خلصت لجنة مستقلة ألمانية -في تقرير أصدرته مؤخراً إلى أن ما يعانيه المسلمون من تمييز متزايد في المجتمع الألماني، يبرر اتخاذ إجراءات متضافرة لمكافحة الكراهية والتحيز ضدهم. واعتبرت اللجنة المستقلة التي كلفتها الحكومة هذه المهمة أن المسلمين “هم إحدى الأقليات الأكثر تعرضا للضغوط” في ألمانيا، وقد أصدرت توصيات للقادة السياسيين والشرطة والمدرسين ووسائل الإعلام والقطاعات الترفيهية. وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر بعد تلقيها التقرير إن “كثيرا من المسلمين البالغ عددهم 5.5 ملايين في ألمانيا يعانون من التهميش والتمييز في حياتهم اليومية، بما في ذلك الكراهية والعنف”. وشددت فيسر على أن الحكومة “ستدرس بشكل مكثف نتائج التقرير وتوصياته”، وأنها ستعمل على “مكافحة التمييز وحماية المسلمين بشكل أفضل من الاستبعاد”.
* الجماعات المتطرفة
وأشارت اللجنة المؤلفة من 12 عضوا إلى بيانات تُظهر أن نحو نصف الألمان يقبلون تصريحات مناهضة للمسلمين، مما “يوفر أرضا خصبة خطيرة” للجماعات المتطرفة. وبحسب اللجنة، فإن ذلك يشمل أيضا المسلمين المولودين في ألمانيا الذين يُنظر إليهم على نطاق واسع على أنهم “أجانب”، كما أن الإسلام غالبا ما يصور على أنه “دين رجعي” وأن النساء اللواتي يرتدين الحجاب التقليدي يواجهن “عداء بأشكال دراماتيكية”.
وفي تحليل للثقافة الشعبية، خلص التقرير إلى أن نحو 90% من الأفلام التي شاهدتها اللجنة قدمت نظرة سلبية عن المسلمين، وغالبا ما أقامت رابطا بينهم وبين “هجمات إرهابية وحروب وقمع للنساء”. وأشارت إلى أن حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، والذي يحظى بنسبة تأييد شعبي تقارب 20%على صعيد البلاد، لديه منصة حزبية معادية علنا للإسلام.
*معالجة التحيز ضد المسلمين
وأوصت اللجنة الحكومة بتأليف فريق عمل لمعالجة التحيز ضد المسلمين وإقامة مركز لمراجعة الشكاوى. وشددت على وجوب تقديم تدريبات في مراكز الرعاية النهارية والمدارس ومراكز الشرطة والمكاتب الحكومية ووسائل الإعلام وشركات الترفيه لمكافحة الصورة السلبية للمسلمين، في حين ينبغي إصلاح الكتب المدرسية والخطط التعليمية. وأشارت إلى أن الإحصاءات الجنائية بدأت تعطي صورة أكثر دقة للهجمات المناهضة للمسلمين، لكنها أقرت بأن كثيرا منها لا يتم الإبلاغ عنها. وكان وزير الداخلية السابق هورست زيهوفر قد أطلق اللجنة عام 2020، بعدما أقدم يميني متطرف على قتل 10 أشخاص وأصاب 5 آخرين بجروح، في إطلاق نار معادٍ للمسلمين في مدينة هاناو وسط البلاد. وأثار الهجوم صدمة في البلاد، ودفع منظمات حقوقية إلى التحذير من تنامي الإسلاموفوبيا في ألمانيا.
*جملة من التحديات
ورغم الوزن المؤثر للمسلمين داخل المجتمعات الغربية، فإنهم يواجهون جملة من التحديات؛ يأتي في مقدمتها التمييز والعنصرية. وقد كشف استطلاع للرأي أجرته وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية أن قرابة 92% من المسلمين عانوا من التمييز العنصري بأشكاله المختلفة، 53% منهم بسبب أسمائهم، في حين تعرضت 94% من النساء لمضايقات عنصرية بسبب الحجاب. وفي أمريكا، كشف مؤخراً بحث لجامعة “رايس” أن المسلمين في أميركا أكثر عرضة بواقع 5 مرات لمضايقات الشرطة بسبب دينهم مقارنة بالديانات الأخرى. ويعتقد العديد من الخبراء أن المسلمين في الدول الغربية يقعون ضمن إطار الإشكالية العنصرية وخاصة ضمن الإسلاموفوبيا، وينظر للمسلم والعربي في المجتمعات الغربية على أنه عنصر غريب والبعض يعتبره خطرا عليهم، مبرزا أن مرحلة الحرب على الإرهاب جعلت العربي والمسلم “معرض إشكال وشبهة، تستخدمه الحكومات الغربية للتغطية على فشلها الاقتصادي والسياسي”.