محمد طاهر الصفار
منذ ان التقى الامام زين العابدين في كربلاء بالصحابي جابر بن عبد الله الانصاري اصبحت كربلاء قبلة للزوار في يوم العشرين من صفر ـ اربعين الامام الحسين ـ يؤمها الملايين من المسلمين من الكثير من البلدان العربية والاسلامية ـ اضافة الى العراق.
ليوم الأربعين بعد الوفاة اهمية من قبل اهل الفقيد حيث يقومون بإسداء البِر اليه وَعَد مزاياه في عَقد مجلس تأبيني يدوَن تخليدا لذكره.
والاعتناء بهذه المناسبة عادة عربية ـ اسلامية ترتبط بأهمية العدد (اربعين) وقدسيته. ولم تقتصر هذه المناسبة على الاسلام، فهي عادة قديمة كانت تقام في الديانات الاخرى كالنصرانية واليهودية والحضارات القديمة كالسومرية والبابلية. فالحِداد على الميت اربعين يوما طريقة مألوفة وعادة متوارثة بين الناس وفي اليوم الاربعين من وفاته يقام على قبره تابين يحضره اقاربه وخاصته واصدقاؤه.
فالنصارى يقيمون حفلة تأبينيه على الميت بعد اربعين يوما من وفاة فقيدهم، يجتمعون في الكنيسة ويعيدون الصلاة عليه المسماة عندهم بصلاة الجنازة، ويفعلون ذلك في نصف السنة وعند تمامها اعادة لذكراه وتنويها به وبآثاره واعماله.
وقد اعتنى الاسلام بهذه العادة فقد رويت أحاديث شريفة في قدسية العدد اربعين منها ماذكره ابن شهر آشوب في مناقب آل ابي طالب في شهادة علي (ع) عن ابي ذر الغفاري عن رسول الله (ص): ان الارض لتبكي على المؤمن اربعين صباحا. وقد روى الحديث في البحار ج 2 ص 679 ومجموعة الشيخ ورام ج2 ص 276.
خصوصية الشعائر في اربعين الحسين(ع)
تأتي خصوصية اقامة الشعائر الحسينية في يوم اربعين الامام الحسين (ع) المصادف في العشرين من صفر كونها تشكل احياء لنهضة الامام الحسين الاصلاحية وتعاليمه الاخلاقية ومبادئه النبوية فان قضية سيد الشهداء هي التي ميزت بين دعوة الحق والباطل ولولا نهضة الحسين ووقوفه بوجه الظلم والطغيان الاموي لكاد الاسلام ان يندثر حتى قيل: الاسلام محمدي الوجود حسيني البقاء، وما قام به الامام الحسين في نهضته الاصلاحية كان امتدادا لدعوة الرسول لنشر الاسلام وهو (ع) الامتداد الطبيعي للنبي (ص) بنص حديث الرسول: حسين مني وانا من حسين.
وتأتي خصوصيتها ايضا في استذكار الفاجعة التي جرت على اهل البيت في يوم عاشوراء وما صاحبها من المآسي والآلام وتعريف الناس بجور بني امية واذنابهم. كما تتزامن اقامة الشعائر الحسينية في يوم الاربعين مع ذكرى رجوع الراس الشريف من الشام الى العراق، ودفنه مع الجسد الطاهر في يوم العشرين من صفر كما جاء في الروايات، ويسمى هذا اليوم في العراق (( مَرَد الراس)) فتقام الشعائر استذكارا لهذه الحادثة الاليمة فتتجدد الاحزان.