وكان في استقبال عراقجي لدى وصوله إلى مطار فنوكوفو الدولي السفير الإيراني لدى روسيا “كاظم جلالي” ومسؤولون من وزارة الخارجية الروسية. والتقى عراقجي خلال زيارته الرسمية لموسكو، جمعاً من المثقفين والنخب الفكرية الروسية، كما يلتقي مسؤولين من مجلس الدوما ومجلس الاتحاد الروسي.
ويعقد عراقجي اجتماعاً مع رؤساء اللجان ورؤساء مجموعات الصداقة البرلمانية مع إيران في مجلس الدوما ومجلس الاتحاد لتطوير العلاقات الثنائية، خلال هذا اللقاء الذي يستضيفه رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما ليونيد سلوتسكي. كما يلتقي مع مسؤولي المؤسسات والدبلوماسيين العاملين في السفارة الإيرانية لدى موسكو.
ويحضر وزير الخارجية، الأربعاء، في جامعة «مغيمو» (جامعة العلاقات الدولية التابعة لوزارة الخارجية الروسية)، حيث سيلقي محاضرة أمام أساتذة وطلبة الجامعة.
وسيلتقي عراقجي، ظهر الأربعاء، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف ويجري معه محادثات حول مواضيع مختلفة. سيبحث عراقجي ولافروف في هذا اللقاء القضايا الدولية الجارية، بما في ذلك موضوع البرنامج النووي الإيراني السلمي بشكل شامل، كما سيتبادلان الآراء حول القضايا الإقليمية التي تهم الطرفين.
كما سيُولى في هذا اللقاء اهتمام خاص بالقضايا الجارية في جدول أعمال العلاقات الثنائية بين ايران وروسيا، والتي ارتقت بعد دخول معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة حيز التنفيذ في (أكتوبر 2025) إلى مستوى نوعي جديد من الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
العلاقات المستدامة بين إيران وروسيا
من جانبه، كتب كاظم جلالي السفير الإيراني في روسيا في منشور على شبكة “إكس” بهذا الخصوص: إن العلاقات المستدامة بين إيران وروسيا تتعزز وتترسخ باستمرار اللقاءات على المستوى العالي. في استمرار للمشاورات التي جرت الأسبوع الماضي بين رئيسي البلدين في عشق آباد. وأضاف جلالي: الآن، يشمل جدول أعمال العلاقات طيفًا واسعًا من المواضيع السياسية والمشاريع الاقتصادية، كما أن التفاعلات الإقليمية والدولية جارية أيضا في اتجاه تعزيز الأهداف والتوجهات المشتركة، مما سيرتقي بمستوى العلاقات أكثر من السابق.
تعزيز التعاون في مجاليّ الدبلوماسية الإقليمية والدولية
تأتي زيارة عراقجي إلى موسكو في سياق استمرار المشاورات الدبلوماسية الإقليمية والدولية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، في وقت أصبح فيه مستوى التعاون بين طهران وموسكو أكثر بروزاً بعد تناغم مواقف البلدين في عدّة قضايا دولية، ومناصرة كل من روسيا والصين لإيران في رفض محاولات بريطانيا وفرنسا وألمانيا استغلال آلية حل الخلافات في الاتفاق النووي وتفعيل “آلية الزناد”، وهو إجراء أدى في الأشهر الأخيرة إلى ظهور انقسام في مجلس الأمن الدولي، مما زاد من أهمية التنسيقات السياسية بين إيران وروسيا.
يُجري وزير الخارجية خلال هذه الزيارة، إلى جانب لقائه بنظيره الروسي، حواراً مع عدد من المسؤولين الرفيعي المستوى في هذا البلد حول آخر التطورات الإقليمية والدولية واستمرار المشاورات المعتادة بين الطرفين؛ وهي لقاءات تبرز، في الظروف الحساسة الحالية، دور موسكو كأحد الشركاء الرئيسيين لطهران في المعادلات الدبلوماسية.
تعميق الشراكة الاستراتيجية بين طهران وموسكو
وكان الرئيس بزشكيان وفي إطار استمرار المشاورات والتفاعلات الدبلوماسية بين طهران وموسكو، قد التقى سابقاً، خلال زيارته إلى تركمانستان وعلى هامش القمة الدولية للسلام والثقة بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، وناقش معه تطوير التعاون الاستراتيجي وتفعيل الاتفاق الشامل بين البلدين. كان هذا اللقاء آخر حوار مباشر لرئيس الجمهورية مع مسؤول روسي رفيع المستوى، وله أهمية خاصة في تعميق الشراكة الاستراتيجية بين طهران وموسكو.
كما قام السيد عباس عراقجي، قبل زيارته الحالية إلى موسكو، بزيارة أخرى إلى موسكو في أوائل عام 2025 إلتقى خلالها مع المسؤولين الروس. وفي هذه الزيارة المخطط لها مسبقاً، التقى بنظيره الروسي ومسؤولين رفيعي المستوى آخرين، وسلم رسالة خطية من قائد الثورة الإسلامية إلى فلاديمير بوتين، كما نوقشت محاور التعاون الثنائي والتطورات الإقليمية وغيرها من المواضيع المهمة.
