المقاومة وسيلة لتحقيق أهداف الشعوب

أفلام وثائقية ومسرحيات تكشف عن جرائم الإحتلال

اقامة مهرجانات بموضوع المقاومة كل عام وفي كل بلد حر وشعب حر خطوة مهمة لمواجهة الإحتلال الصهيوني.

2022-12-17

المقاومة ليست هدفاً في حد ذاتها ولكنها وسيلة لتحقيق أهداف الشعوب التي ترزح تحت نير الإحتلال أو الإستعمار المناهض للحرية والإستقلال، أن الاحتلال في حقيقته وجوهره هو عملية ثقافية، ومن ثم فإن مقاومته هي في الأساس عملية ثقافية مضادة تسعى لتشكيل ثقافة بديلة، فأينما يكون احتلال، لابد من وجود مقاومة، وحيثما تكون ثقافة احتلال، فلابد من وجود ثقافة مقاومة.

وقد حظي موضوع ثقافة المقاومة بأهمية كبيرة داخل المجتمع الفلسطيني، نتيجة لما يتعرض له من تحديات جمّة تمس المجتمع بشكل مباشر، وتتجلى أهمية تعزيز ثقافة المقاومة حتى عند الأطفال ضرورة بالغة، فمن خلالها ننشئ جيلاً قادراً على الحفاظ على المجتمع، ومؤهلاً لمواجهة كل التهديدات والتحديات التي تؤثر على تماسك المجتمع.

ولذلك نرى أن اقامة مهرجانات بموضوع المقاومة كل عام وفي كل بلد حر وشعب حر، لمواجهة الإحتلال الصهيوني وكشف النقاب عن الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها الإحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني الاعزل، وأخيراً نرى في المجتمع الثقافي هناك أفلام وثائقية جيدة أثارت المشاعر وكان لها ردّات فعل ايجابية من قبل داعمي القضية الفلسطينية، فيما أنها واجهت عداء الكيان الصهيوني المحتل، منها فيلم “فرحة”، و “طنطورة” وغيرها.

وإختتم أمس الإثنين “مهرجان تيرو” أعماله التي إشتملت على مسرحيات وأفلام وثائقية، و”مهرجان الجزائر الدولي للسينما” فبهذه المناسبة نقدم لكم نبذة عن المهرجان والأفلام والمسرحيات المشاركة.

 الفن وسيلة للاحتجاج

اقامت “جمعية تيرو للفنون” و”مسرح إسطنبولي” برنامج الدورة الـ5 من “مهرجان تيرو الفني الدولي”، الذي أقيم في “المسرح الوطني اللبناني” في مدينة صور، من 10 حتى 13 كانون الأول/ديسمبر الجاري، فعاليات تحت شعار” الفن وسيلة للاحتجاج “، بمشاركة 6 عروض مسرحية من فلسطين المحتلة والمكسيك وبولندا والجزائر وتونس ومصر، و18 فيلماً تتنوع بين الروائي والوثائقي والتحريك، من أستراليا وإيطاليا والعراق والمملكة المتحدة والمغرب وتونس وسلطنة عُمان وألبانيا وبولندا وسوريا ولبنان.

وكان المهرجان، الذي يُعتبر تجمعاً فنياً سينمائياً ومسرحياً وموسيقياً، يهدف إلى التلاقي والتبادل الثقافي والفني، من خلال عروض الأفلام الوثائقية والدرامية والتحريك القصيرة، والورش التدريبية الفنية والندوات، وذلك بالشراكة مع مؤسسة “دروسوس” السويسرية .

وأكّد الممثل والمخرج قاسم إسطنبولي، مؤسّس “المسرح الوطني اللبناني”، أنّ “استمرار المهرجان رغم كل الأزمات من حولنا يشكّل فرصة مهمة للتلاقي، وفرصة للجمهور للتعرف على ثقافات مختلفة من العالم، كي يكون الفن حقاً للجميع دوماً، بمشاركة الشباب المتطوعين على العمل من أجل الفن”.

وشاركت في الدورة الجديدة ستة عروض مسرحية من فلسطين ومصر والجزائر وتونس وبولندا والمكسيك، إضافةً إلى 18 فيلماً قصيراً بين روائي ووثائقي وأفلام تحريك من لبنان وسورية والعراق وعُمان وتونس والمغرب وإيطاليا وبريطانيا وبولندا وألبانيا وأستراليا.

