سارة سعد
إن الإبداع يساعد في تطوير وتحسين مهارات التفكير العاطفي والاجتماعي والنقدي عند الطفل؛ لذا فعلى الوالدين والمعلمين تشجيع إبداع الأطفال بالعديد من الطرق، التي تساعدهم على الانطلاق في حياتهم. يُعدُّ الخيال والإبداع جزءين هامين للغاية في حياة أي طفل، ولا يتعلق الإبداع بالابتكار فقط؛ بل يتعلق بكل الأعمال التي قد تراها بسيطة وغير مهمة عند طفلك؛ كاللعب بالطين وتشكيله، والرسم، ولعب التخيل واللعب الحر. إن مساعدة طفلك على الإبداع لن تجعله مبتكرًا وفنانًا ومتميزًا فقط، بل إن الإبداع يلعب دور هامًّا للغاية في نمو الطفل كذلك. وأول ما يمكنك فعله لمساعدة ابنك في تعزيز الإبداع لديه هو مشاركته في كل أفكاره ومشاريعه.
ما هو الإبداع؟
الإبداع هو النظر للشيء المألوف بطريقة غير مألوفة، أو رؤية العادي بشكل غير عادي، ومزج الخيال مع التفكير العلمي؛ من أجل إيجاد حل لمشكلة أو إيجاد فكرة جديدة أو تطوير فكرة موجودة بالفعل، بحيث ينتج عن ذلك شيء متميز فريد من نوعه، قابل للاستعمال والتطبيق. والإبداع لا يحل مشكلة بالضرورة، بل قد يكون سببًا في خلق مشكلة أحيانًا، لا سيما وأنه يعتمد على إيجاد وتطوير أفكار وأعمال غير عادية. وفي العموم يمكننا تصنيف الإبداع لصنفين؛ الأول وراثي، والذي يأخذ فيه الابن إبداع وذكاء والديه، والثاني مكتسب، والذي يشير إلى أن المبدع لا يشترط أن يكون ابنًا لمبدع أو مبدعة. ويعد هذا الجانب أهم في العملية الإبداعية من الشكل الوراثي.
لماذا الإبداع مهم؟
الإبداع مهم جدًا في تحسين القدرات المعرفية للطفل. اكتشف العلماء أن الأشخاص المبدعين فنيًا -على سبيل المثال- يميلون لتطوير روابط أقوى بين نصفي الدماغ الأيمن والأيسر، كما أكد العلماء أن التفكير الإبداعي يمكن أن يساعد الدماغ على تطوير روابط عصبية وتعلم مفاهيم جديدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن ممارسة الأنشطة الإبداعية في حد ذاتها تساعد في تحسين الحالة المزاجية عند الطفل وتعزز من رفاهيته. وقد كشفت دراسة قام بها مجموعة من الباحثون في كلية بروكلين؛ أن الرسم ساعد الأطفال على الهدوء بعد تذكر ذكريات مأساوية وحزينة، وأن الناس حين يركزون على عمل إبداعي فإن احتمالية شعورهم بالسعادة تزيد، وهذا يحقق لهم مزيدًا من الازدهار.
وبشكل عام، فإن أهم الأسباب التي قد تدفعك لتعليم ابنك كيف يكون مبدعًا؛ تتمثل في تقوية عاطفته وصحة دماغه، وعلى الرغم من أن تحديد نقطة الانطلاق قد تكون صعبة ومربكة لك كأب أو مربي، إلا أن الطرق التالية ستساعدك على تحقيق هدفك المنشود.
كيف تقود طفلك للإبداع؟
أول مؤسسة يمكنها أن تأخذ بيد الطفل وتقوده للإبداع هي الأسرة؛ إذ تلعب الأسرة دورًا خطيرًا للغاية في تشكيل شخصية الطفل ورسم حياته ومستقبله. فإما أن تنجح في تنمية شخصيته وتطويرها وتكسبها اتجاهات وقيمًا إيجابية واضحة، وتساعدها على تطوير ميول علمية، أو تكون سببًا رئيسيًا في طمس شخصية الطفل، وتحطيمها بالسلبية والإهمال، وعدم تقدير مواهبه، وعدم الاعتراف بقدراته المميزة.
على الرغم من أن هناك الكثير من الصفات التي يرثها الطفل من والديه؛ والتي تؤثر على سلوكه وتفكيره ونفسيته، إلا أن العديد من الدراسات والأبحاث في مجالي الطب النفسي وعلم النفس قد أثبتت أن هناك في المقابل العديد من الصفات التي يمكن أن يكتسبها الإنسان من البيئة التي يتواجد فيها. وهذا يعني أن الأسرة إذا خلقت للطفل البيئة المثالية، تدفعه للإبداع دفعًا.
