الوفاق/ البرامج التي تتطرق إلى المواضيع الدينية تواجه إقبالاً كبيراً لدى الجمهور، وشهدنا في السنوات الأخيرة برامج عديدة في هذا المجال، ومنها برنامج “محفل” في شهر رمضان المبارك وكذلك برنامج “حسينية المعلى” التي تم عرضها خلال الأيام الماضية من القناة الثالثة في التلفزيون الإيراني، واجتذب الجمهور من مختلف أنحاء العالم وحضره العديد من الضيوف من مختلف أنحاء العالم ومنها سوريا ولبنان وغيرها.
الأمة والحسينية
شهد الموسم الأول من برنامج “حسينية المعلى”، الذي تم بثه على الهواء، مزاجاً جديداً في البرامج الدينية، وصفها البعض بمسابقة المواهب والتي طبعاً بعد فترة وجيزة من مشاهدة البرنامج وتأكيد صانعو البرنامج تم كشف أن برنامج “حسينية المعلى” لا يبحث عن تحكيم وحكم بين القراء والرواديد.
وبدلاً من ذلك، فقد وفر البرنامج مساحة لتقديم هذه المواهب، وتطوير الطقوس الدينية والحفاظ عليها، ولهذا السبب يطلق الخبراء عليه عنوان “مجمع الذكرين”، كما يتم مخاطبة الجمهور الموجود في الحسينية كمستمعين.
في الحقيقة، يتم محاولة استحضار الأجواء الحسينية في هذا البرنامج.و تم بث الموسم الأول والثاني من هذا البرنامج في محرم وصفر العام الماضي، وتم بث الموسم الثالث بأجواء سعيدة في شهر شعبان.
هذا العام تم عرض هذا البرنامج في العقد الأول من محرم حتى ليلة الوحشة في اليوم العاشر من شهر محرم، مع تغيير في مجمع الذاكرين ومقدم البرنامج مع الجمهور، وفي هذا الإطار يعتقد “سعيد ستودكان” منتج البرنامج ؛ مرة أخرى تم إنتاج برنامج تحت عنوان: “حسينية المعلى” لمرافقة قلوب محبي أبي عبدالله الحسين (ع) لإقامة عزائه في هذه الأيام الخاصة ولتذكير الطريق والشكليات التي اختارها الإمام الحسين (ع) في كرامة الحياة.
هذه هي المرة الرابعة التي يكون فيها المعجبون ضيوف هذه الحسينية على شاشة التلفزيون وهم يسلمون قلوبهم وأرواحهم للمدح والتعزية وغيرها من الطقوس والمراسم التي تشق طريقها إلى المنازل من خلال نافذة الصورة.
ويقول “ستودكان”: حاولنا بث كل موسم من حسينية المعلى بإطلالة جديدة. على سبيل المثال، ذهبنا إلى عرض مراثي ورواديد من مختلف محافظات ايران، وخاصة من المجموعات العرقية المختلفة؛ لأننا أردنا جمع الطقوس التقليدية المختلفة في إقامة عزاء الإمام الحسين (ع) ودعوة الناس لمشاهدتها.
لهذا السبب ذهبنا في المواسم الماضية إلى النخب لتصوير هذه الطقوس بالطريقة الصحيحة. بالإضافة إلى ذلك، قمنا بتصوير قراءة التعزية التي أهملت في السنوات الأخيرة وتعتبر من الفنون الإيرانية الخاصة.
حاولنا أن نظهر فن قراءة التعزية في هذا البرنامج بقوة وأن نقول بلغة الصور ما هي القدرات التي لدينا في هذا المجال والتي يجب أن ننتبه إليها. في هذا الموسم، قمنا بإلقاء نظرة جديدة على الطقوس القديمة التي تحدث في مدن مختلفة من إيران في نفس وقت محرم.
في الحقيقة، يمكن القول إن هذا الموسم من البرنامج يحاول تمثيل الصلة بين الثقافة الإيرانية والإسلام، ويبث الطقوس التي اعتاد الإيرانيون في كل ركن من أركان البلاد الاستعداد لها خلال هذه الأيام.
