صدرالحسيني: الكيان الصهيوني يعيش لحظات أفول وزوال

الوفاق/خاص- رغم الاعتقاد السائد بأن حكومة نتنياهو المتطرفة يمكن أن تمنح الكيان سيطرة في المجالات السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية، كذلك في مجال السياسة الخارجية، إلا أنها ألحقت هزيمة كبيرة بالكيان ومتطرفيه، ما ولد حالة من الأسف إزاء هذا الوضع الذي أخذ يتقدم بطريقة قد تضطر الحكومة إلى تقديم الاستقالة. وخلال السنوات الخمس الأخيرة، إضطرت أكثر من حكومة إلى الاستقالة ولم تتمكن من استكمال فترة ولايتها. كما عانى الكنيست أيضاً من هذا المصير. إن وضع الكيان الصهيوني اليوم هو في تراجع بسبب تزايد حجم مقاومة الفلسطينيين على مستوى العمليات الاستخباراتية والقدرة العسكرية والاستراتيجيات الذكية. من جانب آخر يبدو أن مسألة الخلافات العرقية والإثنية والدينية والاجتماعية والاقتصادية أصبحت خطيرة للغاية وعلى نطاق واسع. وخلال الأشهر الأخيرة، أعرب مسؤولين في الكيان الصهيوني عن مخاوف شديدة ستطال قوات الجيش الصهيوني. وفعلا، بات يعاني اليوم سلاح الجو الصهيوني من عجز واضح. ونظراً للمشاكل والأزمات الداخلية التي يعاني منها الكيان الصهيوني والتي تتزايد يوماً بعد يوم، ومن جهة أخرى تعزيز جبهة المقاومة وإنجازاتها في المجالات البرمجية والميدانية، والزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى سوريا ولبنان ولقائه المشترك مع قيادات جبهة المقاومة من أجل بحث القضية، أجرت صحيفة الوفاق حواراً مع الخبير في الشوؤن السياسية السيد رضا صدرالحسيني، فيما يلي نصه:

2023-09-10

الوفاق/ خاص/ حميد مهدوي راد

 

كيف تقيمون أوضاع الكيان الصهيوني في مواجهة أزماته الداخلية في الأراضي المحتلة؟

أصبح وضع الكيان الصهيوني في العملية الانتخابية وتشكيل الحكومة الأكثر تطرفاً في الأراضي المحتلة، أصبح قضية طالما أثارت اهتمام العديد من الخبراء والمسؤولين في حكومات الكيان السابقة والحالية. الذين خلصوا إلى أنه خلال 75 سنة الماضية، لم يعش الكيان الصهيوني ظروفاً مشابهة كالتي يعيشها اليوم. في الواقع، رغم الاعتقاد السائد بأن حكومة نتنياهو المتطرفة يمكن أن تمنح الكيان سيطرة في المجالات السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية، كذلك في مجال السياسة الخارجية، إلا أنها ألحقت هزيمة كبيرة بالكيان ومتطرفيه، ما ولد حالة من الأسف إزاء هذا الوضع الذي أخذ يتقدم بطريقة قد تضطر الحكومة إلى تقديم الاستقالة.

فعليّاً ظروف الكيان الصهيوني اليوم في حالة تتّجه نحو الأفول والزوال وذلك جرّاء المقاومة المتزايدة للفلسطينيين من حيث الإشراف الاستخباراتي والقوّة العسكريّة والاستراتيجية الذكيّة. كما يوجد هذا الموضوع في تاريخ قوم بني إسرائيل ما حدا بالكثير من الخبراء في مجال تاريخ اليهود إلى إثارة موضوع إبادة الكيان مرّة أخرى فى الأوساط المختلفة. ويبدو أنّ موضوع الخلافات العرقيّة والقوميّة والمذهبيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة تفاقم بكثير في مستويات واسعة وخلال الأشهر الأخيرة أبدى الكيان المحتلّ الكثير من مباعث القلق عن جيش الاحتلال واليوم تعيش القوّة الجويّة للكيان الصهيوني عجزاً واضحاً . وقد انضمّ الكثير من طيّاري الكيان إلى المظاهرات الأسبوعية المناهضة للحكومة الغاصبة احتجاجا على التعديلات القضائيّة. والقلق الذي ينتاب الكيان الصهيوني في هذه القضيّة هو أن ينسحب هذا الموضوع على بقيّة فروع الجيش الصهيوني. يجب الأخذ في الحسبان أنّ الذين كانوا يدخلون الأشخاص في الأراضي المحتلّة من أجل ملء المستوطنات اليهودية ويأتون من أقاصي المعمورة أصبحوا مضطرّين إلى الاشتباك مع قاطني المستوطنات الصهيونية التي كانت صنيعة الكيان نفسه. فى الواقع أنّ المقاومة على أتمّ الاستعداد للحفاظ على الدفاع عن القضيّة الفلسطينيّة ولكن الظروف الحالية للكيان تؤشر إلى وضع داخلي هشّ للغاية ولا سبيل أمامه سوى الفشل وانهيار التشكيلة الحالية.

