حلقة وصل حاسمة في مبادرة «الحزام والطريق»

سكة حديد إيران-تركيا تعيد إحياء ممر الحرير الجديد

الوفاق/ أفاد راديو فرنسا، أمس السبت في تقرير له، أن الخط السككي الجديد بين إيران وتركيا "مرند - جشمه ثريا" بطول ٢٠٠ كيلومتر سيُشكل حلقة وصل حاسمة في ممر الحرير الحديث مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، إذ سيربط مباشرةً بين شبكة السكك الحديدية الصينية-آسيا الوسطى من جهة، وبين شبكة السكك الأوروبية عبر تركيا من جهة أخرى.

وأوضح التقرير أن هذا الخط سيُقلّص زمن نقل البضائع بين شرق آسيا وأوروبا بشكل كبير مقارنة بالمسار الحالي الذي يمر عبر روسيا أو كازاخستان–روسيا–أوكرانيا (الذي تأثر بالحرب)، كما سيُخفض التكاليف بنسبة ملحوظة ويُعزز مكانة إيران وتركيا كمركزين لوجستيين رئيسيين في «كوريدور الوسط» الجديد لطريق الحرير.

 

وبذلك، يُرسل المشروع رسالة قوية إلى العالم مفادها أن إيران وتركيا عازمتان على أن تكونا الجسر الحديدي الأسرع والأكثر أماناً بين آسيا وأوروبا، حتى في ظل العقوبات والتوترات الجيوسياسية.

 

خط إيران–تركيا السككي.. الضلع المفقود في ممر الحرير الجديد

 

وذكر تقرير راديو فرنسا، أن هذا الخط الجديد سيُكمل أخيراً حلقة الوصل المباشرة والمستمرة بين الصين وأوروبا، بعد أن أدرجت بكين كلاً من إيران وتركيا ضمن مشروعها العملاق «مبادرة الحزام والطريق».

 

وستجري على الخط قطارات شحن مكونة من 27 عربة، مخصصة حصرياً للبضائع العابرة. ويُستهدف في المرحلة الأولى نقل 1500 طن شهرياً، مع خطة لرفع القدرة الاستيعابية إلى 20 ألف طن شهرياً حال نجاح التجربة.

 

ويؤكد التقرير أن الخط الممتد بين مرند الإيرانية وجشمه ثريا التركية صُمم بالكامل لخدمة التجارة بين أكبر سوقين استهلاكيين في العالم (الصين وأوروبا)، دون أي نية معلنة حتى الآن لتحويله إلى مسار سياحي أو نقل للركاب.

 

سكة حديد بين البحيرة والجبال.. اختراق أصعب عقبة في طريق الحرير

 

ليس من السهل إنشاء خط سكة حديد في المنطقة الجبلية بين إيران وتركيا المحصورة بين البحيرة والجبال. فبحيرة وان، أكبر بحيرات تركيا وطولها ١٢٠ كيلومتراً، ظلت على الدوام عائقاً كبيراً أمام النقل السككي.

 

وكانت القطارات مضطرة حتى اليوم إلى التوقف عند ضفة البحيرة، ثم نقل حمولتها إلى العبّارات لتعبر إلى الضفة المقابلة قبل استئناف الرحلة.

 

سيتمكن الخط السككي الجديد بين مرند وجشمه ثريا من تجاوز هذا العائق الطبيعي التاريخي لأول مرة.

 

فتح «الباب الجنوبي» لمبادرة الحزام والطريق

 

وأشار تقرير راديو فرنسا إلى أن الحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا قطعتا الطريق البحري والسككي الشمالي أمام الصين، مما دفع بكين للبحث عن بدائل جنوبية.

 

والآن، يأتي الخط السككي الإيراني-التركي الجديد ليمنح الصين ممراً آمناً وبديلاً كاملاً إلى أوروبا عبر الشرق الأوسط، مما يوسّع نفوذها في المنطقة بشكل غير مسبوق.

 

ويرى الخبير الفرنسي نيكولا مونسو من المعهد الفرنسي للدراسات الدولية IFRI “افتتاح هذا المقطع يحمل قوة رمزية هائلة..

 

إيران وتركيا ترسلان رسالة واضحة للعالم: نحن جزء لا يتجزأ من مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها شي جين بينغ عام 2013، ولن نكون مجرد ممر عابر، بل شركاء استراتيجيين”.

 

وأضاف مونسو: “بعد إغلاق المسارات السككية التجارية الروسية، أصبحت الصين مضطرةً إلى التوجه نحو دول آسيا الوسطى والشرق الأوسط للحفاظ على قنواتها التجارية مع أوروبا. وستغتنم إيران وتركيا موقعهما الجيوستراتيجي المركزي، طامحتين إلى تحوّل نفسيهما إلى مراكز نقل دولية رئيسية”.

 

وقال الخبير في الشؤون الإيرانية: “بعد ازدهار نقل البضائع والتجارة، أتوقع نمواً ملحوظاً وأكثر وضوحاً في السياحة التجارية والترفيهية. هذه الخطوة في قلب الشرق الأوسط تُجسّد فرصة حقيقية لربط منطقتين حيويتين من العالم”.

 

واختتم راديو فرنسا تقريره قائلاً: “سيكتسب الربط الجديد بين إيران وتركيا قيمة أكبر بانضمام باكستان إلى الشبكة.

 

فقد أبدت إسلام آباد رسمياً رغبتها في ربط نفسها بالبلدين عبر مسار آخر أوسع وأكثر مركزية، وهو خط النقل السابق ITI (إسطنبول–طهران–إسلام آباد)، الذي سيُعاد افتتاحه رسمياً في الأول من يناير 2026، أي بعد 25 يوماً فقط”.

 

وأشار التقرير إلى أن أعمال بناء خط مرند–جشمه ثريا ستستمر حتى عام 2029، بتكلفة إجمالية مُقدّرة بمليار و600 مليون دولار.

المصدر: الوفاق خاص / إرنا