الدكتور محمد بهادري جهرمي للوفاق:

دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية لعام 1979؛ إنتقال من الدكتاتورية إلى حقوق الناس

بعد الثورة الإسلامية الشعبية في إيران، انهار النظام الملكي الذي دام 2500 عام، وهناك حاجة إلى تطوير نظام سياسي جديد يعتمد على إرادة الشعب. وفي مارس 1979، بعد شهرين من انتصار الثورة، صوت الشعب لصالح نظام "الجمهورية الإسلامية" عبر استفتاء، تمت كتابة دستور 1979 لهذا النظام الجديد. هذا هو الدستور وميثاق الأمة ووثيقتنا الأكثر صلاحية للاعتراف بإيران الجديدة. والآن، بعد مرور أربعة عقود من كتابة هذا الدستور، لا يزال (بعد تغييرات تنفيذية قصيرة في عام 1989) هو الدستور الحاكم للبلاد.

الوفاق/خاص/ كسرى امام جمعة

 

وللتعرف على عملية كتابة ومراحل إقرار هذا القانون ودور الشعب في هذه المراحل، وللإضاءة على بعض المفاهيم الأساسية لهذا الدستور، أجرت صحيفة الوفاق حواراً مع الدكتور “محمد بهادري جهرمي” عضو هيئة التدريس بالجامعة والخبير في القانون العام. ومن بين أعماله العلمية الأخرى، كانت لديه نظرة خاصة علی دستور ایران وقام بأعمال بحثیة حول الوثائق المتعلقة بالدستور في المسؤوليات البحثية مثل معهد البحوث التابع لمجلس صيانة الدستور. وجاء نص المقابلة كما يلي:

 

س: ما هي الأحداث التي أدت إلى ضرورة وضع دستور 1979 ؟ وكيف تمت الموافقة عليه؟
ج: یتم وضع الدساتير في أوقات مختلفة مثل الثورات التي يتغير فيها النظام السياسي السابق. بعد الثورة الإسلامية، وبينما كانت هناك مقترحات لتعديل الدستور، توصلت قيادة الثورة الإسلامية إلى ضرورة وضع دستور جديد. قبل انتصار الثورة الإسلامية، كلف الإمام الخميني (قدس)، وبفضل بُعد نظره، أعد أحد المحامين الثوريين البارزين الذين أنهوا دراسة الحقوق في فرنسا مسودة أولية للدستور، وقد تم إعدادها في فرنسا. من ثم تم تنقيحها وتأييدها في عهد النظام الإمبراطوري في طهران خلال اجتماعات سرية وبحضور مجموعة من أبرز خبراء إيران الحقوقيين. بعد انتصار الثورة الإسلامية وتشكيل المجلس الثوري والحكومة المؤقتة، تمت مراجعة هذه المسودة مرةً أخرى من قبل هاتين المؤسستين وفي النهاية تمت الموافقة على النص ونشره باسم “مسودة دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانیة”.
وكانت هناك اقتراحات مختلفة للموافقة النهائية على هذه المسودة. وكان الخياران الرئيسيان بين المقترحات هما التصويت المباشر على المسودة أو الموافقة عليها من قبل مجموعة مختارة من الشعب. وفي النهاية، تم انتخاب عدد محدود من الممثلین مباشرة من قبل الشعب وتمت الموافقة على المسودة من قبل الممثلین لإجراء الاستفتاء عليها. وجرت العملية بحيث أنه ترافق مع إجراء الانتخابات، تشكيل مجلس يسمى “مجلس المراجعة النهائية للدستور”، والذي ضم 72 عضواً منتخباً من مختلف المحافظات. وقد تم إرسال مسودات ومقترحات المجموعات الشعبية المختلفة والأحزاب السياسية وعلماء الدين والشخصيات السياسية إلى أمانة هذا المجلس وتمت دراستها من قبل أعضائه. تقريباً كل التغييرات التي طبقها مجلس المراجعة الدستورية في المسودة كانت مبنية على هذه الاقتراحات. وفي النهاية، تمت الموافقة على هذه المسودة في استفتاء 2 و 3 کانون الاول عام 1979 م بنسبة  بلغت 99.5 في المائة من أصوات المشاركين، وتم اقرار دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

 

