إيمان سرور
حذر تربويون ومختصون اجتماعيون من غياب دور الأسرة عن العملية التربوية والتعليمية، وعدم متابعتها سلوك أبنائها ومستوى أدائهم الدراسي بصفة دائمة، إذ تترتب على ذلك نتائج سلبية تؤدي إلى لجوء بعض أولياء الأمور إلى ممارسة أشكال من العنف ضد أبنائهم عند تدني مستوى درجاتهم أو رسوبهم في الاختبارات المدرسية وانحراف سلوكاتهم، مؤكدين أهمية زيادة برامج التوعية والتثقيف الموجهة للآباء والأمهات، وحثهم على المشاركة الإيجابية في العملية التربوية والتعليمية، وتعزيز الحوار الأسري الذي يعزز من شخصية الأبناء وتقييم السلوك لديهم، والتواصل مع الإدارة المدرسية والمتابعة المنزلية للطالب للتعرف إلى تحصيله الدراسي .
جريدة “الخليج” بحثت مع عدد من المهتمين وأولياء الأمور أسباب غياب لغة الحوار بين الأسرة وأبنائها وافتقارها إلى وسائل الاتصال فيما بينهم، وما الحلول المقترحة والوصايا التي تساعدنا على ردم فجوة الصمت، وفتح نوافذ الحوار وأبواب الاتصال بين أفراد الأسرة؟ وأهمية توطيد العلاقة بين الآباء والأمهات وأبنائهم، ودورها في تذليل صعوبات تعلمهم وتنمية دافعيتهم نحو التعليم .
الانعزال والغياب
نلمس اليوم كآباء وأمهات تذمراً من إدمان أبنائنا للجلوس لفترات طويلة حول الإنترنت، وانشغالهم بالألعاب الإلكترونية والفضائيات، فيما يشكو الأبناء في الجانب الآخر من تسلط آبائهم، فهم لا يستمعون إليهم، ولا إلى مناقشاتهم، فيبتعدون عنهم بسبب لهجتهم التي تصطبغ بصبغة الآمر الناهي وفرض الآراء التي تلغي ذواتهم، متحكمين بقدراتهم ورغباتهم بحكم دورهم كآباء أو أمهات .
وان التواصل بين الوالدين والأبناء يؤدي إلى تذليل صعوبات تعلمهم، ويكسر حاجز الخوف والرهبة لديهم ويمنحهم الثقة بالنفس، كما أن للحوار الأسري أثراً في تنمية شخصية الأبناء، وتبصيرهم بما حولهم ويقوي الثقة بأنفسهم التي تعد من العوامل الضرورية التي تساعدهم على النمو السليم، ويعد من أقوى الأساليب في التنشئة الاجتماعية وتقريب النفوس وترويضها وكبح جماحها .
ونجد اليوم أسراً عدة تغيب عنها لغة الحوار مع أبنائها، وتفتقر إلى وسائل الاتصال، فمن المسؤول عن أسباب انعدام الحوار؟ وهل للحوار والتواصل أهمية عظيمة تدفعنا للبحث عن حلول لهذه الأزمة التي بدأت تتفاقم في مجتمعات طغت فيها الماديات؟ بالطبع نعم، حيث إن الحوار الأسري البناء هو أحد الحلول المقترحة والوصايا التي تساعدنا على ردم فجوة الصمت وفتح نوافذ وأبواب الاتصال بين أفراد الأسرة .
غرس الثقة
من أهم وسائل الاتصال بين أفراد الأسرة، فهو طريقة من طرائق غرس المحبة ووسيلة من وسائل زرع المودة والألفة عامل أساسي في تعزيز العلاقة الأسرية، فعبر الحوار نتمكن من إزالة حواجز العزلة وكسر أسوار الوحدة، وبناء جسور من الحب والتفاهم، ومن شأنها أن تعمل على توطيد العلاقة الأسرية، فمما لا شك فيه أننا بحاجة ماسة إلى التواصل مع أبنائنا فلذات أكبادنا، وهم بحاجة إلينا للاستماع لهم وغرس الثقة في نفوسهم، فالحوار دعامة أساسية من دعائم استقرار الأسرة وتماسكها وعامل أساسي في بناء الشخصية المتوازنة للأبناء واللبنة الأساسية لبناء مجتمع إيجابي يكون أفراده متحابين متعاونين منتجين>
تغيير الاتجاه
أن الحوار بين الآباء والأبناء يعد من أحسن الوسائل الموصلة إلى الإقناع وتغيير الاتجاه الذي قد يدفع إلى تعديل السلوك إلى الأحسن، مشيراً إلى أن أهميته تتجلى في دعم النمو النفسي والتخفيف من مشاعر الكبت وتحرير النفس من الصراعات والمشاعر العدائية والمخاوف والقلق.
إلاّ أن للحوار الأسري آثاراً إيجابية على تشكيل الشخصية السوية للأبناء، فهناك قنوات تساعد على تواصل الآباء بالأبناء وتمنحهم فرصة التعبير عن رأيهم ومشاعرهم وفقاً لمساحة زمنية مخططة للحوار والنقاش يجتمع فيها أفراد الأسرة يومياً لمدة ساعة على الأقل، مؤكدة أن هذا الوقت يعيد بناء أواصر المحبة في جو يسوده الود والتفاهم وحرية التعبير للفرد .
الحوار الأسري يحقق الإشباع النفسي والوجداني، لا سيما بين فئة المراهقين من الأبناء، أما العقاب الجسدي واللفظي فينبغي ألا يعاقب به الطفل، حيث إن لهذا النوع من العقاب انعكاسات سلبية على تنشئته، خاصة إذا كان الخطأ من تصرف نابع من طبيعة المرحلة التي يمر بها وخصائص الطفل وسماته الشخصية والحركية، حيث لا ينبغي أن يعاقب على شقاوته أو خياله الواسع أو تأخره في دراسته .
أ.ش