 

في ظل إنهيار الكيان في غضون الأشهر الأخيرة وافتراض انهيار التشكيلة الراهنة، ماذا سيفعل الكيان للهروب والنهوض من الوضع الحالي؟

الحقيقة أنّ لا سبيل أمام الكيان غير الفشل وانهيار التشكيلة الحالية وتغيير رئيس الوزراء والكنيست حسب رأى المحلّلين الداخليين للكيان . لوكان وضع الكيان كما كان في زمن قبل سيف القدس لكان باستطاعته الخروج من هذا المستنقع أو احتوائه عبر اختلاق أزمة مصطنعة في الداخل أو الهجوم على جيرانه، إلّا أنّه اليوم تملّصت هذه الورقة الرابحة من يد الكيان وذلك جرّاء عدم قدرته على نقل الأزمة إلى النقاط الأخرى وأيضاً الوصول إلى نقطة الردع . ولهذا، فأن أي حدث يطال الكيان يجب أن يكون في إطار الأراضي المحتلّة والتغيّرات في التشكيلة.

 

كيف تقيمون الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية إلى سوريا ولبنان؟ ماذا حملت هذه الزيارة في طيّاتها من الرسالة والمآل لمحور المقاومة ؟

يبدو أنّه وعلى ضوء ضرورة تقارب أفكار وأداء محور المقاومة إنّ اللقاءات الدبلوماسيّة لدول المقاومة هي من الضرورات الملحّة في موضوع المقاومة.  وبناء على ذلك يجب أن نضع في الاعتبار أنّه طيلة العامين المنصرمين كان التنقّل واللقاءات السياسية لجبهة المقاومة وخاصّة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسوريا كانت تحظى بزخم ملحوظ .وفي ضوء ظروف نجاح الحكومة السورية في مواجهة الإرهاب المدعوم من جانب نظام الهيمنة واحتواء ودحر داعش في أجزاء من أرض سوريا. وتلاقح الأفكار فيما يتعلّق بمستقبل سوريا خاصّة بعد عودة هذه الدولة إلى الجامعة العربية، فإنّ المشاورات وتقارب الأفكار تبدو ملحّة.

ظروف سوريا الداخليّة أصيبت بحالات صعبة وخاصّة للشعب السوري وذلك عبر عقوبات القيصر التي فرضت من جانب الأمريكيين على سوريا شعباً وحكومة. وعلى سوريا استشارة أصدقاؤها للخروج من هذه الظروف. علماً أنّ إعادة إعمار واستثمار الدول الإسلاميّة وخاصّة الدول التي وقفت إلى جانب سوريا شعباً وحكومة خلال فترة الأزمة من النقاط الجديرة بالاهتمام من شأنها تقريب سلطات البلدين أكثر . وإلى جانب هذا في غضون الأسابيع الأخيرة، افتعلت أميركا مشاكل لسوريا بالتدخّل والعرقلة في شرق الفرات. ولهذا السبب على دول محور المقاومة تقريب وجهات نظرها في هذا الشأن وتبنّي قرارات في هذا المجال. ولذلك إنّ حضور السيد أمير عبداللهيان والوفد الاقتصادي لوزارة الخارجية في سوريا يمكن أن يترك أثراً ملحوظاً . ويجب ألا يغيب عن البال أنّ أحقية الشعب السوري أخذت حيّزاً واسعاً في الأوساط الدوليّة حيث تقرّ اليوم جميع الدول والعلماء والسلطات السياسية بخبث داعش الذي كان يصول ويجول على مدى عقد في سوريا والعراق . إنّ قدرات محور المقاومة بإمكانها التخفيف من حدّة الأزمة الاقتصادية على الشعب السوري وقد أصبح هذا الموضوع محطّ اهتمام سلطات البلدين. تمّ عقد معاهدة المقاومة لجميع تيّارات المقاومة بحضور السيد حسن نصرالله قبل زهاء عامين وشاهدنا آثارها في حقل تعزيز المقاومة للوصول إلى نقطة الردع . من المؤكّد أنّ موضوع مؤازرة إيران للمقاومة الفلسطينية ودعم الجبهة المعادية للصهاينة يمكن أن يترك أثراً بالغاً. وفي هذه الزيارة أكّد لقاء السيد أمير عبداللهيان بوصفه ممثّل الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع مسؤولي المقاومة هذا الموضوع بأنّ المقاومة يجب أن تكون في مواجهة الكيان الصهيوني الآيل إلى الأفول بالتنسيق الأكثر وأن يكون مستعدّاً ويأخذ جانب الحذر في المجالين الناعم والصلب.

د.ح