بكاء الرواديد في “حسينية المعلى”
في شهر محرم هذا العام، أقيمت حسينية أخرى في التلفزيون الإيراني تحت عنوان “حسينية المعلى”، وهذه المرة اجتمع الرواديد وذاكرو أهل البيت عليهم السلام في ركن من الحسينية، لكي ينظروا ويشهدوا حضور عشاق سيد الشهداء (ع) وإقامة العزاء له ولأصحابه الأبرار.
من الطفل البالغ من العمر 6 سنوات الذي يدين بساقيه لشفاعة السيدة فاطمة الزهراء (ع)، إلى رواديد من أردبيل، الذين أثاروا إعجاب الحضور والجمهور بتقاليدهم، ومشهد تفانيهم في الفضاء الافتراضي أصبحت عامة وخاصة.
“حسينية المعلى” برنامج يهدف إلى نشر ثقافة قراءة التعزية، ويعتمد أساس البرنامج على تحديد وإدخال مختلف مظاهر إقامة العزاء للإمام الحسين (ع) بين المجموعات العرقية الإيرانية أولاً ثم بين المسلمين في البلدان الأخرى.
هذه المرة، من المفترض أن نُظهر مجد وعظمة إقامة العزاء الحسيني للأحرار الساعين إلى العدالة في العالم، ونشهد أوجه الوحدة للمجتمع المسلم.
إن طبيعة نهضة الإمام الحسين (ع) هي تعبير كل شعوب العالم عن غليانها الداخلي نحو مواجهة طغيان الظالمين والدفاع عن الحق والمظلوم.
سرّ النجاح
كما أن يعتقد “ستودكان” حول سر نجاح البرنامج واستمراره هو دراسة هذه المسألة من عدة جوانب. أحد الجوانب هو الجانب الروحي، لإن نظام سيد الشهداء (ع) والأئمة المعصومين عليهم السلام ضخم للغاية وله جوانب مختلفة يمكن للمرء أن يكتب ويبتكر أعمالاً مختلفة عنه حتى يوم القيامة، إنه كنز لا ينضب.
من ناحية أخرى، هناك قدرات يمكن إنشاؤها بهيكل جديد وديكور جذاب والعديد من الإبداعات في البرنامج وبهذه الطريقة تجلب الجمهور معنا بأسلوب جديد، أعتقد أن هذا حدث بفضل سيدالشهداء (ع).
من جهة أخرى حول الإطار المختلف لهذا البرنامج وأجوائه الفريدة، يقول الخبير الديني “محمد عشايري منفرد”، أحدهما هو الجو غير الرسمي الذي كان سائداً في البرنامج. لأن هذا الجو غير الرسمي سيخلق ارتباطاً بواقع شخصية قرّاء ورواديد أهل البيت عليهم السلام. شيء ربما حدث في برامج قليلة وهذه من أهم ميزات هذا البرنامج التي تعاملت مع الطبقات المخفية من التأبين والمؤبنين.
مستمعو التعزية
من جهة أخرى مميزات هذا البرنامج، والذي استمر في هذا الموسم إلى يوم الجمعة الماضي الموافق العاشر من شهر محرم الحرام، وجود عدد من الأشخاص في البرنامج أي الحضور الذين يمكننا أن نعتبرهم مستمعي التعزية ويقول “ستودكان” عن الفرق بين هذا الحضور والفصول السابقة: في هذا البرنامج لا نستخدم عنوان الجمهور بل نسمي الجمهور في الحسينية مستمعي تعزية الإمام الحسين (ع). في هذا الموسم، عبّر العديد من الأشخاص عن رغبتهم في التواجد بين الجمهور، وتلقينا ترحيباً كبيراً من جميع أنحاء إيران، وتمكنا من استضافة بعضهم.
ميزات الموسم الرابع من البرنامج
من سمات الموسم الرابع أن المستمعين ينتمون إلى فئة معينة كل ليلة. وهناك مستمعون وحضور وضيوف دوليون، على سبيل المثال، هناك أفارقة وأستراليون ، وضيوف مشاركون من سوريا و لبنان وباكستان وغيرها.
