في زمن التكنولوجيا والذكاء الأصطناعي لم تعد القراءة والمعرفة بعامة مجرد ميزة إضافية، بل تحوّلت إلى ضرورة أساسية لنجاح الإنسان وقدرته على التكيّف. والتعود على القراءة منذ الصغر أول بوابة يمرّ منها الطفل لاكتساب هذه المعرفة، سواء في لغته، أو عقله، أو وجدانه، أو شخصيته الاجتماعية؛ فكل صفحة يقرأها الطفل تفتح له نافذة جديدة، وتمنحه فرصة لفهم نفسه والعالم من حوله، وتساعده على بناء مستقبل أكثر ثباتاً ونضجاً.
نصائح عملية لتشجيع الأطفال على البحث والمعرفة والقراءة الحقيقية بطرق ممتعة ومحبّبة.
القراءة ليست مجرد معرفة.. إنها بناء للإنسان
القراءة تُنمّي لغة الطفل، خياله، قدرته على التفكير، تواصله الاجتماعي، ثقته بنفسه، وعلاقته بوالديه. القراءة الأساس المعرفي لكل خطوة سيخطوها في المدرسة، وفي حياته المستقبلية، حين تفتح الأم كتاباً لطفلها، فهي في الحقيقة تفتح له باب المستقبل، وكل طفل يُمكن أن يحب القراءة فقط إذا وجد من يمسك بيده في بدايتها.
أولاً: لماذا القراءة مهمة للطفل؟
القراءة من أهم الوسائل التي تُنمِّي لغة الطفل منذ سنواته الأولى. فعندما يقرأ الطفل، أو يسمع القراءة بصوت والدته أو والده، يتعرّف إلى كلمات جديدة قد لا يسمعها في حياته اليومية. هذا التعرّض الغني للّغة يُكسبه مخزوناً لغوياً أكبر، و قدرة أفضل على التعبير عن المشاعر والأفكار.
وتشير الدراسات التربوية أن الأطفال الذين يتعرّضون للقراءة المبكرة، يتفوقون في الكتابة لاحقاً، وتتطور لديهم “اللغة ” فيكون النطق أوضح والفهم أعمق للجمل والتراكيب.
تنمية الخيال والإبداع
كل قصة هي عالم جديد. من خلال القراءة، يسافر الطفل إلى أماكن لم يرها، ويتعرّف إلى شخصيات غريبة، ويعيش أحداثاً مختلفة. هذا كله يفتح باب الخيال أمامه ويجعله يفكر خارج حدود الواقع.
الطفل الذي يمتلك خيالاً خصباً يكون أكثر قدرة على ابتكار الحلول، ومواجهة المشكلات، وتوليد أفكار جديدة. الإبداع لا يأتي من الفراغ، إنه نتيجة تراكم الخبرات، والقراءة إحدى أهم هذه الخبرات.
بناء شخصية اجتماعية وعاطفية متوازنة
القصص ليست مجرد أحداث؛ إنها تجارب عاطفية؛ من خلالها يتعرف الطفل إلى مشاعر الغضب والخوف والفرح والحزن، ومواقف اجتماعية متنوعة، وطرق للتعامل مع أقرانه، بجانب التعرف إلى أهمية الصداقة، التسامح، التعاون.
عندما يقرأ الطفل عن شخصية حزينة أو خائفة، يبدأ يفهم ما يشعر به الآخرون، وهذا يُنمّي لديه مهارة التعاطف. أما عندما يقرأ عن شجاعة أو صدق أو مساعدة، فيتشكل وعيه الأخلاقي.
القراءة بصوت مرتفع مع الأم أو الأب تقوّي الرابط العاطفي بين الطفل وأهله، وتخلق ذكريات دافئة تبقى في قلبه لسنوات.