تُظهر هذه السلسلة من الزيارات واللقاءات عزم إيران الجاد على تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع دول المنطقة وتنسيق المواقف في الساحات الإقليمية والدولية. إن المباحثات المُكثّفة والمتكرّرة بين طهران وموسكو حول قضايا الاتفاق النووي وتطورات الشرق الأوسط وأمن الطاقة، إلى جانب تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي، تُرسل رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي حول الاستقرار والتماسك في العلاقات الثنائية. وفي الوقت نفسه، توفّر هذه اللقاءات المُكثّفة أرضية خصبة لتحقيق التوافق الاستراتيجي والتخطيط العملي المشترك بين البلدين، مما يمكن أن يلعب دوراً رئيسياً في تخفيف الضغوط وإدارة التحديات الدولية.
تسريع إنجاز ممرّ الشمال-الجنوب الاستراتيجي
بالتزامن مع زيارة عراقجي إلى موسكو، شدّد كل من أمين المجلس الأعلى للأمن القومي “علي لاریجاني” ونائب رئيس وزراء الاتحاد الروسي “فيتالي سافيف” في اجتماع لهما في طهران، على تسريع وتيرة تنفيذ ممر الشمال–الجنوب الاستراتيجي خلال لقائهما في طهران.
واستقبل لاریجاني، الثلاثاء، سافيف، في مقر أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي. وجاء اللقاء استمراراً للتفاهمات الرفيعة المستوى بين رئيسي البلدين، وبهدف إزالة العقبات القائمة والدخول في المرحلة التنفيذية للإتفاقيات الموقّعة بين البلدين.
وخلال هذا الاجتماع، ناقش الجانبان أهمية ممر الشمال–الجنوب باعتباره عنصراً حاسماً في المعادلة الجيوسياسية للمنطقة. وأكد لاريجاني، خلال اللقاء، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد اتخذت قرارها بتفعيل هذا الممرّ، مُشيراً الى أن جميع العقبات التنفيذية والمؤسسية ستُزال خلال فترة زمنية قصيرة، وقال: إن الاتفاقيات اللازمة لضمان البُعد القانوني والتنفيذي للممر ستُوقع قريباً.
كما أشار لاريجاني إلى تصريحات رئيس الجمهورية في هذا السياق، مضیفاً: بفضل المتابعة المستمرة من قبل رئيس الجمهورية، سيتم نقل ملكية جميع الأراضي الواقعة على مسار الممر الى الدولة الإيرانية قبل نهاية العام لضمان استمرارية المشروع وانسجامه دون انقطاع.
من جانبه، رحّب نائب رئيس وزراء الاتحاد الروسي فيتالي سافيف، خلال اللقاء، بالنهج الحازم من قبل إيران، وأعلن استعداد موسكو لتسريع وتيرة تنفيذ المشروع وبدء مرحلته التشغيلية.
إجراءات أوروبا ضدّ إيران وصمة عار على الدبلوماسية الأوروبية
من جانبه، أكّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في حوار له مع التلفزيون الإيراني، أن الأعمال العدائية وغير القانونية التي قام بها الجانب الأوروبي خلال العام ونصف العام الماضيين ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية تُعدّ وصمة عار على الدبلوماسية الأوروبية، والتي استخدم فيها الأوروبيون أساليب مخادعة.
وفي هذا الحوار، انتقد وزير الخارجية الروسي مرة أخرى قيام الدول الغربية بإحياء العقوبات الدولية على إيران، وفيما يخص الأوضاع على الساحة الدولية ورداً على سؤال حول ما إذا كان العالم يتجه نحو فوضى متزايدة أم نحو نظام جديد؟ قال لافروف انه يرى اجراءات الاتحاد الأوروبي كأحد التهديدات الرئيسية وربما أهم التهديدات. وأضاف: إنهم يحاولون إخضاع الحكومات لأنفسهم وإجبارها على تجاهل مصالح شعوبها، ودفعها لتجاهل نتائج الانتخابات والاستفتاءات التي تجرى في بعض الدول الأوروبية والخضوع لسلوك بروكسل الاستعماري وبيروقراطيتهم؛ بيروقراطية لم ينتخبها أحد.
وبشأن العلاقات مع إيران، أشار لافروف إلى دخول اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين حيّز التنفيذ، وقال: تحدّد هذه الاتفاقية مبادئ تضامننا ودعمنا المتبادل في القضايا الأساسية لتطوير العلاقات الدولية؛ وبالطبع تحدد الاتفاقية أيضًا الخطوات الإضافية الضرورية لتطوير التعاون الثنائي، وزيادة العلاقات الاقتصادية والاستثمار والتجارة ومشاريع البنية التحتية.