مازندران تحتل المركز الأول في إنتاجه

تصدير الخاويار الإيراني إلى 32 دولة حول العالم

الوفاق/ وفقاً لأحدث الإحصاءات الواردة بشأن إنتاج الخاويار في إيران، تتربع محافظة مازندران (شمالي إيران) على عرش الإنتاج بفارق واضح، محتلة المركز الأول في إنتاج «اللؤلؤة السوداء»، وهذه الأرقام مستمرة في الارتفاع بفضل الاستثمارات المنفذة.

إن إنتاج أكثر من نصف خاويار البلاد في مازندران يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الاستثمار في هذا القطاع ليس تبديداً للمال، بل يشكل قاعدة متينة لخلق فرص عمل مستدامة وتحقيق عوائد ممتازة من العملة الصعبة للبلاد.

 

وفي إطار سعي الحكومة الرابعة عشرة لتنشيط الاقتصاد البحري؛ وبالنظر إلى القيمة العالية جداً لأسواق بيع أسماك الحفش عالمياً، تعمل الحكومة جاهدة على استقطاب المستثمرين الأكفاء لرفع إنتاج هذا المنتج الاستراتيجي، بهدف تحقيق إيرادات أعملة أجنبية أعلى وتسجيل أرقام قياسية جديدة في إنتاج «اللؤلوة السوداء».

 

أسماك الحفش في بحر قزوين تُصنّف ضمن الأسماك «النهرية المهاجرة» تماماً كالأسماك العظمية، أي أنها تهاجر مؤقتاً إلى مصبات الأنهار المتفرعة في بحر قزوين لوضع بيوضها. وهذه الهجرة الموسمية القصيرة بالذات هي السبب الرئيسي في تعرضها للصيد الجائر غير المحدود من قبل المهربين والباحثين عن الربح السريع، ما أدى في نهاية المطاف إلى فرض حظر شامل على صيدها من بحر قزوين حتى تتم إعادة تأهيل مخزونها بالكامل.

 

إعادة تأهيل مخزون أسماك الحفش

 

يبدأ موسم التفريخ الطبيعي لأسماك الحفش من منتصف شهر مارس وحتى نهاية مايو؛ لكن في أسلوب التكثير شبه الاصطناعي الحديث يُستخرج البيض من الأمهات الحوامل داخل مراكز متخصصة، ثم يُفقَّس ويُحوَّل إلى صغار أسماك تُطلَق بعد ذلك في الأنهار السمكية.

 

وتعيش هذه الصغار فترة في النهر ثم تعود بطبيعتها إلى البحر، غير أنها تحتاج خلال هذه المرحلة إلى حماية مشددة حتى لا تُصاد أو تهلك جرّاء تقلبات تصريف المياه أو التلوث.

 

ومن أبرز التحديات في برامج إعادة تأهيل مخزون أسماك الحفش أنها لا تبلغ سن النضج التناسلي إلا في عمر ١٥ إلى ١٦ سنة، وهذا يعني أن فرص بقائها دون أن تُصاد قبل بلوغ هذه السن ضئيلة للغاية.

 

وعندما تصل أخيراً إلى مرحلة التفريخ، تعود تلقائياً إلى مصبات الأنهار، فتزداد مخاطر تعرضها للصيد الجائر سواء من المجتمعات المحلية أو من المهربين وتجار الربح غير المشروع.

 

وتضم محافظة مازندران نحو 130 نهراً مع فروعها الرئيسية والفرعية، منها 24 نهراً تُصنَّف كأنهار سمكية رئيسية؛ لكن ليست جميع مصبات هذه الأنهار بالضرورة ممراً لهجرة أسماك الحفش، ولذلك اختارت مصلحة الثروة السمكية في المحافظة أربعة أنهار فقط لتنفيذ عمليات التكثير شبه الاصطناعي.

 

ويُعدّ إطلاق صغار الأسماك في البحر أحد أهم الإجراءات التي تنفذها مصلحة الثروة السمكية في مازندران لحماية مخزون بحر قزوين، وقد سجل هذا النشاط نمواً لافتاً وفقاً للإحصاءات الرسمية.

 

فحتى عام 2020 كان الإطلاق يقتصر على نوعين فقط هما “السمكة البيضاء” و”السلمون البحري”، بإجمالي نحو 80 مليون صغيرة، أما اليوم فقد تجاوز الرقم 120 مليون صغيرة مع توسيع قائمة الأنواع المُطلَقة.

