التطبيع السعودي الإسرائيلي..خشبة خلاص الكيان الوحيدة!

عاد الحديث عن التطبيع السعودي على الألسن الإسرائيلية والأمريكية باعتباره جزءًا من صفقة وقف إطلاق النار في غزة، وترتيبات ما تسمى اليوم التالي لوقف الحرب.

2024-04-24

طوفان الأقصى وسيناريوهات التطبيع

 

في منتصف يناير الماضي(2024م) عقد مسؤولون إسرائيليون وأميركيون وفلسطينيون اجتماعاً لمناقشة “اليوم التالي” وجرت مناقشات مكثفة لنقل السيطرة على قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية بعد الحرب.

 

في المقابل تحدثت صحيفة “فاينانشينال تايمز” البريطانية أن الدول العربية تعمل على مبادرة تؤدي الى وقف إطلاق النار في غزة في مقابل الإفراج عن المختطفين، كجزء من خطة كبيرة تقود الى التطبيع مع “إسرائيل” (بما يشمل السعودية)، إذا اتخذت خطوات لا رجعة فيها نحو إقامة دولة فلسطينية.

 

كان من ضمن الجولة المكوكية التي قام به وزير الخارجية الأمريكي إلى المنطقة ذلك الشهر (يناير 2023) ملف إعادة استئناف محادثات التطبيع بين المملكة العربية السعودية و”إسرائيل”. وسعت الإدارة الأمريكية لتحقيق “نصر” في هذا الملف منذ مطلع 2023م، لكن مع بدء الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر، علقت السعودية المباحثات، وربطت استئنافها بوقف الحرب وإقامة دولة فلسطينية.

 

حينها صرح السفير السعودي في بريطانيا خالد بن بندر، الذي ربط التقدم بهذا الملف بعد الحرب على غزة وبأنه “لا بد أن يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية”. وأكدت وزارة الخارجية السعودية يوم (7 فبراير 2024)، أنها أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية بأنه لن يكون هناك أي علاقات دبلوماسية مع “إسرائيل” ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، ووقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانسحاب قوات الاحتلال منه.

 

المشكلة التي تعيق التطبيع بالنسبة للسعودية في الوضع الراهن مع الحكومة المتطرفة في الكيان الإسرائيلي، التي ترفض قطعاً حل الدولتين، وبالتالي تعيق اي توافقات وصفقات سياسية، وهذا الأمر لا يُربك فقط القيادة السعودية تجاه ملف التطبيع بل وايضاً السياسية الأمريكية.

 

الرؤية الأمريكية للتطبيع

 

ترى الولايات المتحدة الأمريكية أن ما تسميه “صنع السلام” مع أغنى دولة في العالم العربي والإسلامي وأكثرها نفوذاً سيكون نعمة هائلة ل”إسرائيل”، الحليف الإقليمي الأكثر أهمية لأميركا، وسوف يشكل أيضاً انتصاراً كبيراً للدبلوماسية الأميركية، على قدم المساواة من حيث الأهمية، مع معاهدة السلام بين مصر و”إسرائيل” في عام 1979م.

 

في الظروف الراهنة التي تركز فيها الولايات المتحدة الأمريكية على تهديدات أكبر في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايون والخوف من التفوق الاقتصادي الصيني، وفي شرق أوروبا، هذا الأمر يدفع السياسة الأمريكية إلى دمج الكيان الإسرائيلي بالمنطقة، وبناء تحالفات عربية غربية إسرائيلية تحمي الكيان.

 

المخاطر الاستراتيجية

 

اتفاقية التطبيع مع السعودية ستساعد في إقامة تحالف إسرائيلي وعربي وأمريكي ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقد تؤثر إيجاباً على علاقات “إسرائيل” مع السلطة الفلسطينية، وستدفع الفلسطينيين إلى فهم أن العالم العربي يريد السلام مع “إسرائيل”، وإن كان الموقف الجماهيري العربي قد تغير من بعد طوفان الأقصى وأعاد القضية الفلسطينية إلى سُلم الاهتمامات.

 

يلعب التطبيع دوراً مساهماً في بناء “الشرق الأوسط الكبير” وإن كان هذا المشروع قد تداعى، إلا أنه لا ما زال قائماً كسياسة، هذه السياسة الاستعمارية الإمبريالية والصهيونية في آن تجعل من التطبيع السعودي واسع الضرر لا ينحصر فقط على فلسطين وحسب، بل يعم خطره كل شعوب المنطقة، فهو يُسلم بالتفوق الاستراتيجي للكيان اقتصادياً وعسكرياً ويعمل على محاصرة أي محاولة لمنافسة كيان الاحتلال، بل إنّ المنافسة تصبح جريمة في منظور المطبعين.

 

مخاطر التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، مترابطة أشد الارتباط بالرؤية الامبريالية والصهيونية للمنطقة ومستقبلها، فالاحتلال يسعى إلى فرض شرعية المحتل الغاصب في فلسطين، وفرض نظام هيمنة العولمة الامبريالية على المنطقة وتحويلها الى عولمة مصغرة لمزيد من اخضاعها وتبعيتها وتخلفها، ولذلك فإن النضال ضد “إسرائيل” لا يمكن أن يتقدم إلى الأمام إلا ارتباطا بالنضال ضد النظام الامبريالي الرأسمالي العالمي.

 

أ.ش

المصدر: الخنادق