الجيش الروسي يناور بالقوات والنار..

تقوم القوات الأوكرانية وبالموازاة مع استمرارها في شنّ الهجمات المتتالية بعمليات استهداف بالصواريخ المجنحة والمسيرات على مواقع في شبه جزيرة القرم، وعلى العاصمة الروسية موسكو

2023-09-24

على مدى شهور متواصلة تنفّذ وحدات الجيش الروسي مناورة واسعة بالقوات والنار ضمن اجراءات العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وتحديداً على محاور كريمينيا ــ كوبيانسك، ويكتفي بتنظيم الدفاع على جبهتي زاباروجيا ودونيتسك، وبشكل خاص على محاور اتجاه اوريخوف واتجاه اوغليدار واتجاه ارتيوموفسك (باخموت).

تقوم القوات الأوكرانية وبالموازاة مع استمرارها في شنّ الهجمات المتتالية بعمليات استهداف بالصواريخ المجنحة والمسيرات على مواقع في شبه جزيرة القرم، وعلى العاصمة الروسية موسكو، ومقاطعات أخرى اغلبها على كورسك وبيلغورود وهي مقاطعات تقع على الاتجاه الجنوبي الغربي لمقاطعة موسكو.

تستخدم القوات الأوكرانية في هجماتها على شبه جزيرة القرم صواريخ مجنحة من طراز “ستورم شادو” البريطانية و”سكالب” الفرنسية، إضافة الى مسيرات جوية وبحرية اغلبها انتحارية، وهي في غالبها ايضاً صناعة غربية لانها تعتبر ان شبه الجزيرة هي ارض اوكرانية، في حين يتم ارسال مسيرات من الصناعة الأوكرانية الى الداخل الروسي تجنباً لاحتكاك مباشر بين روسيا والغرب. وبينما لا تؤثر الهجمات بالمسيرات على مقاطعة موسكو ومقاطعات أخرى، لا شك ان الهجمات على شبه جزيرة القرم تؤدي الى خسائر مادية في نقاط هامة من بينها قيادة اسطول البحر الأسود الروسي ومنشآت لإصلاح القطع البحرية الروسية.

وحول هذه المسألة من المفيد الإشارة الى الطرق والأساليب التي تستخدمها القوات الأوكرانية في عمليات استهداف اسطول البحر الأسود. إذ رغم الإجراءات الروسية المضادة، تتمكن القوات الأوكرانية من اصابة اهداف في شبه جزيرة القرم، مستخدمة مجموعة من الاجراءات الفاعلة بمساعدة اميركية وغربية تتمثل بما يلي:

1ــ المعلومات الدائمة عن حركة الاسطول الروسي واماكن تواجد القطع وتحديد الثغرات.

2ــ استخدام نشط لعشرات الأقمار الصناعية والمسيرات الاميركية التي تعمل على متابعة مسار الصواريخ الاوكرانية.

3ــ ارسال موجة من المسيرات الاوكرانية باعداد كبيرة لاستنزاف منظومات الدفاع الجوي الروسية ومن ثم يتم اطلاق صواريخ كروز البريطانية من طراز ستورم شادو باعداد تتراوح بين ٦ الى عشر صواريخ لضمان وصول صاروخ او اكثر الى النقطة المستهدفة .

4ــ اطلاق الصواريخ من خارج نطاق صواريخ الدفاع الجوي S300 وS400 وعبر طائرات سوخوي 24 من ارتفاعات منخفضة .

5ــ القيام بعمليات تشويش على منظومات الرادار الروسية وتضليلها بمجموعة من الاجراءات المعقدة والمكثفة قبل وصول الصواريخ بمسافات قصيرة.

كيف يمكن احباط هذه الهجمات؟

حتى في الظروف المثالية لتموضع وسائط الدفاع، لا يوجد دفاع مثالي، ولا اسلحة مثالية، لذا يمكن الحديث عن اجراءات تتمثل بالتالي:

1ــ زيادة عدد منظومات الدفاع الجوي لسد الثغرات.

2ــ تكثيف دوريات الطائرات سواء القتالية او الاستطلاعية.

3ــ تطوير اساليب الاستعلام الاستخباراتي الوقائي.

4ــ ادخال الطائرات الاستراتيجية على خط المواجهة وتنفيذ ضربات ساحقة للقواعد الجوية الاوكرانية.

5ــ استهداف اي طائرات استطلاع ضمن المجال الجوي الروسي وفرض سيادة جوية دائمة.

على المستوى العملياتي والإستراتيجي، لا يمكن ادراج الهجمات الأوكرانية على أنها هجمات مؤثرة في جوهر العملية العسكرية الروسية، وتنحصر نتائجها في البعدين السياسي والإعلامي لجهة الإستخدام في تصوير مشهد التكافوء بين الجيش الروسي والقوات الأوكرانية، والقول ان روسيا يمكن ان تُهزم وان أوكرانيا يمكن ان تنتصر.

في جانب آخر تبدو وحدات الجيش الروسي في وضع مريح سواء الوحدات التي تنظم الدفاع او الوحدات التي تنفذ خروقات لمواقع وخطوط القوات الأوكرانية على جبهة كوبيانسك – كرمينيا.

وفي حين يعتقد الكثير من المراقبين ان اتجاه الهجوم الرئيسي القادم سيكون على جبهة كريمينيا ـ كوبيانسك باتجاه ليمان وكراسني ليمان للوصول الى سلافيانسك وكراماتورسك، اعتقد ان الإتجاه الأهم لأي هجوم روسي قادم سيكون نحو خيرسون وتالياً نحو نيكولاييف، والإندفاع مجدداً نحو نوفا اوديسا شمال نيكولاييف، ومن ثم الإلتفاف جنوباً نحو اوديسا، وتنفيذ خطوة استراتيجية كبيرة سيعجل في انهاء الحرب وهي السيطرة على كامل شواطيء أوكرانيا على البحر الأسود، وربط مناطق السيطرة الجديدة بمنطقة ترانسنيستريا وهو إقليم روسي يقع بين أراضي أوكرانيا ومولدوفا.

أما لماذا هذا الإعتقاد؟

لأنه وببساطة يمكن من خلال هذه الإندفاعة تحقيق أعلى مستوى أمان لأسطول البحر الأسود الروسي، وبنفس الوقت التعجيل في استسلام أوكرانيا خصوصاً ان روسيا باتت تمتلك احتياطياً من المتطوعين يصل الى 300 الف مقاتل يمكن زجهم في تنفيذ هذه العملية التي قد تتأخر الى الربيع القادم، وبذلك نبقى امام الستاتيكو الحالي دون أية متغيرات كبيرة في الميدان.

المصدر: موقع العهد الإخباري/ عمر معربوني