تتمتع محافظة آذربايجان الغربية، بفضل موقعها الجغرافي، بجاذبية سياحية كبيرة للإيرانيين والسياح القادمين من الدول الغربية المجاورة. ولا تقتصر معالمها السياحية على طبيعتها الخلابة فحسب، بل تشمل أيضاً أماكن تاريخية بارزة في مدن مثل أرومية. ومن أبرز معالم تشالدران السياحية كنيسة تادئوس المقدس، المعروفة باسم «قره كليسا»، والتي يعدها المؤرخون الأرمن أول كنيسة في عالم المسيحية، ما يمنحها أهمية استثنائية.
تُعدّ «قره كليسا» واحدة من أبهى الكنائس وأكثرها زخرفة في إيران. وقد شُيّدت فوق قبر أحد تلاميذ السيد المسيح(ع) المعروف باسم تادئوس. وبسبب موقعها في قرية قره بمدينة تشالدران، اشتهرت باسم «قره كليسا». ويقصدها العديد من السياح، خصوصاً المسيحيين، للمشاركة في الطقوس الدينية السنوية، ما يعكس مكانتها الروحية العميقة.
وقد أُدرجت الكنيسة في قائمة التراث العالمي لليونسكو في يوليو 2008م، كما سُجّلت وطنياً في 11 فبراير 1956م، بفضل هندستها المعمارية الفريدة وزخارفها المبهرة التي جعلتها تحفة فنية خالدة.
الهندسة المعمارية

تتميز الكنيسة بتصميم معماري فريد، أبرز سماته زخرفة الجدران بقصص من الشاهنامه للفردوسي. إضافةً إلى أعمال نحتية حولتها إلى عمل فني متكامل، تبلغ مساحتها نحو ٦٢٨٥ متراً مربعاً، وتحيط بها جدران عالية وأبراج شامخة أشبه بحراس لا ينامون.
تتكون الكنيسة من قسمين، حيث تم بناء القسم القديم منها بالحجارة السوداء المنحوتة، أمّا القسم الجديد فقد بُني بالحجارة البيضاء ويحتوي على قبتين رائعتين بارتفاع ۱۸ متر و24 متر.
وعلى تل قريب تقع مقبرة الأميرة الأرمنية ساندخت، فيما تنتشر في ساحتها شواهد قبور قديمة وحوض حجري.
– الأقسام الداخلية : تضم الكنيسة المحراب، الغرف، المطبخ، القبو، المخزن، المكتبة، الطاحونة، أماكن حفظ الطعام، إضافةً إلى ساحات شرقية وغربية. وقد بُنيت لتكون تحفة فنية متكاملة، وما زالت تحتفظ بجمالها الذي يزداد مع مرور الزمن، كالسجاد الكرماني الذي يزداد بهاءً مع تقادم العهد.
يحتوي المبنى على 47 غرفة كان يقيم فيها الرهبان والباحثون والحراس والكُتّاب، ولكل غرفة قبو صغير لأغراض مختلفة. وكانت الراهبات يذهبن إلى غرفهن عند غروب الشمس وينمن بعد أداء عبادة قصيرة .أمّا المحراب، فيقع في المركز بتناظر بديع، مزخرف بأحجار سوداء وبيضاء، وتعلوه ثريا معدنية بسيطة.
– الفضاء الخارجي: يضم خمسة أبراج مراقبة على شكل قوس، وتبدو واجهته الخارجية ككتلة مستطيلة واحدة. وتعلو المبنى قبتان مخروطيتان تحملان صليبًا، إحداهما بارتفاع 24 مترًا والأخرى 18 مترًا، مزدانة بنوافذ مقوسة.
– ساحات الكنيسة: تضم الكنيسة ساحتين شرقية وغربية. الساحة الجانبية الغربية تحتوي على أقسام مختلفة مثل مكان حفظ الطعام، المطبخ، معصرة الزيت والطاحونة. وكان الرهبان يتنقلون بين أقسام هاتين الساحتين ويؤدون أعمالهم اليومية.
– الزخارف: غالبية الكنائس والمعابد في أرمينيا ذات شكل مربع، بينما كنيسة تادئوس المقدس ذات شكل مستطيل. يمتزج فيها الحجر الأسود القديم بالحجر الأبيض الجديد، فيخلق تباينًا بصريًا مميزًا.
سقف المحراب مزخرف بالرخام الأبيض والأسود، متناغمًا مع الجدران الخارجية. أما النقوش والزخارف، فهي تحكي قصصًا وزهورًا ونباتات وحيوانات وصورًا بشرية، لتجعل الكنيسة لوحة فنية نابضة بالحياة.