الأيام تمر.. ونقترب إلى أيام الزيارة الأربعينية، ومع اقتراب مراسم الأربعين الحسيني وحضور الملايين من زوّار كربلاء المقدسة في هذا التجمع العالمي، قد يطرح سؤال لبعض الناس، لماذا يقام الأربعين فقط للإمام الحسين(ع) وليس لدينا مثل هذا الإجتماع للأئمة الآخرين.
ربما في هذه الحالة يمكن القول أن الإمام الحسين بن علي(ع) ضحّى بكل ما لديه في سبيل الله من حياته وممتلكاته وعائلته، من صبي يبلغ من العمر 18 عاماً إلى طفل يبلغ من العمر ستة أشهر، من شقيق مثل أبالفضل العباس(ع) إلى ابن أخته المراهق القاسم ابن الحسن، من أصحابه القدماء مثل مسلم بن عوسجة وحبيب بن مظاهر حتى شاب مسيحي اعتنق الإسلام مثل وهاب، من أحبائه مثل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة إلى “جون” الى الأمر الجلل أن يقع الإمام السجاد (ع) والسيدة زينب(س) وأهل البيت عليهم السلام في أسر جلاوزة يزيد بن معاوية؟
الإمام الحسين(ع) هو الرابط الذي يربط بين بداية الخلق حتى القيامة، والأربعين فرصة أخرى لمن فاته عاشوراء وتأخر وتردد ولم يصل إلى قافلة الامام الحسين(ع)، وإنها فرصة لمحاولة الانضمام إلى هذه القافلة، الأربعين هي الحركة من النجف الأشرف، في ظل علي بن أبي طالب(ع) إلى كربلاء المقدسة التي هي رمز الولاء الحسيني.
الأربعين هو انتقال من الزيارة العاطفية في عاشوراء إلى الزيارة المنطقية والحِكمة الواعية في الأربعين، وهكذا يجتمع الملايين من الناس كل عام في هذا التجمع الإلهي العظيم مع صرخات “لبيك يا حسين” وبتقديم كل ما لديهم بصدق لإستقبال زوار الإمام الحسين(ع).
موكب “معلى” الإعلامي لإقامة العزاء الحسيني
المواكب التي تُقام في مسيرة الأربعينية هي مشهد لا يتكرر في أي مكان آخر في العالم، حيث يظهر بصورة جلية مفهوم كلام “حُب الحسين(ع) يجمعنا” ونرى فيه مشاهد خالدة والتي كل شخص يأتي بما لديه ليقدّمه لزوّار الإمام الحسين(ع)، فهي مشاهد وقضايا لو نريد أن نكتب عنها، نحتاج إلى تأليف موسوعة عظيمة، موسوعة الكَرم في المسيرة الأربعينية، ولكن إضافة إلى المواكب التي تخدم الزوّار، نرى إقامة مواكب ثقافية وإعلامية في هذه المسيرة بل خلال شهري محرم وصفر، والتي تستجذب المشاهدين الذين لم يستطيعوا الحضور في كربلاء المقدسة في هذه الأيام،
أي بما أن تقليد إقامة الموكب جميل، وهو الذي يُذكّرنا بضيافة الشعب العراقي كل عام في أيام الزيارة الأربعينية، قد دخل إلى الساحة، الإعلام هذه المرة، وقام محبو أبي عبد الله الحسين(ع) بتقديم الخدمات في مجال الإعلام في إطار “موكب إعلامي”، فتم إقامة موكب “معلى” الإعلامي الذي بدأ نشاطاته منذ أول محرم، لإنتاج برامج من قبل الإذاعة والتلفزيون الإيراني والقنوات الافتراضية كأول موكب لإقامة العزاء الحسيني.
بدأ موكب “معلى” الإعلامي نشاطاته منذ عام 2019 بهدف التغطية الحية لمسيرة الأربعين الكبيرة، وباعتبارها أول وسيلة إعلامية مخصصة للأربعين في الفضاء الافتراضي، فقد نفذت كل عام هذه المهمة الإعلامية الهامة لتعريف عظمة المسيرة الأربعينية، وفي كل عام، استفادت قنوات الإعلام الوطني من إشارة البث المباشر لموكب “معلى” وعرضت ابهة الأربعين ونقاء الزوار وشوقهم لسيد الشهداء(ع).
موكب لتغطية الأجواء الحسينية
يُعتبر موكب “معلى” الإعلامي موكب لتغطية الأجواء الحسينية في كربلاء المقدسة خلال شهري محرم وصفر، فعندما يأخذنا معه إلى مرقد الإمام الحسين(ع) من خلال شاشة التلفزيون، نحس الحضور في المرقد المقدس، بل هو في الحقيقة بصورة مميزة يقدّم لمشاهديه خدمات خاصة لمحبي الإمام الحسين(ع)، من الزيارة بالإنابة، أو مشاهدة المراسم التي تُقام في العتبتين الحسينية والعباسية، وإقامة العزاء من قبل الهيئات ومختلف الشرائح الذين يأتون إلى العتبة ويقومون بإقامة العزاء حسب تقاليدهم، من مختلف بلدان العالم.
