صدر حديثاً عن "مركز دراسات الوحدة العربيّة"

“في معنى المكان”.. وحي من دروس المقاومة المقدسيّة

يرصد الكتاب في ملاحظاته الإثنوغرافيّة والسوسيولوجيّة كيفيّة إدراك الفلسطيني معنى الأمكنة المذكورة سابقاً وأهمّيّتها، عبر شحذ ذاكرته.

2023-07-19

صدر حديثاً عن “مركز دراسات الوحدة العربيّة” كتاب “في معنى المكان.. وحي من دروس المقاومة المقدسيّة”، للباحث “بلال عوض سلامة”.

يعالج الكتاب الإستعمار الصهيوني بوصفه استعماراً إحلاليّاً يهدف إلى المزيد من السيطرة على الأمكنة الفلسطينيّة حيثما أمكن، خصوصاً سياساته الإحلاليّة في القدس المستعمَرة، المتركّزة في ثلاثة أمكنة، هي: “باب العامود” عبر إحلال واستعمار الإدراك الحسّي والعقلي للمشهد البصري للفلسطيني في سبيل تهويده و”أسرلته”، وحيّ الشيخ جرّاح عبر اجتثاث سكّانه وجعل البيت فيه بيئة غير آمنة ومزاحمة للفلسطيني على الاستحواذ عليه بالقوّة المفرطة، ومحيط المسجد الأقصى وساحاته والإحلال المقدس فيه، عبر محاولات إحلال المقدس اليهودي مكان المقدس الإسلامي والعربي.

يرصد الكتاب في ملاحظاته الإثنوغرافيّة والسوسيولوجيّة كيفيّة إدراك الفلسطيني معنى الأمكنة المذكورة سابقاً وأهمّيّتها، عبر شحذ ذاكرته الفرديّة والجمعيّة، وفعله وحضوره الوطنيّ المقاوم من حيث الحضور والاحتجاج والتدفّق في الشوارع بأشكال متعدّدة، وبالوسائل المتاحة كافّة لاستعادة الأمكنة أو ما يُطْلِق عليه الكتاب “حرب الأمكنة”، وكيفيّة تشكيل وصوغ المكان الفلسطيني بوصفه حيّزاً سياسيّاً، لتطوير وشحذ وعيه وهويّته الوطنيّة عبر حضوره اليومي كمقاومة في سبيل استعادة المكان رمزيّاً ومادّيّاً، فنذكر قسم من الكتاب فيما يلي.

البيت.. من الأُلفة إلى ساحة للقهر

“حسبي الله ونعم الوكيل… الله أكبر، الله أكبر”، هذه الصيحات الّتي خرجت من أفواه الفلسطينيّين، حينما قصف الاستعمار الصهيونيّ “برج هنادي” في قطاع غزّة، وللمرّة الثانية بتاريخ 11 أيّار/مايو 2021، إلى جانب أبراج أخرى في وسط قطاع غزّة وشماله، في محاولة منه في الإمعان بإذلال الفلسطيني وقهره، وتجريده من المكان الحميمي، ولجعل واقعه مسلوباً، وغير مستقر أو حتى آمن في بيته، هذه البقعة المكانيّة التي يُفْتَرَض أن تشكّل مساحة الطمأنينة، والركون والاستقرار من الناحية النظريّة لأي كان.

هذه التقنيّة العقابيّة، بوصفها جزءاً من السياسات والممارسات الإستعمارية المدروسة والمعدّة ضمن عقيدة صهيونيّة، أطلقوا عليها “عقيدة الضاحية” التي اسْتُخْدِمت في لبنان في عام 2006، في محاولة لكسر حالة الصمود والمنعة والصلابة المجتمعيّة من جانب، ومن جانب آخر، أداة لفضّ حالة الإلتفاف الجماهيري حول المقاومة.

أسْتُخْدِمَت هذه السياسة أيضاً في العدوان الأخير على قطاع غزّة وغيره، مثلاً: ما يجري من محاولة التهجير والاستيلاء على بيوت الفلسطينيّين في حيّ الشيخ جرّاح، أو في حيّ بطن الهوى، وحيّ البستان في بلدة سلوان، إلى الحبس المنزلي، وهدم المنازل والهدم الذاتي، بوصفها ممارسات استعماريّة ضمن مخطّط كامل يهدف إلى تحويل البيت الفلسطيني إلى ساحة حرب، واستلاب، وتعرية، وانكشاف، ومنطقة متزعزعة تخلق نوعاً من التوتّر الوجودي للفلسطيني الذي يعيش في سياق استعماري إحلالي.

 

المصدر: الوفاق/ وكالات