د. نزيهة صالح
لا زالت التظاهرات ومسيرات التضامن مع غزة تقام في أميركا اللاتينية وتحديداً في تشيلي في أميركا الجنوبية، وتكاد لا تمر أية عطلة نهاية أسبوع دون أن تقام فعالية تحت عنوان مساندة غزة وفلسطين بشكلٍ عام في كافة المدن التشيلية وليس فقط في العاصمة سانتياغو.
لقد أثبت الشعب التشيلي بوقوفه إلى جانب الجالية الفلسطينية الناشطة هناك أنه شعب مساند لكل حر، فكل فعالية من الفعاليات نرى فيها الشعب التشيلي جنباً إلى جنب في المسيرات والتظاهرات وفي الجامعات مع من ينظم ويدعي إلى هذه الأنشطة. والجدير بالذكر أن عدداً من السكان الأصليين من جنوب أميركا يقفون أيضاً مع فلسطين وغزة داعمين حريتهم ومقاومتهم ضد الإحتلال الإسرائيلي لأن آباءهم عانوا كثيراً من بطش الأوروبيين حين غزوا أميركا الجنوبية لإحتلالها.
كشف زيف الاحتلال
يحاول التشيليون أن يوصلوا صوت وصورة الفلسطيني إلى العالم، كي يرى العالم كله حقيقة الكيان الصهيوني وإجرامه، وكشف زيف الديمقراطية وحقوق الإنسان كما تدعي الولايات المتحدة الأميركية وتتشدق به أوروبا في المحافل الدولية وخاصةً في مجلس الأمن ومؤسسات الأمم المتحدة التي تدعي الدفاع عن الإنسان وحقوقه.
من ضمن الفعاليات التي أقيمت في تشيلي هذا الأسبوع، مسيرة أعلام في سيارات جالت الشوارع الرئيسية في العاصمة “سانتياغو” مع النشيد المشهور الذي حفظه الناس هنا في تشيلي وراحوا يرددونه مع الآخرين: “على عهدي على ديني، على أرضي تلاقيني، أنا أهلي أفديهم، انا دمي فلسطيني فلسطيني”.
إضافةً إلى نشاط آخر في مدينة “فينيا دو لمار” وهو عرض تمثيلي في الشارع العام يجسد كيف يعاني أهل غزة من اعتداءات الكيان الصهيوني، وكيف يقتل الأطفال والنساء في بيوتهم وفي المستشفيات أيضاً. وكذلك إقامة مسيرات في الطرقات العامة والشوارع الصغيرة بين البيوت لأمهات يحملن أكفان أطفالهن، وكذلك المسيرات والوقفات في الساحات العامة والهتاف لفسطين وإدانة الولايات المتحدة الأميركية.
إظهار مظلومية الشعب الفلسطيني
في مقابلة مع باتريسيا سباي منسقة الأنشطة مع الجالية الفلسطينية في تشيلي وقد طلبت مني أن تلبس الحجاب الإسلامي مساندة للنساء في غزة اللواتي يعانين من القتل والتهجير، قالت: “إن ما نقدمه هنا في تشيلي هو أقل ما يمكن أن نقدمه من الناحية الإنسانية إلى شعب يعاني منذ 75 عاما، نحن نحاول إظهار مظلومية الشعب الفلسطيني للعالم الحر وخاصةً في أميركا اللاتينية لأن هناك تشابه في المعاناة بين الشعبين”.
