«كوثر» تنطلق إلى الفضاء من قاعدة روسية؛

ثلاثة إنجازات فضائية إيرانية جديدة في عملية إطلاق واحدة

الوفاق خاص:تتواصل مسيرة قطاع الفضاء الإيراني، التي امتدت على مدى ثمانية عشر عاماً، بعملية إطلاق فضائية ثلاثية جديدة من المقرر أن تجري في 28 ديسمبر/ كانون الأول 2025 من قاعدة «فوستوتشني» الروسية. وتستعد الأقمار الصناعية المحلية الصنع «بايا» و«ظفر 2»، بالإضافة إلى النسخة المطورة من القمر الصناعي «كوثر»، للانطلاق إلى المدار عبر جهود الخبراء والتقنيين الإيرانيين، في استعراض جديد لقدرات البلاد الفضائية. يأتي هذا الإطلاق بعد مرور ثمانية عشر عاماً على تصميم وبناء أول قمر صناعي إيراني محلي الصنع. وخلال هذه السنوات، نجحت عزيمة وإمكانات العلماء الإيرانيين في تسجيل صورة واضحة لإرادة طهران على الصعيد العالمي. واستمراراً لهذه المسيرة الوطنية المظفّرة، سيتم في 28 ديسمبر إطلاق الأقمار الإيرانية الثلاثة المذكورة إلى الفضاء، تأكيداً على استمرارية برنامج طهران الفضائي. 

كبرى أميري

 

 نسخة مدمجة من الجيل الثاني لأقمار «كوثر-1» و«هدهد-1»

 

وفي هذا السياق، أعلن المدير التنفيذي لشركة “أميد فضا” القائمة على المعرفة عن إطلاق القمر الصناعي «كوثر» في 28 ديسمبر من قاعدة «فوستوتشني» الروسية، وقال: هذا القمر الصناعي هو النسخة المدمجة من الجيل الثاني لأقمار «كوثر-1» و«هدهد-1»، وقد صُمم لتنفيذ مهمة مراقبة القطاع الزراعي؛ ولضمان استقبال أفضل للصور الملتقطة، قمنا بتأسيس محطة أرضية، حيث تم تنفيذ هذه المحطة بالكامل من قبل باحثي الشركة المذكورة.

 

وصرح الدكتور حسين شهرابي: في 28 ديسمبر، سيتم حقن قمر «كوثر» الصناعي المُطوَّر التابع لشركتنا في المدار، ويُعتبر هذا القمر الصناعي في الواقع النسخة المُجمَّعة للجيل الثاني من قمري «كوثر-1» و«هدهد-1»، مؤكداً أن «كوثر 1.5» يجمع بين مهمة التصوير والإنترنت للأشياء (IoT) من أجل الرقمنة الزراعية؛ مضيفاً: صُمم وبُني قمر «كوثر-1» بمهمة استشعار (رصد)، بينما صُمم وبُني قمر «هدهد-1» بمهمة إنترنت الأشياء. وبالنسبة للإطلاق الذي تم العام الماضي، فقد بلغت نسبة النجاح وفقاً لمعايير النجاح المعتمدة أكثر من 70% للقمر «كوثر» وأكثر من 90% للقمر «هدهد».

 

وصرح الدكتور شهرابي: في النسخة المُعدَّلة من قمر «كوثر» الصناعي، الذي ينتظر دوره للإطلاق حالياً، تم إصلاح نقاط الضعف، كما سعينا لدمج نقاط القوة للقمرين الصناعيين السابقين للشركة، وهما «هدهد» و«كوثر» معاً، ونأمل أن نصل إلى الأهداف المرجوة».

 

وأشار شهرابي إلى أنه «من وجهة نظرنا، يُعتبر كل من قمري «كوثر-1» و«هدهد-1»، والنسخة المُطوَّرة من «كوثر»، بمثابة أقمار صناعية لعرض التكنولوجيا في المدار، ويجب أن تُجهِّزَنا هذه المشاريع لتطوير منظومة قمرية متكاملة. ومن دمج القمر الصناعي «كوثر-1» والقمر الصناعي «هدهد-1»، وُلد قمر «كوثر» الصناعي المُطوَّر، الذي يمتلك مهمة التصوير ومهمة إنترنت الأشياء في آن واحد»، وقال: تم تحديد أهداف هذه المهام مع التركيز على الزراعة الدقيقة، وذلك لكي نتمكن من إجراء تحليل صحة النباتات والتحليلات الأخرى اللازمة للمزارع الزراعية باستخدام صور قمر «كوثر 1.5»، وكذلك المساعدة في عمليات الأتمتة الزراعية من خلال إنترنت الأشياء، لاسيما في المناطق التي تفتقر إلى تغطية اتصالات مناسبة بسبب بعدها عن شبكات الاتصالات الأرضية.