س: فيما يتعلق بالخطوات المتخذة لإقرار الدستور، ذكرتم المقترحات الشعبية له، فما هي المعلومات التي لديکم بهذا الخصوص؟
ج: بعد اجتياز المراحل الضرورية الأخیرة، تمت الموافقة على المسودة المذكورة من قبل الحكومة المؤقتة، واتخذت عنوان “مسودة الحكومة المؤقتة” المعتمدة، وتم نشرها بطرق مختلفة وعلى نطاق واسع بين عامة الشعب قبل انتخابات مجلس المراجعة النهائية للدستور. وقامت وسائل الإعلام والصحف بطباعة نص المسودة، كما طبع عدة ملايين من النسخ لتوزيعها على الناس. كذلك بثت الإذاعة والتلفزيون محتويات المسودة مراراً وتكراراً، وحتى في المدن الكبرى مثل العاصمة، تم لصق المسودة على الجدران على شكل صحيفة جداریة. وبذلك يتمكن الجميع عملیاٌ من قراءة نص المسودة بسهولة ودون أية قيود. والمثير للاهتمام بأن الإمام الخميني (قدس) والحكومة المؤقتة طلبا بشکلٍ مکرر من الشعب تقديم اقتراحات لتعديل المسودة حتى تتم دراستها. وقد بلغ عدد الاقتراحات التي أرسلها الشعب إلى ادارة المجلس نحو 4000 مقترح، بعضها جزئي ويتعلق بالتعديل أو الحذف وإضافة مبدأ أو أكثر، والبعض الآخر عام، کم تم اقتراح دستور بديل. وقد تم تلقي مقترحات مختلفة من مجموعة واسعة من الناس، سواء الناس العاديين أو العلماء والسلطات الدينية وحتی الأحزاب السياسية مثل حزب “توده” الایراني ذي التوجهات الشيوعية.
وقد احتوت هذه الطلبات المقدمة من المواطنين والتي ضمت مئات الآلاف من التواقیع، علی اقتراحات مختلفة . والملفت هنا أننا عندما نقارن نص الدستور المعتمد مع نص المسودة نجد أن أغلب التعديلات التي أدخلت على الدستور تقريباً متجذرة  وموجودة في المقترحات المرسلة  نفسها من قبل الشعب.

 

س: هل تم اطلاع الناس على مداولات ممثليهم في مجلس المراجعة النهائية للدستور؟
ج: وفق القوانین، تم عقد عدة أنواع من الاجتماعات في المجلس، كما عقد الاجتماع وإدارته جاء وفق نظامهم الداخلي المعتمد الذي كتبوه وأقروه بأنفسهم بعد رفض النظام الداخلي الذي اقترحته الحكومة المؤقتة بحجة مخالفته لاستقلالية المجلس. وبموجب هذه القوانین أیضاً، تم تقسيم أعضاء هذا المجلس إلى سبع مجموعات، كُلفت كل مجموعة بمراجعة فصل واحد من المسودة والمقترحات المتعلقة بذلك الفصل، وتم تشكيل مجلس تنسيقي من ثلاثة أعضاء من أعضاء المجلس للتنسيق بین المجموعات.
وفي هذه الأثناء، عُقدت اجتماعات كاجتماعات عامة للمجموعات، اتفقت فيها مع بعضها البعض، وتم إطلاعها على الآراء، ومراجعتها بشكلٍ أكبر قبل الموافقة النهائية على المبادئ. لكن ما تم بثه بالصوت والصورة في الإذاعة والتلفزيون كانت الاجتماعات العامة، وهي الاجتماعات المخصصة للموافقة على المبادئ أو رفضها، وكان جميع الأعضاء حاضرين فيها، وكانت حقیقةً تُعتبر من الاجتماعات الرئيسية. وقد تم عرض موافقات ومقترحات الفرق المتخصصة في تلك الاجتماعات وبعد المناقشة والمراجعة تم التصويت عليها بالموافقة. وإن وصف هذه الاجتماعات متاح أيضاً بشكلٍ مكتوب ومسجل ومرئي.

