إذ قبل عدة أعوام، كان يصعب القول إن المنتخب الإسباني قد يتوّج بلقب مونديال السيدات في ظل تفوّق العديد من المنتخبات بينها الولايات المتحدة الأكثر تتويجاً بلقب المونديال، وألمانيا البطلة مرتين، واليابان ومنتخبات غيرها قوية أيضاً على غرار البرازيل وهولندا والصين وإنكلترا.
المنتخب الإسباني الذي توّج بلقب كأس العالم بالفوز على المنتخب الإنكليزي بطل أوروبا 2022 بنتيجة 1-0 في النهائي، كان يلعب منافسات المونديال للمرة الثالثة في تاريخه فقط، وكانت المشاركتان مخيّبتين بالخروج من دور المجموعات في 2015 ودور الـ 16 في 2019، كذلك فإن “لا روخا” لعب منافسات كأس أوروبا 4 مرات فقط ولم يتوّج باللقب.
في مشوار المونديال.. الخسارة “الرابحة”
تفوق منتخب إسبانيا على نفسه في مشواره للتتويج العالمي خلال هذا المونديال أيضاً، إذ بعد بداية لافتة بالفوز على منتخب كوستاريكا بنتيجة 3-0 ثم على منتخب زامبيا بنتيجة 5-0، تلقى المنتخب الإسباني خسارة قاسية أمام منتخب اليابان بنتيجة 0-4، لكن رغم ذلك، تأهل إلى دور الـ 16 في المركز الثاني في مجموعته.
جاءت تلك الخسارة لتقلل من حظوظ تتويج منتخب إسبانيا باللقب، إذ بدا أن ذاك المنتخب الذي فاز على منتخبَي كوستاريكا وزامبيا لا يزال “طري العود” أمام المنتخبات الكبرى كالمنتخب الياباني، بطل العالم السابق في 2011، وبأنه لن يتمكن من مقارعة المنتخبات الكبرى الأخرى في أدوار خروج المغلوب.
لكن منتخب إسبانيا استوعب تلك الخسارة ولم يجعلها تؤثر عليه، بل استفاد منها لتصحيح أخطائه، خصوصاً أنها جاءت بعد أن كان ضَمِن التأهل إلى دور الـ 16.
وعندما اشتدت المنافسة بدءاً من دور الـ 16، كان رد لاعبات إسبانيا قوياً بالفوز على منتخب سويسرا بنتيجة 5-1، ما أعاد الثقة لهن ومنحهن دفعة معنوية هائلة جاءت في وقتها.
ثم، كان الاختبار كبيراً في ربع النهائي أمام منتخب هولندا، الثاني في مونديال 2019، حيث كان الفوز لإسبانيا بنتيجة 2-1، وبعدها في نصف النهائي أمام منتخب السويد، الثاني في مونديال 2003، فكان الفوز مجدداً بنتيجة 2-1.
هذه الانتصارات بدءاً من دور الـ 16 منحت لاعبات إسبانيا المعنويات العالية في المباراة النهائية أمام منتخب إنكلترا، على الرغم من أن الأخير هو بطل أوروبا عام 2022، وهذا ما تأكد في الملعب حيث كانت إسبانيا الطرف الأفضل واستحقت الفوز والتتويج باللقب التاريخي.
تتويج نتيجة للتطوّر
هذا التتويج هو نتاج لتطوّر كرة السيدات في إسبانيا في الأعوام السابقة التي تلت تتويج منتخب إسبانيا للرجال بلقب المونديال قبل 13 عاماً كذلك للمرة الأولى في تاريخه.
هذا التطور يمكن ملاحظته من خلال اهتمام الأندية الإسبانية بفرق السيدات لديها، وخصوصاً في برشلونة الذي يعتمد عليه منتخب إسبانيا للسيدات بشكل أساسي، ليصبح دوري السيدات الإسباني احترافياً على أعلى مستوى، وينجح برشلونة في منح إسبانيا لقب دوري أبطال أوروبا للسيدات للمرة الأولى عام 2021 ثم عام 2023 وليقدّم النجمة أليكسيا بوتياس كأفضل لاعبة في العالم، إذ توجت بالكرة الذهبية من صحيفة “فرانس فوتبول”.
هكذا، أصبحت إسبانيا البلد الثاني في العالم الذي يتوج بلقب المونديال لدى الرجال والسيدات بعد ألمانيا. هذا تأكيد أن المنتخبات الإسبانية أصبحت في القمة، وليس فريقا ريال مدريد وبرشلونة فقط، واللذان كانا واجهة الكرة الإسبانية في المنافسات القارية والعالمية.
د.ح