جابهار في مدار قفزة اقتصادية

كيف أصبح ميناء الشهيد بهشتي المحرّك الجديد للتجارة البحرية الإيرانية؟

تشير الأرقام القياسية غير المسبوقة في الصادرات وعمليات الحاويات وتحميل وتفريغ البضائع في ميناء الشهيد بهشتي بمنقطة جابهار (جنوب شرقي إيران)، منذ بداية العام الجاري، إلى أن هذا الميناء البحري قد دخل مرحلة جديدة من النضج الاقتصادي، ويلعب دورًا أكثر بروزًا في خريطة التجارة البحرية والعابرة للبلاد.

لقد حظيت منطقة جابهار، باعتبارها أكبر ميناء بحري في إيران وبوابة البلاد للوصول المباشر إلى المياه المفتوحة، بمكانة تتجاوز كونه مجرد ميناء تجاري في وثائق التنمية في البلاد.

 

ويمثل النمو بنسبة 68٪ في الصادرات والرقم القياسي التاريخي لأكثر من 100 ألف حاوية نمطية من عمليات الحاويات وحجم التحميل والتفريغ الذي يتجاوز أربعة ملايين من الأطنان، مجموعة من المؤشرات التي تدل على تغير مكانة ميناء جابهار بين موانئ البلاد.

 

لا تشير هذه التطورات إلى زيادة نشاط الميناء فحسب، بل تشير أيضًا إلى تحسين كفاءة الخدمات اللوجستية وزيادة جاذبية الميناء للمستثمرين وتعزيز دور جابهار في سلسلة التوريد الإقليمية.

 

ويعتقد الخبراء الاقتصاديون أن تزامن هذا الأداء المتميز مع سياسات الحكومة في تطوير الاقتصاد البحري قد حوّل ميناء الشهيد بهشتي من مشروع بنية تحتية طويل الأجل إلى لاعب نشط في التجارة الخارجية لإيران.

 

جابهار تعود إلى خريطة التجارة الإقليمية

 

وفي هذا السياق، صرح المدير العام للموانئ والشؤون البحرية في سيستان وبلوشستان: تجاوزت كمية البضائع المصدرة التي تم تحميلها من ميناء الشهيد بهشتي في جابهار خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام مليون طن، بنسبة نمو بلغت 68% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

 

واعتبر قاسم عسكري نسب هذه القفزة في الصادرات نتيجة لسلسلة من الإجراءات المنسقة، وقال: إن زيادة قدرة أرصفة التصدير وجذب استثمارات القطاع الخاص وتسهيل العمليات الجمركية وتنفيذ برامج التسويق المستهدفة قد وفرت المنصة اللازمة لزيادة حصة جابهار في صادرات البلاد غير النفطية.

 

وأضاف: إن إنشاء وتوحيد خطوط الشحن المنتظمة للبضائع والحاويات إلى الموانئ المهمة في الهند والصين والإمارات العربية المتحدة قد جعل الطريق لتصدير البضائع من جنوب شرق البلاد إلى الأسواق المستهدفة أقصر وأكثر فعالية من حيث التكلفة.

 

تحطيم الأرقام القياسية في حجم الحاويات؛ تغيير ميزان موانئ البلاد

 

يُعدّ حجم عمليات الحاويات أحد أهم مؤشرات تطوير الموانئ، وهو مؤشر يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالتجارة الحديثة والنقل المتعدد الوسائط، وقد حقق ميناء الشهيد بهشتي في جابهار أداءً متميزًا في هذا القطاع.

 

وبحسب الإحصاءات الرسمية، ولأول مرة في تاريخ عمليات الميناء، تجاوز حجم عمليات مناولة الحاويات خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام 100 ألف حاوية نمطية، بزيادة قدرها 78% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ويُعدّ هذا النمو الأعلى بين موانئ البلاد في مجال مناولة الحاويات.

 

بالتزامن مع نمو الصادرات والحاويات، تجاوزت عمليات التحميل والتفريغ الإجمالية للسلع النفطية وغير النفطية في ميناء الشهيد بهشتي في جابهار أربعة ملايين طن في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام.

 

جابهار؛ حلقة وصل رئيسية في ممرات النقل

 

مكّن ربط هذا الميناء بالممرات الدولية بين الشمال والجنوب والشرق والغرب من نقل البضائع إلى دول آسيا الوسطى وأفغانستان وشبه القارة الهندية.

 

كما أن الموقع الجيوسياسي الفريد لميناء جابهار، إلى جانب الوصول المباشر إلى المحيط الهندي والإعفاءات التنافسية من التكاليف، جعل هذا الميناء خيارًا جذابًا لشركات الخدمات اللوجستية والتجارة في المنطقة.

 

الآفاق المستقبلية

 

إنّ إنشاء وتوسيع خطوط الشحن المنتظمة إلى موانئ الهند والصين ودول الخليج الفارسي إلى جانب جذب شركات النقل الدولية، يمكن أن يزيد من حصة إيران في السوق الإقليمية ويعزز مكانة البلاد الجيوسياسية في معادلات التجارة البحرية.

 

كما أن استمرار سياسات الحكومة الداعمة في مجال الاقتصاد البحري وتسهيل الإجراءات الجمركية وتثبيت اللوائح وخلق حوافز الاستثمار، سيلعب دوراً حاسماً في الحفاظ على زخم نمو ميناء الشهيد بهشتي.

 

بشكل عام، فإن ميناء الشهيد بهشتي في جابهار على وشك أن يلعب دوراً يتجاوز كونه ميناءً تجارياً وهو دور سيجعله أحد ركائز تطوير الصادرات غير النفطية وزيادة مرونة الاقتصاد الوطني وتعزيز مكانة إيران ودورها في الاقتصاد الإقليمي والعالمي.

 

 

المصدر: إرنا