 

س: في رأيكم ما هي أبرز وجوه الاختلاف بين دستور عام 1979 والدستور السابق والدساتير الأخرى؟
ج: إن الاختلاف الأبرز بين دستور 79 والدستور السابق ودساتير العديد من الدول هو الدور البارز للشعب في إقراره، وأن الاستفتاءات والتصويتات العامة لم تلعب دوراً في إقرار العديد من القوانين الدستورية في العالم. فالدستور في هذه البلدان تمت كتابته من قبل جماعة معينة أو من قبل القوی المؤسسية التي تملك السلطة وتسعى إلى الانتصار في الحرب الأهلية أو الثورة أو ما إلى ذلك.  ورغم أن الدستور المشروط تم إنشاؤه بعد الثورة الدستورية ونضال الشعب، إلا أن كتابته وإقراره لم يكن له علاقة مباشرة بالشعب. لكن في دستور عام  79 فیمکننا رؤية الدور البارز للشعب في عدة مراحل.
بغض النظر عن استفتاء آذار 1979 م، الذي قام من خلاله الشعب بشكلٍ مباشر بتعیین “الجمهورية الإسلامية” كنوع للنظام السياسي الجديد في إيران. والحقيقة أنهم حددوا الإطار العام للدستور، وكانت المرحلة الأولى هي الانتخاب المباشر لأعضاء مجلس المراجعة النهائية للدستور، وهم منتخبون بالكامل ولم يكن هناك أعضاء معينون فيه. والمرحلة الثانية من أعمال أعضاء المجلس، استناداً إلى المصادر التاريخية المتوفرة، فإننا نرى أن الأعمال والتغييرات التي قام بها أعضاؤه فيما يتعلق بتغيير المسودة هي بشكلٍ عام نابعة من اقتراحات الشعب.
وفي المرحلة الثالثة وخلافاً للإجراء المتبع في بعض دول العالم التي تعتبر موافقات منتخبي الشعب هي نفسها الدستور، فإن هذا الأمر لم يكن مقبولاً في إيران؛ وكانت موافقة المسؤولين المنتخبين وثيقة تم طرحها للتصويت العام للشعب. والنقطة الرابعة والأهم هي أن ما أدى إلى إقرار الدستور في إيران كان ثورة أطاح من خلالها الشعب بالنظام السياسي السابق.
من حيث المحتوى، یمکننا القول أن دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو أحد الدساتير الحديثة نسبياً في العالم. وخلافاً لما یروج حول دستورنا، فإننا نرى أن بعض الأحكام والمحتويات الواردة فيه ليست موجودة حتى في دساتير العديد من الدول الغربية. فمثلاً قضية الحقوق البيئية، والتي تُعد واحدة من حقوق الإنسان من الجيل الثالث وحديثة للغاية، لم يتم ذكرها حتى في دساتير العديد من البلدان التي قد کان للبيئة فيها مكانة عالية جداً، لكن دستور الجمهورية الإسلامية ينص على ضرورة حماية البيئة وحظر أي نشاط اقتصادي يلحق ضرراً فیها ولا يمكن إصلاحه. أو حتى حقوق الناس التي تناولها دستورنا ليس فقط بأبعاد سياسية مختلفة، بل أيضا بأبعاد اجتماعية واقتصادية وثقافية، وهو يتمتع بشمولية جيدة من حيث الموضوع.

 

س: لقد تحدثتم عن حقوق الشعب في الدستور. وبغض النظر عن مناقشة هذا الفصل في قوانين دستورية أخرى، فما السبب التاريخي والسياسي لظهور هذا الفصل في دستور 79 ؟
ج: غالباً ما يتم ذكر حقوق الناس في الدستور، لكن في إيران، نظراً لطبيعة الأحداث التاريخية، كانت هذه الفئة هي الأكثر أهمية بكثير. وقد ذكرنا سابقاً أن الدستور الإيراني لم يتم إنشاؤه بعد انقلاب أو حرب أهلية، ولكن سبب إقراره هو ثورة الشعب الغاضب من انتهاك حقوقه وقمع الحكومة السياسية.
ولذلك كان دور الشعب وحقوقه هو محور صياغة الدستور، وكان الدافع لصياغة الدستور هو الحفاظ علی حقوق الشعب وحرياته رداً على الانتهاك التاريخي لحقوقه في العصر البهلوي وحتى القاجاري.
ولذلك نرى أنه في المبادئ المتعلقة بالاعتراف بحقوق الشعب وإرسائها، جرت أعمق المناقشات في مجلس المراجعة النهائية للدستور وكان الجهد الأكبر لهذا المجلس في هذه القضية، وعلى الرغم من وجود اختلافات في آراء الخبراء على التفاصيل وطريقة صیاغة الدستور، إلا أنه من حيث جوهر الموضوع، وبالنظر إلى ضمانة تنفيذه، لم يكن هناك خلاف في الرأي بين الأعضاء الذين كانوا حاضرين في هذا المجلس على اختلاف توجهاتهم السياسية. ومن هذا المنطلق تحظى حقوق الشعب بمكانةٍ خاصة ومتميزة مقارنة بسائر مبادئ الدستور التي تتناول هيكلية الحكم والسيادة.

