من يعرف توجهات القيادة السورية، المتمسكة بثوابتها ومبادئها، يفهم أن حديثها عن العروبة ليس من منطلق تسجيل الموقف والمزاحمة، إنما من منطلق الإيمان، وهو ما دفع الرئيس الٍأسد إلى القول إن العروبة انتماء، وليس ارتماء في حضن، مؤكدًا أن سوريا قلب العروبة النابض، قولًا وفعلًا. ربما غمزه من بوابة علاج الأزمات العربية ينطلق من ثابتتين هما رفض التدخلات الخارجية في عالمنا العربي والتلاقي مع الإقليم، وكذلك علاج أسباب المشكلات لا فروعها أو كما وصف الأسد علاج العارض بدل علاج المرض.
أمام ما استعرضه الرئيس الأسد، الذي بدا واضحًا أنه استعاد دور بلاده من موقع القوة، يضع العرب جميعًا أمام فرصة تاريخية لتغيير سلوكيات الماضي القريب والتطلع إلى مستقبل أكثر ازدهارًا، وهو أمر منوط بالتقاطهم إشارات المتغيرات الدولة الآتية. هو كمن يوعز لهم بالتحرر من هيمنة الغرب الذي يمارس الضغائن حتى ضد شركائه. فلا عمل عربي مشترك دون التحرر من أي هيمنة أميركية وغربية. تحدث الرئيس الأسد بلغة التمني، هو لا يريد إحراج أحد، لكنه فعل ما عليه فعله، وصوّب التوجه العربي كما يجب، ويبقى على الآخرين الأخذ بالنصح، كي لا يقدموا نحو مغامرات أخرى غير محسوبة، أثبتت الوقائع والتجارب أنهم سيدفعون ثمنها. وعليه، وجدنا الرئيس الأسد ناصحًا، مشخصًا للأزمات، التي يقع على عاتق جميع العرب حلها بالتكاتف وترجمة لمصطلح التضامن العربي، ولا يقع على عاتق سوريا وحدها.
لا نبالغ إن قلنا إن الرئيس السوري وضع خارطة طريق واضحة المعالم والخطوات لمن يهمه أمر شعوب المنطقة ومصالحها وتقديم تلك المصالح على ما سواها.