 

وأضاف شهرابي: عادة ما تكون البنية التحتية للاتصالات هي إحدى أهم البنى التحتية في عمليات الأتمتة، ويمكن أن تلعب دوراً أساسياً في دفع هذه العمليات إلى الأمام. وتابع: لقد أخذنا هاتين المهمتين في الاعتبار؛ لكننا ندرك أيضاً أن التحقيق الكامل لهذه المهام يتطلب استنساخ الأقمار الصناعية، ويجب زيادة عدد الأقمار الصناعية؛ كما سنحتاج في مجال الهياكل القمرية إلى تنوع في الصور، وتنوع طيفي، وحتى قدرات اتصالات متنوعة في نطاقات مختلفة.

 

 خطوة مهمة في السيطرة على الأقمار الصناعية الإيرانية ومراقبتها

 

وفي إشارة إلى تعزيز نقاط الضعف التكنولوجية في الإصدار الجديد من قمر «كوثر»، قال الدكتور شهرابي: إحدى المشكلات التي واجهتنا في الإصدارات السابقة كانت تتعلق بالمحطة الأرضية؛ فعلى سبيل المثال في الإطلاق السابق، استخدمنا سعة المحطات الأرضية الحالية؛ لكن هذه المحطات واجهت تحديات ظهرت بوضوح أثناء العملية. وأضاف: لهذا السبب، تقوم شركتنا حاليًا بإنشاء محطة أرضية منفصلة تم بناؤها بالكامل من قبل الشركة نفسها، وهذا الأمر سيجعلنا أكثر اطمئنانًا فيما يتعلق بإجراء الاختبارات وسيمكننا من الاعتماد بثقة أكبر على نتائج التصاميم. وتابع: مشكلة أخرى واجهتنا كانت تتعلق بمجال التحكم في وضعية القمر الصناعي؛ حيث إنه بسبب وجود بعض المشكلات في هذا القسم، لم نتمكن من توجيه القمر الصناعي نحو الأرض بشكل كامل ومستقر.

 

وقال الدكتور شهرابي: هذه المسألة كانت تمنعنا في بعض الأحيان من الحصول على تصوير مناسب، وفي نفس الوقت كانت تؤدي إلى توجيه القمر الصناعي نحو الشمس، مما كان يسبب اختلالًا في توازن الطاقة في القمر الصناعي؛ بمعنى أن التوازن بين كمية امتصاص الطاقة الشمسية كان يتعرض للاضطراب. وأضاف: النقطة الأخرى فيما يتعلق بالتصوير كانت تتعلق بوجود كاميرتين لدينا، إحداهما للألوان والأخرى للأشعة تحت الحمراء القريبة، وكان معدل دقة هاتين الكاميرتين مختلفًا عن بعضهما البعض، بينما كان من الأفضل للوظيفة التي نصبو إليها أن تكون دقة الكاميرتين متساوية.

 

وأكد مُنفّذ مشاريع قمري «كوثر» و«هدهد» قائلاً: لقد تم إصلاح هذه المشكلة في النموذج الجديد من القمر الصناعي، وباستخدام العدسات الأنسب التي نجحنا في الحصول عليها، اقترب دقة الكاميرتين عمليًا من الأرقام المختبرية والقيم التصميمية التي نهدف إليها. هذه النقاط هي من بين الأمور الهامة التي تم تنفيذها في الإصدار الجديد من القمر الصناعي ولها دور فعال في تحسين أدائه التكنولوجي.

 

تحديث الاتصالات لتحسين إدارة وضع القمر الصناعي

 

وفي شرحه للإجراءات المتخذة لتحسين إدارة والتحكم في وضع قمر «كوثر» الصناعي، قال الدكتور شهرابي: لتحقيق إدارة وتحكم أفضل في وضع القمر الصناعي، قمنا بإضافة وصلة اتصالات خاصة إلى النظام، بحيث يكون من الممكن تحديث برنامج التحكم في وضع القمر الصناعي بالكامل من الأرض إذا لزم الأمر. وأضاف: كانت هذه إحدى النقاط التي وضعناها بعين الاعتبار بجدية في تصميم وبناء الإصدار الجديد من القمر الصناعي لزيادة مرونة وموثوقية النظام.

 

 تحسين الروابط الاتصالاتية والوضع النهائي لـ«كوثر 1.5»

 

وقال مُنفّذ مشاريع قمري «كوثر» و«هدهد»: من ناحية الروابط الاتصالاتية، كان لدينا في قمري «هدهد-1» و«كوثر-1» ثلاثة أنواع من الروابط الاتصالاتية مع جهات تصنيع مختلفة، وكان إثنان من هذه الروابط الثلاثة قد تم تصنيعهما من قبل شركتنا، وكان أحد الروابط يمتلك القدرة على الاتصال بالمحطات الدولية. وأضاف: في الإصدار المُعدَّل الجديد من القمر الصناعي، تم الأخذ في الاعتبار إمكانية الاستفادة من أفضل الروابط الاتصالاتية المستخدمة في الإصدارات السابقة؛ وفي الوقت نفسه، تم توفير إمكانية الاتصال الدولي للقمر الصناعي، وهذه هي الأجزاء الرئيسية من الإجراءات التي اتخذناها في مجال التحسينات، ونأمل أن نخطو خطوة كبيرة أخرى في مسار تطوير نظام الأقمار الصناعية بتنفيذ هذه الإصلاحات.