 

س: في دستور 79 هناك موضوعان غير موجودان في الدساتير الأخرى، أحدهما موضوع الشريعة الإسلامية بجدية خاصة، والآخر موضوع ولایة الفقیه، فهل يمكنكم تقديم التوضيحات فیما یخص هذين الموضوعين؟
ج: فيما يتعلق بموضوع الشرع والشريعة في الدستور، ينبغي القول أن مهمة النظام السياسي كانت واضحة منذ البداية في الدستور وتم تحديد نموذجه في استفتاء على نوع النظام، ولم تکن جمهورية فحسب، بل کانت “جمهورية إسلامية”.  في المبادئ الأساسية والمهمة في الفصل الأول من الدستور، ورد صراحة أن هذا النظام السياسي هو نظام ديني وإلهي، وينبثق من الشريعة الإسلامية التي هي الدين الرسمي للبلاد، طبعاً مع القراءات الإمامية والحفاظ على حرية الديانات الإسلامية الأخرى والأديان السماوية. وجاء فيه أن الديانات الإسلامية الأخرى والأديان السماوية تتصرف وفق دينها في أحوالها الشخصية وطبق الأنظمة والقوانين المحلية. وحتى الأشخاص الذين هم خارج الديانات الرسمية المذكورة في الدستور يتمتعون بحقوق الإنسان بموجب القانون. ولكن قد ورد بوضوح أن الشريعة والوحي هما أساس التشريع، والأهم من ذلك أنه تم وضع ضمانة قویة وجدیة لتطبيق ذلك.
وفي دساتير بعض الدول الإسلامية الأخرى، مثل مصر، وباكستان، والعراق، لدينا أحكام مماثلة تقضي بضرورة ربط القوانين بالشريعة بطريقةٍ أو بأخرى، مع الفارق المتمثل في عدم وجود ضمانة لتنفيذها بشكل جدي، ولذلك نرى بشكلٍ مباشر أن عمل برلماناتهم لا يختلف كثيراً عن عمل برلمانات الدول غير الإسلامية.
لكن في دستورنا، فإن ما يوافق عليه ممثلو الشعب في البرلمان، دون استثناء، يجب أن يُنظر إليه أولاً من الناحية الشرعية من قبل علماء الدين الذين تحددهم الطرق المذكورة في الدستور، وإذا أكد العلماء أنها لا تتعارض مع الشرع فإنها تُصبح نافذة.
وفي إيران، كما هو الحال في بلدانٍ أخرى، تتمتع الموافقات بالقدرة على التكيف مع الدستور، ولكن بالإضافة إلى الدستور، يجب أيضاً تكييفها مع الشريعة بشكلٍ مسبق.
ومن معايير الشريعة في المذهب الإمامي، وهو دين غالبية الناس والدين الرسمي للبلاد، أن يكون المدير والقائد العام وصانع السياسات في المجتمع فقيهاً وعالماً اسلامیاً. ويسمى هذا الشخص “الولي الفقيه”، أي الفقيه الذي يتولى ولاية الدولة الإسلامية وقيادتها بحكم مؤهلاته. وفي الإسلام، وفق رأي الإمامية، يجب أن تكون قيادة المجتمع الإسلامي بعهدة فقيه ومجتهد، وإن شروط وكيفية اختيار هذا الشخص تمت الاشارة الیها أيضاً في الدستور. مَن لا يعرف ولاية الفقيه قد يقارنها بمنصب الملك.

 