من جهته يقول مدير موكب “معلى” الإعلامي “مجيد صحاف”: لم يكن هناك مكان لموكب يخدم الإعلاميين والنشطاء الإعلاميين في أيام محرم وصفر، ولهذا قمنا بإقامة هذا الموكب.
وأضاف: في وقت سابق اشتهر عمل الموكب بتوفير المكان والطعام وتقديم خدمات الرعاية لمقيمي عزاء سيد الشهداء(ع)، ونظراً لخبرة واتساع أنشطتنا الثقافية في مجال عاشوراء والأربعين، أطلقنا نموذجاً كالمواكب العراقية.
وفي إشارة إلى تاريخ النشاط الإعلامي البالغ 6 سنوات في العراق، قال: بدأ موكب “معلى” الإعلامي نشاطاته في الفضاء الإفتراضي في شكل قناة تلفزيونية على منصة الإنترنت منذ عامين.
وأضاف: بهذه الطريقة نقدّم معلومات عن شهر محرم الحرام وصفر المظفر ونخلق ثقافة في هذا الصدد، وبصرف النظر عن كونه قناة تلفزيونية على الإنترنت، وتقديم معلومات عن عاشوراء وثقافة الأربعين يعلّم جمهوره كيفية الإنضمام إلى المشاركة في هذه الحركة العظيمة، ونحن من خلال نشاطنا الإعلامي، ننقل الذين لم يستطيعوا الحضور في هذه المسيرة شعور التواجد في هذا التجمع الروحي العظيم.
ويشير إلى أن برامج هذا الموكب انطلقت في الأول من محرم في كربلاء المقدسة، ويضيف: هذا العام تُذاع برامجنا التلفزيونية للجمهور من سطح صحن “عقيل” في مرقد الإمام الحسين(ع) ونحن الموكب الوحيد الذي يمكن للشبكات المحلية استخدام خدماته مجانا.
سيد كاظم أحمد زادة، الذي نراه دائماً على شاشات التلفزيون كمضيف منتظم للبرامج الدينية من كربلاء المقدسة، هو مقدّم هذا الموكب الإعلامي.
ويقول: إن خدام المواكب الذين يخدمون زوّار ومعزين الحسين(ع) هم خدام أهل البيت عليهم السلام وخادم أهل البيت عليهم السلام ليس له حدود ولا أحد مهما كان منصبه، بغض النظر عن المنصب والوضع، يفعل كل ما في وسعه.
ويشير إلى أن خدمة جماهير أهل البيت عليهم السلام في المواكب هي مظهر من مظاهر الحب والعمل الجماعي الناجح، وما يدفع الأمور إلى الأمام في المواكب هو الحب.
ويتابع أحمد زادة: بفضل الله، وعلى الرغم من النواقص، إلا أن الأمور سارت بشكل جيد في موكب “معلى” الإعلامي، وفي السنوات الأخيرة تمكّنا من عكس الأحداث الدينية التي أقيمت في كربلاء المقدسة والعتبات العالية في العراق.
الإمام الحسين(ع) حلقة وصل
عندما ننظر إلى المواكب المختلفة التي تُقام خلال هذه الأيام نشهد بأن التنسيق موجود بين كل هذه المواكب من تقديم أنواع الخدمات، هي في نفسها حركة عظيمة، فيقف الإنسان أمام هذا المنظر الجميل وإقامة العزاء الحسيني متحيراً، ويردد في نفسه “مَن هو الحسين(ع) الذي جنّن العالم؟!”، فالإمام الحسين(ع) هو البوصلة وحلقة الوصل الذي يجمع محبيه ويلتفون أطرافه وهو الذي يوحّد الجميع بحبّه وهو مصباح الهدى وسفينة النجاة الذي يستشفعه جميع محبيه، فكل يقوم بعمل ليخطو خطوة في هذا المسير، فكم تكون القلوب رقيقة وكم تكون الأيادي سخية تبذل كل ما لديها على حُب الإمام الحسين(ع)!.
تقديم المعلومات عن هذه المواكب والخدمات التي تُقدمها أيضاً يحتاج إلى عمل إعلامي، وهذا ما يقوم به موكب “معلى” الإعلامي، إضافة إلى ما ذكرناه، حضور خُبراء دين والحديث عن عاشوراء وواقعة الطف وعرض فيدئو كليبات حسينية وعرض كَرَم الشعب العراقي المِضياف، ونشاطات أخرى هي التي نشهدها في موكب “معلى” الإعلامي، فإذا لم تستطيعوا الحضور في المسيرة الأربعينية العظيمة، يُمكنكم الحضور بالعتبتين الحسينية والعباسية المقدسة والسير على الأقدام بقلوبكم عبر الفضاء الإفتراضي وعلى شاشة التلفزيون، حيث موكب “معلى” الإعلامي ينقل لكم ما يجري هناك، ويقوم خدّام الموكب بالزيارة بالإنابة بعد تسجيل أسماؤكم في قائمة زوّار أبي عبدالله الحسين(ع) وأخية أبي الفضل العباس(ع)، حيث تتعانق القلوب، فالإمام الحسين(ع) عابر للقارات وفوق الحدود والمسافات، “حياتنا الحسين(ع)” سواء جمعتنا الجغرافيا أم لا، لن يفرّقنا حُبّ الحسين(ع)…