ومن العروض الاخرى المشاركة في الدورة الجديدة: “حياة” لأسامة رؤوف و”المشيمة” لمحمد عبد الصبور من مصر، و”تاريخ أبكم” لإلياس حدّاد من لبنان، و”حالة خاصّة لنوار الضويوي من تونس، و”حجم” لأنس الموسوي من العراق، و”ظلام ملوّن” لمحمد أملعاب و”جراح الماضي” لحسن أمجوض من المغرب، و”ذاكرة مُدانة” لطارق عوض من الأردن، و”الدروج” لحميد العامري من عُمان، و”رائحة البرتقال” للأخوين ملص من سورية.

إلى جانب “آنثي” لإقبال بركات أستراليا، و”صول تيرانا” لـ ميري دبشنيكا من ألبانيا، و”الآن أريد أن أصرخ” لـ كاهال ماكلولين وسيوهان ويلز من بريطانيا، و”إنتيميتا” لـ ماثيو جيامبتروزي من إيطاليا.

فيلم “200 متر”

ضمن فعاليات “مهرجان الجزائر الدولي للسينما”، عُرِض الفيلم الروائي الطويل “200 متر”، للمخرج الفلسطيني أمين نايفه، يوم الجمعة الماضي، وهو عمل درامي يسلّط الضوء على جانب من معاناة الفلسطينيين اليومية مع جدار الفصل العنصري، ونتائجه الوخيمة على نسيج المجتمع الفلسطيني، و تدور أحداثه حول الجدار العنصري الذي فصل مصطفى عن عائلته.

ويتناول العمل الذي أنتج في العام 2020 بواقعية يوميات أسرة فلسطينية تشتت بسبب جدار الفصل العنصري، الذي فرّق مصطفى عن زوجته وأبنائه، مما جعل التواصل لا يتمّ بينهم إلا عبر الهاتف ووسائط الاتصال الحديثة.

تتصاعد الأحداث في الفيلم بعد ورود خبر تعرّض ابن مصطفى لحادث في أحد الأيام، ودخوله المستشفى الذي لا يبعد سوى 200 متر عن مقر إقامة الأب، الذي يحاول الوصول إليه، لكن يتعذّر عليه ذلك بسبب إجراءات الدخول المعقدة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على الحواجز الأمنية.

لم يتطرّق مخرج العمل أمين نايفه إلى النقاش السياسي اليومي حول القضية الفلسطينية، وتفادى إبراز مظاهر المواجهة المباشرة بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال، ليحلّ محل ذلك صوت وجع الروح الفلسطينية وأنينها، الذي ينبعث صداه من كل أرجاء الأرض المحتلة، حيث غاص الفيلم في صميم المعاناة الفلسطينية، وتتبّع رحلة الشتات التي يعيشها الفلسطينيون بعد إقامة جدار الفصل العنصري، وذلك برؤية ومعالجة درامية بسيطة، حيث رسم المخرج شخصيات الفيلم بجمالية ودقة عالية، ويُذكر أن فيلم “200 متر” حصل على العديد من الجوائز في المهرجانات الدولية التي شارك فيها.

فيلم الطنطورة الوثائقي

قصة فيلم الطنطورة تتحدث عن قصة حقيقية لجنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكبوا مجزرة شنيعة بمئات المجازر بحق الشعب الفلسطيني بعد احتلال فلسطين عام 1948 والتي كانت بمثابة مجزرة لقرية آل- طنطورة استشهد ما يقارب مائتي شهيد فلسطيني تم تسجيلهم في القصة ومن ثم عرضهم على فريق الإخطارات.

“طنطورة” فيلم  وثائقي عن مذبحة إسرائيلية في النكبة الفلسطينية يتغلب فيه الواقع على الخيال، وهو صورة مصغرة لفلسطين ونكبتها:

من أجمل الشواطئ والقرى الساحلية المدهشة على كل ساحل البحر الأبيض المتوسط ببيوتها الحجرية ورمالها الذهبية ومياهها المعدنية وأهلها الطيبين ممن تميزوا بأحوالهم الاقتصادية والاجتماعية الجيدة بفضل زراعتهم وتجارتهم ومينائهم الصغير، حتى جاء مجرمون من وحدة “ألكسندروني” الصهيونية وصبغوها بالأحمر ليلة 22 من مايو/ أيار 1948.

