شهدت إيران خلال السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً في الصناعات الإبداعية الرقمية، حيث برزت في مجالات إنتاج الألعاب الإلكترونية، تطوير محركات الألعاب، وصناعة الأنيميشن. هذه النجاحات لم تأتِ صدفة، بل كانت نتيجة جهود متراكمة من الكوادر الفنية والتقنية، إضافة إلى دعم مؤسسات ثقافية وعلمية.
صناعة الألعاب الإلكترونية
المطورون الإيرانيون استطاعوا إنتاج ألعاب تحمل طابعاً محلياً يعكس الهوية الثقافية والتاريخية، مثل الألعاب المستوحاة من الأساطير والشخصيات الأدبية. هذه الأعمال لم تقتصر على السوق المحلي، بل وجدت طريقها إلى الأسواق الإقليمية، مما عزز حضور إيران في صناعة الألعاب عالمياً.
محرك SeganX
من أبرز الإنجازات الإيرانية تطوير محرك الألعاب الإيراني SeganX على يد استوديو «بارسه» أثناء إنتاج لعبة جادههاي نبرد أي «طرق المعارك». اللعبة تنتمي إلى نمط الدفاع عن القلعة، وقد اختار الفريق كتابة محرك خاص بهم باستخدام لغة ++C على مدى عامين، بدلاً من الاعتماد على محركات جاهزة.
يتميز SeganX ببنية مكونية تسمح بدمج عناصر الرسومات، الأنيميشن، المؤثرات البصرية والصوتية في بيئة واحدة، إضافة إلى نظام ذكاء اصطناعي متطور لإدارة المهام مثل تحديد الأهداف والمسار. رغم افتقاره لبعض الخصائص مثل الفيزياء الكاملة والإضاءة المتعددة، إلا أن تطويره محلياً منح الفريق مرونة أكبر في تصميم الميكانيكيات وتقديم تجربة لعب سلسة. هذا النموذج يعكس قدرة إيران على بناء أدوات تقنية مستقلة تعزز مكانتها في صناعة الألعاب.
صناعة الأنيميشن
إيران حققت نجاحات بارزة في إنتاج أفلام ومسلسلات أنيميشن حازت على جوائز في مهرجانات دولية. كثير من هذه الأعمال استلهمت قصصاً من التراث الإيراني والإسلامي، منها «الفتى الدولفيني»، «فيلشاه»، و«يوز»، مما ساهم في تقديم صورة حضارية غنية للجمهور العالمي. استخدام التقنيات الحديثة في التحريك والمؤثرات البصرية أظهر قدرة الفنانين الإيرانيين على منافسة الإنتاجات الكبرى.
الجمع بين الثقافة والتكنولوجيا
يمكن القول إن هذه النجاحات تعكس التقاء التكنولوجيا بالثقافة، حيث أصبحت الألعاب والأنيميشن أدوات فعالة لنقل الرسائل الإنسانية والتعريف بالهوية الإيرانية عالمياً، ويمكن لإيران أن ترسخ مكانتها كفاعل رئيسي في الصناعات الإبداعية.
إيران اليوم تقدم نموذجاً مميزاً في الجمع بين الثقافة والتكنولوجيا عبر صناعة الألعاب والأنيميشن، ويُعد محرك SeganX مثالاً حياً على قدرة الكوادر المحلية على الابتكار والإبداع، مما يعزز استقلالية الصناعة الرقمية ويضع إيران في موقع متقدم على الساحة العالمية.