بجهود باحثين إيرانيين

صنع جيل جديد من الحساسات البروتونية لمراقبة الزفير

الوفاق/ تمكّن باحثون إيرانيون في المختبر الوطني للمادة المكثفة بمعهد بحوث العلوم الأساسية IPM من ابتكار طريقة تمكّن من صنع الجيل الجديد من الحساسات البروتونية، وتستند هذه الطريقة إلى فكرة بسيطة وعميقة في آنٍ واحد هي «دمج عملية النمذجة وتخليق البنى النانوية في خطوة واحدة باستخدام ليزر منخفض الاستهلاك».

قبل هذا الابتكار، كان إنتاج الأجهزة النانومترية يتطلب عادةً عدة مراحل متتالية وكثيرة: إنشاء أنماط دقيقة، وترسيب طبقات مختلفة، وتعديل البنية السطحية، وإضافة البنى النانوية، ثم تفعيل وظيفة الحساس. وكانت كل مرحلة من هذه المراحل تتطلب معدات معقدة، ووقتاً طويلاً، وتكلفة مرتفعة ملحوظة، مما جعل إنتاج الحساسات النانوية على نطاق صناعي يبدو صعباً للغاية وغير اقتصادي. وعلاوة على ذلك، كانت العمليات متعددة المراحل تزيد من احتمال وقوع الأخطاء والتلوث وعدم التناسق الهيكلي، مما كان يؤثر سلباً في جودة المنتج النهائي.

 

أما في الطريقة الجديدة التي طوّرها باحثو معهد IPM، فإن كل تلك المراحل تُنجز ضمن عملية واحدة متكاملة. فباستخدام ليزر منخفض الطاقة ومنخفض التكلفة، يتم في الوقت ذاته نقش السطح الأساسي للمادة وتكوين البنى النانوية ذات الخصائص الكهربائية والبروتونية المطلوبة مباشرةً.

 

هذا التكامل يجعل عملية تصنيع الحساس أسرع بكثير وأبسط وأقل تكلفةً من أي وقت مضى، مع الحفاظ الكامل على الأداء المتميز.

 

ومن أبرز مزايا هذا النهج قابليته للتطبيق على مجموعة واسعة جداً من المواد والوظائف؛ بمعنى أن استخدام هذه التقنية لا يقتصر على الحساسات البروتونية فحسب، بل يمتد ليشمل تطوير الحساسات بأنواعها، والمحفزات، والأجهزة الفوتونية، ووحدات تخزين الطاقة، وحتى الأجهزة الطبية لرصد الحالة الصحية. وهذا التنوع الواسع في التطبيقات هو ما يُعلي من الأهمية الصناعية والمستقبلية لهذه الطريقة. ولإثبات كفاءة التقنية الجديدة، صمم الباحثون نموذجاً أولياً لحساس بروتوني مخصص لرصد التنفس لحظياً.

 

كما أظهر هذا الحساس استجابة فائقة السرعة في البيئات التي تتجاوز فيها الرطوبة النسبية ٥٥% – أي تماماً ضمن نطاق رطوبة الزفير البشري الطبيعي. وكان زمن الاستجابة وزمن التعافي قصيرين للغاية عند التغيرات المفاجئة في الرطوبة، مما مكّن الجهاز من تسجيل التغيرات السريعة في الزفير بدقة عالية جداً.

 

تجعل هذه الخصائص الحساس مناسباً بشكل مثالي للاستخدام في عدة مجالات حيوية، منها:

 

– رصد التنفس لحظياً لدى المرضى المقيمين في المستشفيات

 

– الكشف السريع عن الصدمة التنفسية أو الاضطراب في نمط التنفس

 

– التطبيق في الأجهزة القابلة للارتداء المخصصة للرياضيين أو مرضى الجهاز التنفسي

 

– الاستخدام في أنظمة الإنذار الطبي المحمولة للمرضى عاليي المخاطر

 

واللافت أن عملية تصنيع هذا الحساس تتكون من خطوة واحدة فقط، والمعدات المطلوبة أبسط وأرخص بكثير من الطرق التقليدية. ويرى الباحثون أن هذه الميزة تتيح إنتاج الحساسات النانوية بكميات كبيرة وبأسعار تنافسية، مما يفتح الباب أمام دخول الحساسات المتقدمة إلى السوق العامة التي ظلت محرومة منها لسنوات طويلة بسبب التكاليف المرتفعة والعمليات المعقدة.

 

من جهة أخرى، فإن استخدام ليزر منخفض الاستهلاك يقلل التأثيرات البيئية للإنتاج ويحد من استهلاك الطاقة إلى أدنى حد، وهو أمر يحظى بأهمية مضاعفة في ظل سعي الصناعات العالمية نحو تقليل البصمة البيئية والتحول إلى الإنتاج الأخضر.

 

يؤكد الباحثون أن هذه التقنية ليست سوى بداية طريق جديد، ويتوقعون أن يصبح النهج أحادي الخطوة منصة أساسية لإنتاج الأجهزة القائمة على المواد الوظيفية على نطاق واسع. وبهذا، ستشهد مجموعة كبيرة من أنظمة الاستشعار والتطبيقات الصناعية قريباً دخول جيل جديد من الأجهزة عالية الكفاءة، منخفضة التكلفة، وجاهزة للتسويق.

 

المصدر: الوفاق

الاخبار ذات الصلة