، بهدف استكمال سلسلة القيمة للمنتجات الزراعية والمعدنية، تسهيلات خاصة للمستثمرين المحليين والأجانب.

 

وستستضيف محافظة أردبيل، غداً الأربعاء إلى الجمعة (4 – 7 ديسمبر)، مؤتمراً دولياً للاستثمار بحضور سفراء ومستثمرين من دول المنطقة وناشطين اقتصاديين محليين، بهدف تقديم 208 فرصة استثمارية، واستقطاب المستثمرين والرياديين الكبار إلى المحافظة، وتهيئة أرضية للتنمية الشاملة.

 

لا شك أن توجيه الشركات القابضة والشركات الكبرى والمستثمرين الناجحين نحو محافظة أردبيل يمكنه تفعيل هذه البوابة الذهبية إلى الأسواق الخارجية بشكل أكبر، وأن يجعل هذا الحد الغني بالفرص، إلى جانب محافظة أردبيل الحدودية، مصدراً وفيراً للعملة والأرباح التجارية الخارجية لشمال غرب البلاد بل وللبلاد ككل.

 

تقع محافظة أردبيل الحدودية في شمال غرب إيران، ويبلغ عدد سكانها أكثر من مليون و280 ألف نسمة، وتضم 12 مقاطعة، وتحاذي محافظات كيلان وآذربايجان الشرقية وزنجان، وجمهورية أذربيجان.

المصدر: الوفاق خاص / إرنا