هؤلاء كانوا جنودا في الجيش الإسرائيلي النظامي، وارتكبوا المجزرة بعد أسبوع من قيام الدولة اليهودية، لا في عصابات صهيونية. وفي الفيلم الذي ترد وقائعه بالعبرية والإنكليزية وأحيانا بالعربية، يقول موشيه ديامنت أحد جنود وحدة ألكسندروني التي احتلت القرية وارتكبت مذبحتها: “قُتل القرويون برصاص متوحش باستخدام مدفع رشاش في نهاية المعركة. ولاحقا بعدما تمت ملاحقة طالب ماجستير فضح المذبحة في 1998 كتموا الأمر، وقال كثيرون من أفراد ألكسندروني” يجب عدم الحديث عمّا جرى، فقد يتسبب في فضيحة كاملة”.

الفيلم الذي شارك في إنتاجه الناشط وموثق قرى ساحل الكرمل، سامي العلي، من قرية جسر الزرقاء المجاورة، يفضح محاولات بعض قادة الجيش الإسرائيلي للتستر على حقيقة المذبحة في ذات يوم ارتكابها. إذ تم استدعاء مصورين وصحافيين محليين وأجانب على بعد من الطنطورة لتوثيق مشاهدة المساعدة (كتقديم الماء) التي يقدمه جنود صهاينة للنساء والأطفال بعد طردهم من ديارهم، وذلك في محاولة استباقية لمنع الانتقادات وتشويه الحقيقة كما يؤكد الفيلم الإسرائيلي.

مسرحيات فلسطينية

من جهة أخرى هناك مسرحيات بموضوع المقاومةكانت منذ القدم موجودة كما نرى مجموعة مسرحيات “حورية بني كنعان” لعلي محمد الغريب في عام 2001 م، والتي تضم إحدى عشرة مسرحية من مسرحيات الفصل الواحد.

ومسرحيات “حورية بني كنعان” جميعاً من أدب المقاومة، حيث نرى العدو الشرس يحاول أن يسلب الأرض والعرض، فلا يكون أمام شخوص المسرحيات إلا المقاومة، بديلاً عن الخنوع الذليل، أمام عدو شرس لا يعرف إلا القوة سلاحاً.

وتتواصل مسيرة عرض مسرحيات بموضوع فلسطين والمقاومة حتى اليوم، كما أننا رأينا قبل فترة أقيم “مهرجان فلسطين للمسرح” حيث تم عرض 10 مسرحيات بموضوع فلسطين والمقاومة على خشبة مسرح “القصبة” في مدينة رام الله المحتلة.

واشتملت كلاً من مسرحية “خراريف”، التي قدّمها مسرح “الحارة” في بيت جالا، ومسرحية “معتقلة”، التي قدّمها مسرح “رسائل” في مدينة نابلس، ومسرحية “ممثل انتحاري”، من تقديم مسرح “راس عروس” في مجد الكروم، ومسرحية “الرماديون “، التي قدّمتها فرقة “أيام المسرح” في غزة، ومسرحية “معناش ندفع بدناش ندفع”، من تقديم مسرح “انسمبل فرينج” في الناصرة، وكذلك ثنائية “هذيان” و”سنة حلوة يا ذبيح “، من تقديم مسرح “المجد” في مدينة حيفا، ومسرحية “لغم أرضي”، تقديم مسرح “القصبة” في رام الله، ومسرحية “الفيل”، التي يقدّمها مسرح “الحرية” في جنين، ومسرحية “صور”، من تقديم مسرح “سنابل” في القدس المحتلة.. ومسرحية “يافا وأبوها” لمسرح “المنطار” في غزة التي هي من تمثيل وإخراج سعيد البيطار، تروي المسرحية قصه أسرة فلسطينية هُجِّرَت من يافا الى رام الله مشيًا على الأقدام، وفي الطريق يواجهون عشر حكايات تتنوع ما بين الكوميديا المفرطة بالضحك وسخرية القدر والتراجيديا.

وهي إطلالة محكية تصور حياة الفلسطيني السعيدة ما قبل النكبة، والقهر واللجوء بعد السيطرة على مدينة يافا وباقي المدن الفلسطينية.

 

المصدر: الوفاق