“إستيبان” الأستاذ الجامعي يُساند أي تحرك لمناصرة الشعب الفلسطيني وهو من الناشطين في الجامعة مع زملائه الأساتذة لنقل الحقيقة للطلاب حول فلسطين يقول في مقابلة خاصة لجريدة الوفاق رداً على سؤال حول لماذا يساند أهل تشيلي فلسطين: ” أعتقد أن البداية لها علاقة بالإنسانية، وليس فقط في 7 اكتوبر، بل بما حصل ويحصل للفلسطينين منذ 75 سنة. معظم التشيليين يدعمون فلسطين يعتبرون أنفسهم في حلف واحد في جنوب أميركا كلها وانهم اللاتينيون الأميركيون الأصليون، وهذا الحلف مع أي ثورة محقة ضد الإمبريالية، لتحقيق العدالة للشعب اللاتيني للعالم كله ،وهذا ما يدل عليه دعم الشعب الأميركي اللاتيني إضافة إلى تشيلي هناك كوبا وفنزويلا ومؤخراً في بوليفيا وكولومبيا، وأيضا الدبلوماسية الناشطة مع فلسطين من البرازيل، وهناك موقف سياسي ثوري من كافة دول أميركا اللاتينية ضد الظلم في العالم، والمجازر والإبادات للشعوب الأخرى التي تقوم بها الأمبريالية، والمؤسسات الدولية بما فيها التي تعنى بحقوق الإنسان لا يمكنها القيام بعملها كما يجب، ويجب تغيير المنهج الذي تعمل به هذه المنظمات الدولية”.
أمّا أنيسة الأميركية الأفريقية التي جاءت من الولايات المتحدة الأميركية والتي دخلت الإسلام حديثاً أرادت المشاركة ورفع صوتها مع المتظاهرين في تشيلي ضد المجازر الإسرائيلية في غزة فقد كانت دموعها تسارع كلماتها المعبرة عن هذا التضامن الكبير بقولها: “أنا اخجل من كوني أميركية وأدفع الضرائب للحكومة والحكومة بدورها تساند “اسرائيل” بهذا المال، نحن الشعب الأميركي لسنا موافقين على هذا ولكن الحكومة تعمل عكس ما يريده الشعب الأميركي، نحن أيضاً مثل أهل غزة مظلومون ونتمنى ان نتحرر يوما ما من هذا الظلم.
وزميلة أنيسة الطالبة بريجيت أرادت ان تسمع العالم صوتها أيضاً: “طالما ان هناك ظلم وقتل للأطفال والنساء وكافة المدنيين والأمم المتحدة لا تفعل شيئا، فلا يمكن لنا أن نثق بالمؤسسات الدولية، هذه كذبة كبيرة كي يديروا العالم ويفعلوا ما يشاؤون”.
معاناة مشتركة
لونا هي من السكان الأصليين في تشيلي، عانى أجدادها من الظلم والمجازر، تشارك دائما في مسيرات وفعاليات التضامن مع الشعب الفلسطيني: ” قضية الشعب الفلسطيني تذكرني بأجدادي وما عانوه من ظلم تماما كما يعاني الفلسطينيون، “اسرائيل” هي ربيبة اوروبا المتوحشة التي جاءت واحتلت ارض غيرها وقتلت وهجرت الشعب الأصلي، هذا العالم الغربي الذي يدعي الحضارة هو أساس الدمار ولا يعرف ما معنى الحضارة”.
كما وتواصل الجالية الفلسطينية مع الشعب التشيلي المساند للقضية الفلسطينية أنشطتهم في المؤسسات العلمية وخاصة في الجامعات، من خلال الدعوات إلى ندوات ولقاءات داخل الجامعات مع بعض الملصقات المصورة عما يحصل في فلسطين لتعريف الطلاب والأساتذة على القضية الفلسطينية منذ البداية وليس فقط ما يحصل الآن في غزة، والهدف هو تصحيح الأفكار التي تقول بأن ما يحصل في غزة الآن هو ما بدأت به حماس في 7 أكتوبر، ويتفاجأ الحاضرون بما يقوله المحاضر حول أن قضية فلسطين هي منذ العام 1948 والإعتداءات على الشعب الفلسطيني مستمرة منذ ذلك الحين ولا زالت مستمرة لغاية اليوم، وما فعلته حماس هو دفاع عن النفس نتيجة الظلم الذي يعاني منه سكان فلسطين منذ 75 عاماً، يزداد تعاطف الشعب التشيلي عندما يسمع الحقيقة.
وتبقى القضية الفلسطينية في قلوب كل الشرفاء والأحرار في العالم، من تشيلي جنوب القارة الأميركية إلى غرب آسيا ألف تحية وسلام لأهلنا في غزة ورحم الله الشهداء الشرفاء.
أ.ش