يتوجّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الأسبوع المقبل إلى موسكو على رأس وفد حكومي كبير يضم عددًا من الوزراء والمستشارين والخبراء، في إطار زيارة رسمية لروسيا تستمر ثلاثة أيام، يجري خلالها مباحثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن جملة من الملفات الاقتصادية والأمنية والسياسية، فضلًا عن إبرام حزمة من مذكرات التفاهم والاتفاقيات في مجالات مختلفة، إلى جانب تفعيل بعض الاتفاقيات السابقة التي تأخّر تنفيذها لأسباب وظروف سياسيّة قاهرة.
وتعدّ زيارة السوداني المرتقبة لروسيا الأولى له منذ توليه منصب رئاسة الوزراء في العراق قبل حوالي عام، علمًا أن كل رؤساء الوزراء السابقين بعد الإطاحة بنظام صدام في ربيع عام 2003، كانوا قد زاروا روسيا. فضلًا عن ذلك، فإنّ العديد من كبار المسؤولين الروس قد زاروا العراق على امتداد عشرين عامًا الماضية، وكان آخرهم وزير الخارجية الحالي سيرجي لافروف الذي قدم إلى بغداد في شهر شباط/فبراير الماضي، حيث أجرى لقاءات ومباحثات معمّقة وبنّاءة مع كبار الساسة والمسؤولين العراقيين تمحورت حول جملة من الملفات والقضايا الخاصة والإقليمية والدولية، لا سيما ما يتعلق منها بسبل وآليات تطوير وتعزيز العلاقات العراقية الروسية بشتّى الجوانب والمجالات.
ورغم العديد من الضغوطات والعراقيل الأميركية، إلاّ أنّ علاقات بغداد مع موسكو شهدت تحوّلات مهمة وملفتة. فعلى الصعيد الاقتصادي، سجّلت كبريات الشركات الروسية النفطية، مثل شركة “لوك أويل”، و”غازبروم”، و”روزنفت”، حضورًا متميزًا ومؤثرًا في قطاع النفط العراقي. وهذه الشركات الثلاث لديها مشاريع استثمارية كبيرة في حقول نفطية بمحافظتي البصرة وواسط، وكذلك في إقليم كردستان العراق.
إلى جانب ذلك، فإنّ روسيا ساعدت العراق ودعمته في حربه ضد الإرهاب الداعشي التكفيري، فهي فضلًا عن تزويده بأسلحة ومعدات ثقيلة ومتوسطة مختلفة، من بينها الطائرات الحربية، فإنها دخلت على خط التنسيق والتعاون الاستخباراتي المباشر معه، من خلال تشكيل غرفة عمليات استخباراتية في أيلول/سبتمبر من عام 2015، ضمت كل من العراق وإيران وسوريا وروسيا، وقد كان لذلك التنسيق والتعاون الاستخباراتي أثر كبير جدًا في دحر “داعش” في كل من العراق وسوريا.
وبخصوص الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في الرابع والعشرين من شهر شباط/فبراير من عام 2022، فإن العراق تبنّى مواقف متوازنة، وشدد على ضرورة إنهاء الحرب في أسرع وقت، دون أن ينساق وراء التصعيد الأميركي-الغربي ضد روسيا الذي بدا واضحًا أنه يرتبط بحسابات وحقائق الصراع العالمي، ونزعات الولايات المتحدة في الاحتفاظ بهيمنتها العالمية بلا منافسين أقوياء مثل روسيا والصين.
وفي خطوة لافتة -وربما نادرة- رحّب الرئيس الروسي بالزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء العراقي لروسيا، إذ قال في كلمة له أمام أعضاء منتدى (فالداي) للحوارات، “نرحّب بالزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى روسيا، حيث سنناقش معه قضايا الأمن في المنطقة والعراق”، مؤكدًا ثقته بأن “الزيارة ستكون مثمرة وستأتي في الوقت المناسب”.
أ.ش