على سبيل المثال، في الليلة الثالثة من شهر محرم، والتي سُميت على اسم ابنة الإمام الحسين (ع) السيدة رقية (ع) البالغة من العمر ثلاث سنوات، يأتي الآباء إلى البرنامج مع بناتهم الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين 3-4 سنوات.
هذا العام، مثل المواسم السابقة، حضر مشاركون دوليون من جميع أنحاء إيران، وديكور البرنامج، هو أحد السمات المميزة والملفتة للانتباه في كل موسم، وفي ديكور هذا الموسم، نشهد الجمال البصري في الاعتبار وفي نفس الوقت نشهد شكلاً من أشكال التصميم يستحضر الأجواء الحسينية وللمستمعين كذلك .
مجمع الذاكرين
وأما خبراء هذا الموسم من البرنامج أي مجمع الذاكرين هم من الرواديد الإيرانيين الشهيرين الذين يشرفون على عروض التعزية، وهم ميثم مطيعي، مجيد بني فاطمة، مهدي رسولي، وعبدالرضا هلالي.
– میثم مطیعي: هو أحد الأعضاء الحاضرين في لقاء متابعي هذا البرنامج. هذا المحاضر الجامعي والرادود الإيراني تخرج بدرجة الدكتوراه في علوم القرآن والحديث، وفي معظم كلمات التأبين التي ألقاها، ذكر أيضاً قضايا تتعلق بجبهة المقاومة وقضايا سياسية واجتماعية أخرى.
كان مطيعي أحد تلاميذ الأخلاق عند المرحوم آية الله آقا مجتبى طهراني، وقد تلا بعض مقاتل أهل البيت عليهم السلام من الذاكرة باللغة العربية وله أيضاً لهجة واضحة. لذلك، فقد جذبت انتباه الكثيرين، بما في ذلك مجتمع الرواديد.
– سیدمجید بني فاطمة: حسب العمر، يعتبر سيدمجيد بني فاطمة أكبر رادود موجود في “مجمع الذكرين”، وهو الذي كان معه في بعض المواسم السابقة للبرنامج، بدأ حياته المهنية عام 1992 م، أي في سن الخامسة عشرة، ويعتبر من الشخصيات الشهيرة في هذا المجال.
يشتهر هذا ذاكر، الذي ينشط في مجال الرثاء والتأبين والعاطفة، بأداء القطعة العاطفية “عمو عباس” بين محبي أهل البيت (عليهم السلام).
– مهدي رسولي: هو خطيب ورادود من مدينة زنجان أصبح شخصية معروفة على شاشات التلفزيون وفي الأوساط الدينية هذه السنوات، وبسبب جذوره يتمتع الرسولي بالعديد من المديح باللغة التركية، والتي لا تُنسى للمتحدثين الأذربيجانيين، للسنة الرابعة على التوالي، هذا الرادود حاضر في البرنامج.
– عبدالرضا هلالي: يتذكر معظم الجمهور عبد الرضا هلالي بـتعزية “عزيزي حسين” التي كانت تعزية طفولية ورومانسية. لديه صوت خاص أن العديد من كلمات التأبين التي قدمها أصبحت لا تُنسى للجمهور.
الضيوف الدوليون
شهدنا مشاهد خالدة ومؤثرة جداً في هذه البرنامج منها ما حضرته الأم والبنت السورية اللتان تحدثتا عن أمنيتهم واعتبرت الفتاة السورية أن أمنيتها هي زيارة السيد القائد الإمام الخامنئي واللقاء مع أخواتها المفقودة خلال الحرب.
وكذلك الرادود اللبناني الذي قرأ أبيات حزينة في وصف السيدة رباب (ع) باللغة العربية، وغيرها من المشاهد التي أصبحت خالدة في الأذهان كما أنها في ليلة من هذه البرنامج حضر الضيوف من 30 دولة من أفريقيا وأستراليا وغيرها، فهذه البرنامج الدولية إستطاعت أن تتخطى الحدود وتصبح عالمية وهي إحدى نتاجات الوحدة في العالم الإسلامي والشعار المحفور في القلوب وهو “حب الحسين (ع) يجمعنا.