أعاد توقيع الاتفاقية الاستراتيجية الشاملة بين إيران وروسيا طرح اسم جزيرة كيش مجدداً كإحدى الخيارات الجادة لجذب السياح الروس، ما زاد من حدة التكهنات حول مستقبل السياحة بين البلدين.
لقد رسمت هذه الاتفاقية آفاقًا جديدة للتعاون الثنائي، إذ حظي قطاع السياحة باهتمام خاص باعتباره أحد المحاور الرئيسة. ففي المادة 35 من الاتفاقية، أكد الطرفان على تطوير التعاون الحكومي والخاص في مجالات تعزيز التراث الثقافي والسياحة والفنون والحرف اليدوية، بهدف تعميق معرفة الشعبين بإمكانيات كل منهما السياحية.
ووفقاً لبيانات هيئة الإحصاء الفيدرالية الروسية، فقد سافر أكثر من ٢٧ ألف مواطن إيراني إلى روسيا بغرض السياحة في الفصول الثلاثة الأولى من عام ٢٠٢٥، وهو رقم يُظهر انخفاضاً ملحوظاً مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. هذه الإحصاءات أبرزت الحاجة إلى مراجعة السياسات السياحية وتفعيل مسارات جديدة للسفر بين البلدين.
من جانبه، أعلن رئيس لجنة السياحة الوافدة في اتحاد صناعة السياحة الروسية أن السياح الإيرانيين يحتلون المرتبة السابعة بين زوار روسيا، مشيراً إلى أن وتيرة سفر الإيرانيين شهدت نمواً سنوياً متوسطاً في الأعوام الأخيرة. كما اعتبر أن الوجهات الإيرانية ولا سيّما المدن التاريخية والجزر الجنوبية، جديرةً بالاهتمام بالنسبة للسوق الروسية.
وفي السياق ذاته، أشار وزير التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية سید رضا صالحي أميري إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية بين طهران وموسكو، معتبراً أن حجم التبادلات السياحية الحالي لا يتناسب مع الإمكانيات المتوفرة، مؤكداً ضرورة إعادة تعريف السياسات المشتركة في هذا المجال. كما وصف روسيا بأنها أحد الشركاء الرئيسيين لإيران في قطاع السياحة، معلناً استعداد بلاده لتعزيز هذا التعاون.
أمّا السفير الإيراني لدى موسكو كاظم جلالي، فقد شدّد على تنوع المعالم الطبيعية والتاريخية والثقافية والصحية في إيران، ورأى أن ضعف الترويج للوجهات الإيرانية يُمثل أحد العوائق الرئيسة أمام جذب السياح الروس. وأكد أن الحملات الدعائية الموجهة، وزيادة تبادل الوفود السياحية، وتطوير الاتصالات المستدامة، تُعد حلولاً أساسية لتعزيز هذا المسار.
وخلال لقاء جمع منظمي الرحلات الإيرانيين بمسؤولي السياحة الروس، تم تقديم جزيرة كيش بشكلٍ خاص كإحدى الوجهات الجذابة للسياح الروس. وقد قيّم نشطاء السياحة إمكانيات الإقامة والترفيه والخدمات في جزيرة كيش باعتبارها ميزة مهمة تمنحها القدرة على المنافسة مع باقي الوجهات الساحلية في المنطقة.
كما طُرح موضوع إطلاق رحلات جوية مباشرة بين روسيا وجزيرة كيش كأحد المطالب الرئيسية للقطاع الخاص، إذ أكد مسؤولو الجانبين على دور هذه الرحلات في تنشيط السياحة. ويرى الخبراء أن تسهيل منح التأشيرات، وتسيير الرحلات المباشرة، والتعاون المنسق بين منظمي الرحلات، يمكن أن يجعل كيش واحدة من الوجهات المفضلة للسياح الروس في السنوات القادمة.
وأضاف: في إيران، تحظى مدن أصفهان وشيراز والمدن التاريخية الأخرى باهتمام السياح الروس؛ وفي هذا السياق، تتمتع جزيرة كيش بإمكانات عالية.
واختتم مدير إحدى وكالات السياحة الإيرانية الاجتماع بالقول: في ظل استعداد الروس للسفر نحو 16 ساعة عبر الكرة الأرضية من أجل الإقامة بجوار البحر والمياه المفتوحة، فإن متابعة إطلاق رحلات جوية مباشرة إلى جزيرة كيش وغيرها من المناطق الساحلية في إيران يُمكن أن يحوّل بلادنا إلى وجهة مفضلة للسياح الروس، ويوفر أرضية لزيادة عائدات بلدنا وازدهار صناعة السياحة أكثر من أي وقتٍ مضى.