س: ما هو تحليلكم باختصار للمقارنة بين هذين المقامین من حيث المبادئ والسلطة والنهج؟
ج: إن منصب الولي الفقيه لا علاقة له بمنصب الملك ولا يمكن مقارنته به. لأن النظام الملكي في بعض البلدان له جذور تاريخية وتقليدية وهو وراثي بشكلٍ عام، ويكون امتيازه أيضاً في حوزة طبقة ملكية أو عائلة ملكية مميزة. لكن في ولاية الفقيه الحديث يدور حول شروط معینة، شروط مثل إتقان العلم الشرعي، وهو ما يسمى بالاجتهاد اصطلاحاً. وبالطبع يجب على المجتهد أن يكون عادلاً وشجاعاً وعالماً بالفقه والقضايا السياسية والاجتماعية. وهذه الصفات ليست حكراً على عائلة أو طبقة معينة، بل يمكن لأي شخص أن يكتسبها، والوصول إلى هذا المنصب مفتوح للجميع.
من حيث السلطات التنفيذية، فعندما نقارن صلاحيات ولاية الفقيه مع العديد من رؤساء الدول الأخرى والعديد من الأنظمة الملكية، نرى أن السلطات التنفيذية للولي الفقيه أقل من صلاحيات العديد من الملوك وحتى العديد من الرؤساء. ومن ناحيةٍ أخرى، فإن القيادة وصنع السياسات والإشراف الكلي للحفاظ على توجه البلاد منوطة بالولي الفقيه في إطار الإسلام والفقه. وفي النظام الملكي يتم ما يراه الملك مصلحة للبلاد والشعب والحكومة
وبطبيعة الحال، هناك أيضاً أطر نظرية لعمل الملوك، لكن في حالة الولي الفقيه فإن إطار الأداء والتشخيص ليس تقديراً شخصياً، بل قوانين وأحكام الشريعة، أمّا في حالة مخالفة إطار الشريعة فسيتم عزل الولي الفقيه من العدالة بناءً على الدستور. وبإشراف عدد آخر من الفقهاء، وجمیعهم من المجتهدین، وفي مجلس يُسمى “مجلس الخبراء”، وقد اجتمعت “القيادة” فيُعزل.
ووفقاً للدستور الإيراني، يتم تحديد الولي الفقيه على مرحلتين، وذلك بالانتخاب غير المباشر من قبل الشعب. وذلك لأن تحديد مجتهد صالح لقيادة المجتمع الإسلامي هو أمر متخصص ويجب التحقق منه من قبل المجتهدين، لذلك في المرحلة الأولى يختار الناس في كل منطقة مجتهديهم الموثوقين، ثم يختار المجتهدون المنتخبون في مجلس يسمى مجلس خبراء القيادة، الولي الفقيه بأغلبيتهم، وإذا قرروا أن الفقيه يفتقر إلى الشروط المذكورة في الدستور يعزلونه.
كما يضمن إشراف الخبراء بقاء هذه الظروف. كما أن كونه دورياً أو دائماً لا يعني أيضاً أن یشغل هذا المنصب، ولكن المهم هو أن یكون مؤهلاً. اي أنه ما دامت الشروط المذكورة موجودة في الدستور، فإن الولي الفقيه سيبقى في منصبه. فإذا فُقدت هذه الشروط، أو قرر الخبراء عدم وجودها أصلاً، عزلوا الفقيه، وبتعبیرٍ أدق، أكدوا عزلته. وللمقاربة، فقد رأينا في السنوات الأربع والأربعين الماضية أنه إذا كان الولي الفقيه قد أدرك في مكان ما أن البلاد قد نأت بنفسها عن الأهداف الكبرى للثورة الإسلامية، وأن هناك حاجة إلى التذكير أو الدخول بشكلٍ محدود في إطار معايير الشريعة وبهدف تطبيق أحكام الشريعة وأهداف الثورة الإسلامية دخلت، وفي غير ذلك نفذت قوات البلاد الأشياء بشكلٍ منهجي.

 

س: بالنظر إلى الأحداث الجارية في جبهة المقاومة وخاصةً في فلسطين، هل هناك إشارة إلى دعم شعوب العالم الأخرى في الدستور الإيراني؟
ج: تنص المبادئ العديدة للدستور الإيراني بوضوح على أن حكومة هذا البلد ملزمة بدعم المظلومين والمضطهدين في أقصى أنحاء العالم. وبالطبع، وفق نص الدستور، فإن هذا الدعم يجب أن يكون دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول وقراراتها.
وكما شهدنا في حالات مثل البوسنة والهرسك في التسعينيات، على الرغم من أن هؤلاء الأشخاص لم يكونوا عرباً وفي بعض الأحيان لم يكونوا حتى مسلمين، فقد قامت الحكومة الإيرانية بهذا الواجب بکل ما في وسعها. وفي قضیة فلسطين، فمنذ بداية الثورة الاسلامیة، تم تسليم سفارة الکیان الصهيوني في إيران إلى المقاتلين الفلسطينيين، وحتى اليوم، حاولت دائماً حكومات مختلفة ذات اتجاهات سياسية مختلفة وبعضها حتى معارضة، الاستمرار في هذا النهج وفي خط ثابت لنصرة فلسطين وشعبها المظلوم.

 

د.ح