موقف عدّه الكثير من المراقبين بمثابة دق جرس الإنذار الأخير لواشنطن من أجل الانسحاب غير المشروط من سوريا قبيل تفعيل عمليات المقاومة الشعبية التي نجحت في بث الذعر في نفوس القوات الأمريكية وخاصة في المدة الأخيرة ووضعتها على محك التفكير الجدي في نقاش جدوى البقاء “مكشوفة” في شمال شرق البلاد.
وضع اليد على مقدرات البلاد
أشار عضو مجلس الشعب السوري مهند الحاج علي إلى أن الولايات المتحدة اعتمدت في عدوانها على سوريا على سياسة التدخل المباشر في الجزيرة السورية كما فعلت في العراق، على خلاف ما قامت به من عدوان في باقي الأراضي السورية التي اعتمدت فيها على نظام الحروب بالوكالة، من خلال الاعتماد على الجيوش البديلة تحت شعار “المعارضة المسلحة” (كالجيش الحر وهيئة تحرير الشام، وما يسمى الجيش الوطني) وغيرها من الفصائل التي تلوذ بها.
وفي حديث خاص بموقع “العهد” الإخباري شدد الحاج علي على أن واشنطن لم تتدخل بشكل مباشر أبدًا في بقيّة الجغرافيا السورية ولا حتى من خلال سلاح الجو، أما في الجزيرة السورية فقد كانت ترسم خطة خبيثة لتبرر لنفسها الدخول المباشر، من خلال خلق تنظيم “داعش” في سجون العراق (كسجن أبو غريب، وبوكا) حيث قامت استخباراتها بجمع القيادات المتطرفة في هذه السجون ودفعها للقيام بتشكيلات مسلحة، تقوم بالهجوم على الجزيرة السورية، لتبرر لنفسها تشكيل ما يسمى بالتحالف الدولي كي تحارب هذه التشكيلات الداعشية. وأشار إلى أن النوايا كانت واضحة، فمنذ عام ٢٠١٤ كان امريكا تطلق تصريحات تدس فيها السم بالعسل من خلال زعمها الخوف من أن يستثمر تنظيم “داعش” النفط السوري وسرقته لتمويل نفسه، وهذا التصريح جاء على لسان اكثر من مسؤول في ادارة اوباما، لذلك دخلت بقوتها العسكرية وأقامت قواعد غير شرعية هناك، من دون موافقة السوريين، ولم يكن من قبيل المصادفة أن تكون هذه القواعد اما ضمن حقول النفط السورية المسروقة أو بجوارها، لتمنع الجيش السوري وحلفاءه في ذلك الوقت من الاقتراب منها، وخاصة أنه أطلق عملية عسكرية لتحرير مدينة دير الزور، والجزيرة السورية، وكان هدف واشنطن من ذلك هو تعقيد الموقف وسرقة النفط السوري.
ولفت عضو مجلس الشعب السوري إلى أن الخسائر السورية من وراء هذه اللصوصية الأمريكية تقدر بحوالي ٢٤ مليون دولار يومياً حيث تقوم امريكا بسرقة هذا النفط عبر شركات أمريكية ورجال أعمال اسرائيليين، بالتعاون مع تنظيم “قسد” الانفصالي، فيتم تهريب النفط عبر ناقلات إلى شمال العراق، حيث يطرح في السوق السوداء بأسعار بخسة.
وأضاف الحاج علي أن الرئيس الأمريكي السابق قالها صراحة في أكثر من مناسبة بأنه يطمع بالنفط السوري وواظب على سرقته بشكل مستمر، مشيراً إلى أن في الأمر سرقة موصوفة وفي وضح النهار، حيث تقوم امريكا باستعمال هذه الأموال من أجل تمويل الجماعات الارهابية التي تديرها مخابراتها في المنطقة وخاصة تنظيم “قسد” الارهابي الانفصالي.
دمشق والفرصة السانحة
وشدد عضو مجلس الشعب السوري في حديثه لموقعنا على أن وضوح التسويات مع الجانب التركي في الشمال والشمال الغربي السوري، وسيرها قدما نحو اتفاق يعيد الحقوق السورية قد بدأ يدفع القيادة السورية من أجل توجيه امكانياتها لتحرير الجزيرة السورية من كل المحتلين بما فيهم امريكا، ومؤشرات ذلك تكمن في تصاعد عمليات المقاومة ضد القواعد الامريكية واستخدام أنظمة قتالية حديثة كالمسيّرات، وكذلك فإن تصاعد وتيرة تصريحات الخارجية السورية، ينبئ بأن القيادة السورية جادة وعازمة على تحرير أراضيها وان الخيارات العسكرية مفتوحة، كون الجيش العربي السوري، منذ عام تقريبًا يقوم بالتدريب وببيانات عملية على الارض، تحاكي عبور حاجز مائي (والمقصود به نهر الفرات).
وختم عضو مجلس الشعب السوري حديثه لموقعنا بتأكيده على أن الظروف مواتية لتحرير الجزيرة من الامريكي وسقوط أدواته تباعا في المنطقة وعودة الحقوق لاصحابها، سلمًا أم حربًا.
من زاوية قانونية
المحامي الاستاذ ياسر عيد أشار إلى أن ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية من نهب للنفط وبقية الثروات السورية هو سلوك يتصف باللصوصية والسطو الفعلي على مقدرات الدول الاخرى فضلاً عن دعم المجموعات الإرهابية التي تريد تكريس كل المشاريع الانفصالية في سوريا.
ولفت المحامي عيد في حديثه لموقعنا إلى أن دمشق تحصي كل سلوك امريكي في هذا السياق وتوثقه ليكون جزءًا من ملف قانوني يمكن تحريكه مستقبلاً حين تسمح الظروف بذلك، مشيراً إلى أن آخر ما أشارت إليه وزارة الخارجية السورية في هذا الشأن هو قيام قوات الاحتلال الأمريكي خلال الأسابيع الماضية بمتابعة نهبها للنفط والثروات السورية الأخرى عبر شمال العراق إلى تركيا، موضحًا أن سوريا التي أدانت هذه التصرفات كانت قد طالبت الإدارة الأمريكية بدفع التعويضات للشعب السوري ووسمت السلوك الأمريكي بالقرصنة وقطع الطرق.
وأكد عيد أن مطالبة دمشق لواشنطن بدفع التعويضات ليست صرخة في الفراغ بل يمكن أن تستند إلى ملف قضائي واسع يثبت بالأدلة الدقيقة كل ما تم القيام به في هذا الشأن وتقديمه إلى المحافل القضائية المعنية بهذا الأمر دولياً وتعجرف واشنطن واستبدادها بقوتها لا يلغي حقيقة لصوصيتها وسرقتها للمقدرات السورية.