وأشار التقرير إلى أن أوزبكستان وإيران تواصلان تعزيز تعاونهما الاقتصادي بشكل مستمر، مع تركيز الجهود الرئيسية على توسيع حجم التجارة وتدفقات الاستثمار.
غير أن استدامة هذه العلاقات الثنائية وتعميقها يتطلب تجاوز النمو التجاري المجرد والانتقال نحو نماذج شراكة أكثر استدامة واستراتيجية.
طموحات التبادل التجاري بين طهران وطاشقند
وفي هذا السياق، يُنظر إلى عقد «المنتدى التجاري الأوزبكي-الإيراني» وسلسلة من اللقاءات التجارية المباشرة بين الشركات على أنها آليات أساسية لتعزيز العلاقات التجارية وإطلاق المشاريع المشتركة.
ولفتت الوسيلة الإعلامية الأذربيجانية إلى أن حجم التبادل التجاري بين أوزبكستان وإيران قد ارتفع من نحو 250 مليون دولار إلى ما يقارب 500 مليون دولار خلال السنوات الخمس الماضية، مضيفة: إن الأنشطة الاستثمارية شهدت بدورها نموًا ملحوظًا، حيث بدأت أو وسّعت نحو 250 شركة إيرانية عملياتها في أوزبكستان خلال العام الجاري، وهو ما يعكس تزايد اهتمام الشركات الإيرانية بالسوق الأوزبكية. وفي هذا الإطار، حدد الطرفان هدفًا طموحًا يتمثل في رفع حجم التجارة الثنائية إلى ملياري دولار سنويًا.
ويضيف التقرير: غير أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تغييرًا جذريًا في طبيعة التعاون، كما أن التطوير المستدام للعلاقات الاقتصادية يحتاج إلى الانتقال الناجح نحو المشاريع المشتركة وتوطين عمليات الإنتاج.
وبالتالي، يُعدّ أحد العوامل القادرة على تحسين الظروف التجارية بين طهران وطاشقند اتفاقية التجارة الحرة بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، التي أصبحت نافذة المفعول اعتبارًا من 15 مايو 2025؛ وهي اتفاقية توفر لطهران وصولًا تفضيليًا إلى نحو 90% من قائمة السلع في الدول الأعضاء في الاتحاد، وتخفض متوسط التعريفات الجمركية الاستيرادية من 20% إلى 4.5%.
كما أن هذا الأمر يوسع بالنسبة لأوزبكستان فرص التجارة مع إيران في الفضاء الأوراسي، ويقلل من الحواجز السعرية أمام المصدرين.
وبموجب الاتفاق الثنائي المبرم، يتم تبادل 10 أنواع من السلع الإيرانية و10 أنواع من السلع الأوزبكية دون دفع رسوم أو ضرائب جمركية.
في الواقع، إن زيادة السلع المشمولة بهذا الاتفاق تخفض التكاليف التجارية؛ لكن تأثيره يظل محدودًا دون تعميق التعاون الإنتاجي والاستثماري.
التركيز على الاستثمار واللوجستيات
كما أشارت وكالة «ترند» إلى قطاع النقل كأحد العناصر المهمة في التعاون بين طهران وطاشقند، وكتبت: إن إعفاء شاحنات إيران وأوزبكستان من دفع رسوم قدرها 400 دولار عن كل دخول، أدى إلى انخفاض ملحوظ في تكاليف النقل وتسهيل اللوجستيات بين البلدين، ويأتي هذا في وقت لا يزال فيه تطوير مسارات العبور إحدى الشروط الأساسية لزيادة حجم التجارة والترانزيت.
كما أكدت أن المسار الإيراني يحمل أهمية استراتيجية بالنسبة لأوزبكستان المحاطة باليابسة؛ إذ يتيح لها الوصول إلى البنى التحتية المينائية والأسواق الخارجية من خلاله.
وبالتالي، في هذا الإطار، يُعتبر الممر الدولي للنقل «الشمال – الجنوب» أحد العناصر الرئيسية في الاستراتيجية اللوجستية طويلة الأمد وتنويع مسارات التجارة الخارجية، ويوفر استخدام الموانئ الإيرانية، بما فيها بندرعباس، إمكانية تشكيل مسارات متعددة الوسائط لنقل البضائع عبر سكك الحديد إلى أوزبكستان؛ وهو إجراء يعزز استدامة إمداد التجارة الخارجية ويقلل من الاعتماد على عدد محدود من مسارات النقل.
من تجارة المقايضية إلى نموذج استثماري مستدام
وفي الوقت نفسه، تظل التسويات المالية إحدى القيود الرئيسية، مما يجبر الطرفين على اللجوء إلى آليات تجارة المقايضية. وعلى الرغم من أن هذه الطرق تتيح الحفاظ على المستوى الحالي للتجارة، إلا أنها تحد بطبيعتها من قدرة النمو.
وفي مثل هذه الظروف، تكتسب التعاونات الاستثمارية أهمية خاصة، ويُنظر إلى زيادة حضور الشركات الإيرانية في أوزبكستان كعامل رئيسي في تعزيز الروابط الاقتصادية والانتقال نحو نموذج شراكة أكثر استدامة؛ نموذج يعتمد بشكل أقل على القيود الناتجة عن عمليات التسوية المالية.
كما أن هذا التعاون الاقتصادي يستفيد من حوار سياسي نشط بين البلدين، حيث تم في الاجتماع الأخير للجنة المشتركة الإيرانية – الأوزبكية في طهران اعتماد خارطة طريق شاملة للتعاون لمدة عامين تهدف لإزالة العوائق العملية في مجالات التجارة والاستثمار والنقل والزراعة، وذلك للمساهمة في تهيئة بيئة أكثر ملاءمة لنمو الأعمال.
وبالتالي، بعد اعتماد خارطة الطريق هذه، اكتسب الملتقى التجاري الأوزبكي – الإيراني واللقاءات التجارية الثنائية أهمية خاصة، ويُظهر حضور أكثر من 70 شركة إيرانية في مجالات الزراعة والبناء والصناعات الغذائية واللوجستيات والتجارة، رغبة الطرفين في تجاوز الأجندات العامة والانتقال نحو عقود محددة ومشاريع استثمارية.
وأقرت الوكالة، في ختام تقريرها، بأن التعاون بين أوزبكستان وإيران قد دخل مرحلة اختيار المسار المستقبلي، وإذا بقيت التفاعلات بشكل أساسي ضمن إطار نموذج التجارة المقايضية، فإن معدل النمو سيظل متوسطًا، لكن مع الانتقال إلى برامج الاستثمار وتطوير البنى التحتية اللوجستية، يمكن تحقيق هدف الوصول إلى حجم تداول تجاري يبلغ ملياري دولار في المدى المتوسط.