 

وفي الوقت الحاضر، إلى جانب السمكة البيضاء والسلمون البحري، يتم إطلاق كل من سمك الكارب البحري وصغار أسماك الحفش في بحر قزوين.

 

ووفقاً لآخر الإحصاءات، فقد أُطلق العام الماضي في مياه مازندران البحرية: حوالي 8/18 مليون صغيرة من الكارب البحري، وأكثر من 100 مليون صغيرة من السمكة البيضاء، وأكثر من 40 ألف صغيرة من السلمون البحري، وأكثر من 160 ألف صغيرة من أسماك الحفش (الخاويار).

 

زبائن من حول العالم لخاويار بابلسر

 

وفي هذا السياق، قال محافظ بابلسر: نحو 80% من إنتاج خاويار المدينة يُصدّر سنوياً إلى 32 دولة، من بينها كندا والصين وبولندا ورومانيا وروسيا.

 

وخلال زيارته مع عدد من المسؤولين للمركز الدولي لتجهيز الخاويار «شهداء محبوبي»، أضاف قربان علي ولي‌زاده: هذا المركز هو المنشأة الحكومية الوحيدة في إيران التي تحمل الرمز الأوروبي EC610، مما يتيح لها تصدير الخاويار الإيراني إلى الأسواق العالمية بشكل قانوني. وأوضح: في الواقع، 80% من إنتاج المركز يذهب مباشرة إلى هذه الـ32 دولة، ومنها الدول المذكورة.

 

وتابع: بفضل الالتزام الصارم بالمعايير الدولية وجودة المنتج الممتازة، لم نسجل على مدى السنوات الماضية أي حالة شكوى أو إرجاع لشحنات التصدير. وأكد أن جميع مراحل تجهيز الخاويار المعدّ للتصدير تخضع لإشراف دائرة الطب البيطري، وبعد فحص العينات واعتمادها من المختبرات المرجعية المعتمدة دولياً يُمنح تصريح التصدير.

 

واختتم ولي‌زاده قائلاً: مركز «شهداء محبوبي» نموذج وطني رائد في إنتاج خاويار عالمي المستوى، وله دور كبير في دعم اقتصاد المنطقة وترسيخ مكانة بابلسر ومازندران كعلامة تجارية مرموقة في سوق الخاويار العالمي.

 

الاقتصاد الموجّه نحو البحر والنمو الاقتصادي

 

الاقتصاد الموجّه نحو البحر يعني الاستفادة المستدامة من الموارد والمساحات المائية لتحقيق النمو الاقتصادي، وتحسين مستوى المعيشة، وخلق فرص عمل جديدة. ويشمل هذا النهج أنشطة متنوعة مثل الثروة السمكية، والنقل البحري، والسياحة، وطاقات المتجددة البحرية، والصناعات المرتبطة بالبحر.

 

للاقتصاد البحري تأثير كبير في النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، والتنمية المستدامة؛ فتطوير الأنشطة البحرية يساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي والإيرادات بالعملة الأجنبية، كما أنه يحدّ من البطالة ويحسّن مستوى معيشة السكان من خلال توفير وظائف جديدة في قطاعات متعددة.

 

إن الاستغلال المستدام للموارد البحرية يؤدي إلى حماية البيئة والتنمية الاقتصادية على المدى الطويل، خاصة أن أكثر من 90% من التجارة العالمية تتم عبر النقل البحري، وهذا بحد ذاته يبرز الأهمية الحاسمة للموانئ والصناعات البحرية في الاقتصاد العالمي.

 

ويشمل الاقتصاد الموجّه نحو البحر نطاقاً واسعاً من الأنشطة، منها: الثروة السمكية، والسياحة البحرية، والنقل البحري، واستخراج المعادن من البحر، وطاقات المتجددة البحرية، والصناعات المرتبطة بالبحر. ولتحقيق هذا الهدف، لا بد من استثمار كبير في البنى التحتية البحرية مثل الموانئ، والأرصفة، وخطوط النقل البحري.

 

ويرى الخبراء أن استخدام التقنيات الحديثة في مختلف مجالات الاقتصاد البحري بات أمراً ضرورياً، مثل تقنيات استخراج النفط والغاز من البحر، وتقنيات طاقة الرياح والمد والجزر البحرية، والتقنيات المتطورة في النقل البحري. كما أن استثمار الإمكانات الكامنة للاقتصاد الموجّه نحو البحر يتطلب توفير كوادر بشرية متخصصة ومدربة في جميع التخصصات البحرية.

 

 

المصدر: الوفاق خاص / إرنا