 

وفيما يخص آخر مستجدات قمر «كوثر 1.5» الصناعي، قال الدكتور شهرابي: لقد تم تسليم هذا القمر الصناعي، وتتم مراحل إطلاقه وفقًا للإجراءات المتوقعة.

 

 

 تطوير المحطات الأرضية الفضائية على جدول أعمال القطاع الخاص

 

وأشار شهرابي إلى أن الأقمار الصناعية تتطلب مجموعة من المحطات الأرضية للتحكم والمراقبة، وقال: لإجراء عمليات التحكم في القمر الصناعي، يتم عادةً استخدام مجموعة من المحطات تسمى نظام «TT&C» (التحكم والتتبع والقيادة). وأضاف: في هذه المحطات، يتم إرسال المعلومات المتعلقة بقدرات القمر الصناعي وحالته الصحية كبيانات إلى الأرض، وفي حالة الحاجة إلى إجراء عمليات تصحيحية أو تشغيلية على القمر الصناعي، يتم إرسال الأوامر اللازمة من خلال المحطات الأرضية إلى القمر الصناعي. وأضاف:

النقطة الأخرى تتعلق باستلام الصور من القمر الصناعي؛ ففي الأماكن التي تتطلب إرسال كميات كبيرة من البيانات التصويرية إلى الأرض، بالإضافة إلى استخدام القدرات الداخلية، سعينا إلى إبرام عقود لاستلام الصور مع الشبكات الدولية. وتابع: إن إضافة هذه الشبكات الدولية إلى القدرة الداخلية يساعد على زيادة موثوقية استلام الصور، كما يمكّننا من استلام حجم أكبر من الصور من القمر الصناعي باستخدام عدد أكبر من المحطات.

 

 إرسال رسائل شعبية عبر قمر «كوثر» إلى جميع أنحاء العالم

 

وأكد الدكتور شهرابي قائلاً: نعلن بفخر عن انطلاق حملة «رسالة أملنا من الفضاء»؛ وهي حملة مصممة ومنفذة بهدف زيادة المشاركة العامة في الأنشطة الفضائية وخلق تجربة فريدة للمهتمين بهذا المجال. وفي إطار هذه الحملة، سيتيح قمر «كوثر»، الذي سيتم إطلاقه في 28 ديسمبر، بعد استقراره الناجح في مداره التشغيلي، إمكانية استلام وبث الرسائل المسجلة من قبل المستخدمين، ليصبح منصة لنقل الرسائل الشعبية من الفضاء إلى الأرض. وأضاف: بعد إطلاق القمر الصناعي ووضعه في المدار المحدد، يتم إرسال الرسائل المسجلة إلى القمر الصناعي عبر محطتنا الأرضية. وتابع: يقوم قمر «كوثر» ببث هذه الرسائل نحو الأرض بشكل شامل ووفقًا لجدول زمني محدد. تستقبل المحطات الأرضية المستقبلة هذه الرسائل، وبعد المعالجة، سيتم نشر النتائج النهائية على موقعنا الإلكتروني ليطلع عليها الجمهور العام.

 

وأشار الدكتور شهرابي إلى أن حملة «رسالة أملنا من الفضاء» هي جزء من جهودنا لتطوير الأنشطة الفضائية، وتعزيز العلوم والتكنولوجيا، وإقامة اتصال ملموس بين الجمهور وصناعة الفضاء في البلاد، ونأمل أن تكون هذه الحملة تجربة ملهمة للمتحمسين وخطوة فعالة نحو التعريف العام بالقدرات الفضائية الوطنية.

 

 إلحاق النموذج الثاني من «كوثر» على كتلة فصل الحمولة

 

يذكر أن عملية إلحاق النموذج الثاني من قمر «كوثر» على كتلة فصل الحمولة (Payload Separation Block) اكتملت، ووضع القمر بجانب باقي الحمولة الأخرى، وتم إجراء جميع الاختبارات المتعلقة بإلحاق هذا القمر الصناعي بنجاح.

 

يشار إلى أن قمر «كوثر» هو من صنع شركة «أُميد فضا» القائمة على المعرفة. كما تم تثبيت شعار منظمة الفضاء الإيرانية وشركة «أُميد فضا» على جسم غلاف الحماية (Fairing) الخاص بصاروخ «سويوز».

 

المصدر: الوفاق