إثارة خيال الطفل بالأمثلة
هذه الخطوة يمكن اتخاذها كبداية، لا شيء مخيف أكثر من صفحة فارغة، لذا بإمكانك البدء بإثارة خيال الطفل عن طريق إعطائه بعض الأمثلة أو النماذج الملهمة. قد يبدو هذا خطيرًا بالطبع؛ لأن الأطفال يقلدون كل ما يرونه، لكن لا بأس بهذا في البداية، ومن ثم شجِّعْهم على تغيير أو تعديل النماذج أو الأمثلة التي طرحتها، واقترحْ عليهم أن يضيفوا لمستهم الشخصية وأسلوبهم الخاص عليها.
اليد لا تقل أهمية عن الرأس
إبداع الأطفال
قد تظن أن الخيال يحدث في الرأس وحدها -أي من الفكر-، لكن اليد لا تقل أهمية عن الرأس، فالتنفيذ العملي قد يولد أفكارًا بديعة. لذا لمساعدة ابنك -أحيانًا- في ابتكار فكرة ما يجب أن تتركه يعبث، اترك له المكعبات أو المواد المختلفة -الآمنة- لكي يعبث بها بيده ويُظهر من خلالها أفكاره، إذ إن معظم النشاطات التي تبدأ بلا هدف تصبح بداية لمشروع جيد. كما أن تنظيم بعض الأنشطة الصغيرة مهم أيضًا، اطلب من طفلك تجميع مكعباته معًا، ثم إعطاء ما قام به لصديقه ليكمل عليها، ثم المتابعة على هذا الحال بينه وبين صديقه، هذا يساعد في ابتكارهما أفكارًا جديدة إبداعية، في جو من الألفة والمحبة.
توفير المواد اللازمة للطفل
لأن الأطفال يتأثرون بكل الألعاب والأدوات والمواد الموجودة حولهم، فإن إشراكهم في الأنشطة الإبداعية يتطلب توفير هذه المواد لهم، كمواد الرسم والبناء والمكعبات والعصي والأقمشة والجلود والأقلام والأجهزة التقنية كالروبوتات الصغيرة وغيرها. كل هذه المواد ستجعل الطفل يعمل بيده ويحاول ابتكار أشياء جديدة مهما كانت بسيطة.
احترام ما يقوم به الطفل أيًا ما يكن
كل طفل يكون لديه اهتمامات بأشياء مختلفة عن الآخر، هناك من يهتم ببناء المنازل والقلاع بالمكعبات، وهناك من يحب العرائس والألعاب، والبعض يحب تجميع السيارات، بينما يفضل البعض أنواعًا معينة من الرياضات أو الكتابة وغيرهم. كل نشاط من هذه الأنشطة يمكن أن يقود طفلك للإبداع، لذا شجع طفلك على الانخراط في مختلف أنواع النشاطات التي يحبها، وحاول أن تتفهمه وتحترم ما يقوم به ولا تنظر له بعين الاحتقار والاستصغار، ولا تضع كل همك على النتيجة النهائية والشيء الذي يصنعه؛ بل الأهم من ذلك هو العملية أو الوقت الذي قضاه في صنع هذا الشيء.
لذا يجب عليك تسليط الضوء على العملية نفسها وخطواتها؛ لا على المنتج النهائي وحده. واسأل الطفل عن الاستراتيجية التي استخدمها ومصدر إلهامه في صنع ما صنعه، وشجعه على التجريب، وامدحه على كل تجربة فاشلة بقدر مدحه على التجارب الناجحة، وحاول أن تخصص له وقتًا لمشاركته أحد مراحل مشروعه، وناقش معه ما يخطط للقيام به في الخطوة التالية.
تشجيع الطفل على التفكير من خلال طرح الأسئلة
إن تشجيع الطفل على التفكير عن طريق طرح مجموعة من الأسئلة المثيرة عليه، يدفعه إلى الإبداع أكثر، ويعزز من ثقته بنفسه، ويزيد من قدرته على التعبير عن نفسه. أفضل سؤال يمكن أن تسأله لطفل يقوم بشيء ما هو: كيف خطرت لك فكرة هذا العمل؟ لكن يجب أن تكون صادقًا في سؤالك حتى تدفع الطفل للتوقف، والتفكير عن دوافعه للقيام بهذا العمل وعن إلهامه.