المفكّر والأديب المسيحي اللبناني للوفاق:

كتبي عن آل البيت(ع) منحوتةٌ في أضلاعي وقلبي وفكري

خاص الوفاق: كعدي:كتبي الشخصية  عددها 110 كتب،لكن عندي 12 كتاباً عن آل البيت(ع)، والكتابة التي كتبتها أخذت جهداً كبير منّي، لم أكتب فقط النثر، بل كتبت الشعر.

2024-04-24

موناسادات خواسته

 

الكتب عالم لا يتناهى تعطي الإنسان معلومات كثيرة وتأخذه إلى عالم آخر، وبما أنها هي خلاصة جهود وأفكار مفكّر، فتساعد الإنسان على الإرتقاء.

في فصل الربيع وأجواء اليوم العالمي للكتاب الذي كان يوم الثلاثاء الماضي وعلى أعتاب إقامة معرض طهران الدولي للكتاب، ننشر الحوار الذي أجريناه مع المفكّر والفيلسوف المسيحي اللبناني الدكتور ميشال كعدي الذي هو محب لأهل البيت (ع)، وهو أديب وشاعر وفقيه وناقد عرفته المنابر فارساً وكليماً وخطيباً، قال فيه الشاعر “جورج شكور” أمير منبر وفارس كلام وقبل فترة تم إزاحة الستار عن ترجمة كتبها عن أهل البيت (ع) باللغة الفارسية في معرض القرآن الكريم الدولي، وتحدثنا معه حول هذا الموضوع، وفيما يلي نص الحوار:

 

الإسلام دين للإنسان والإنسانية

الدكتور ميشال كعدي يحب ايران كثيرا فيبدأ حديثه هكذا: هنيئاً لكم بأجمل حضارة في الدنيا، هي حضارة عريقة، ويتابع: الإسلام الذي أخذ خطاً ليكمل طريق السلام والإنسانية في رحاب الله والسماء، وكل العالم المؤمن بالإله الواحد، والتوحيد، يدرك أن الإسلام ما جاء إلا للإصلاح، ما كان الإسلام ديناً إلا ليكون إلى جانب الإنسان والإنسانية، وأنا عندي ملحمة الرسول الأعظم(ص)، ملحمة شعرية وهي اليوم تحت الطبع، نحن أُعجبنا كرهبان بعظمة الرسول المؤمن الكبير، العاطي للدنيا سلاماً وأماناً واطمئناناً للإنسان، قرأنا له أكثر من ألف حديث، قرأت هذه الأحاديث للرسول الأعظم(ص) الذي لم يكن يوماً أو لم يبعد عن فكرنا يوماً أن الإمام علي(ع) هو تلميذ الرسول(ص)، إنه تلميذ القرآن الكريم الذي أُنزل على الرسول(ص)، وكان الرسول مؤمناً بالقضايا الإجتماعية والإنسانية، من هذا المنطلق، ملحمتي الشعرية عن الرسول الأعظم(ص)، سيكون لها نهج خاص أيضاً وكما كان لي النهج الأعظم عندما قلت في أطروحتي الدكتوراه، “الإمام علي (ع).. نهجاً وروحاً وفقهاً”،  ثلاثة كلمات، عبّرت عن الأطروحة وعمّا هو الإمام علي (ع)، ومن هنا، كانت محاضرتي في أوروبا ومحاضراتي في العالم بأجمعه تقريباً بما فيها ايران العزيزة علينا كلّنا، “الإمام علي.. آفاق لكل زمان”، جميع أئمة آل البيت عليهم السلام الذين كتبت عنهم، هم واحد في عرض الأشياء والطريقة، والمحبة والزهد في هذه الدنيا، أي إمام لم يكن زاهداً؟

 

التوحيد يجمع الجميع

ويتابع الدكتور ميشال كعدي كلامه عن الإسلام وأهل البيت(ع) ويقول: الآخرون يعتقدون أنكم أنتم مسلمون وحدكم، أنا مسلم أيضاً، كلنا مسلمون لله، من أسلم إلى الله هو مسلم، ولذلك المسلمون لا مَن آمن بالرسول(ص) فقط، ولا مَن آمن بالأئمة، ولا مَن آمن بالمسيح(ع) والأنبياء، إنما التوحيد، جَمَع الكل، والإسلام إلى الله جَمَع الجيمع، إنطلاقا من هذا الواقع، أنا كتبت كتبي، الكتب عن آل البيت(ع) أخذوا كثيراً من وقتي للبحث، وبقيت في الجامعات الأوروبية وفي مكتبات الفاتيكان وأمثالها أشهر عديدة وقد تكون سنوات، لأنني كنت أُلاحق هذه القضية منذ صغري.

المسيحيون اربعمائة كاتب وشاعر وأديب ومفكّر ومؤرخ، كتبوا عن آل البيت(ع)، واليوم إذا حاولنا ان نعرف أن مَن هو الإمام علي(ع)، هو الذي تكلّم عن علوم القرآن الكريم، اليوم أنتم في موعد مع العلم القرآني، تكلم عن علم القرآن، وما هو علم القرآن، تكلم في الفلك والهندسة، تكلم في الفكر والشعر، وتكلّم بمئات الأمور التي نحن اليوم بأمس الحاجة إلى أن نقرأها حتى نعيش بزمن جيد، هذا هو الإمام علي(ع)، وهؤلاء الأئمة(ع)، مثلاً على سبيل المثال الإمام الرضا(ع)، يوم كنت في مدينة مشهد المقدسة منذ تسع سنوات تقريبا، زرت مرقده الطاهر، ووعدت الإمام الرضا(ع) بكتاب، وكما قلت، أنه دُرّس في أوروبا وتُرجم كتابي إلى الفرنسية، “الإمام الرضا(ع) الأبعاد العلمية والروحية”، طبعاً الروحية قبل العلمية، ولكن وقفوا عند العلمية لأن الإمام الرضا(ع) هو طبيب، وقلت في كتابي، الطب الرضوي، فلذلك أخذوا الطب الرضوي في جامعة من جامعات فرنسا، وبدأوا يقارنون ما بين الطب الحديث والطب القديم، أخذوا تسعين بالمئة منه، يقول لي أحد الكبار من المعلمين: “أخذنا أكثر من تسعين بالمئة من الطب الرضوي، ونعمل به الى اليوم”، ولكن هناك مقارنة تكون عبارة عن دكتوراه، لبعض الطلاب، هي المقارنة بين الطب القديم مع الإمام الرضا(ع) ومع الطب الحديث، لأن له مكانة أيضاً فكانت المقارنة واضحة جداً، ما قاله عن المعدة قالوه اليوم، وما قاله عن وجع المفاصل، قالوه هم أيضاً، وهناك الكثير من الأشياء التي تُطابق الطب الكامل، مابين الطب الرضوي وما بين الطب الحديث.

 

الزهراء(س) أولى الأديبات

 

 

بعد ذلك سألنا من الفيلسوف المسيحي كيف اجتذب إلى اهل البيت(ع)؟، فقال: أما ما الذي جعلني أن أكون شريك الفكر والإيمان والمحبة والإسلام عن آل البيت(ع)، كتبت عن الزهراء (س)، من هي الزهراء(س)؟، الزهراء هي فاطمة بنت الرسول(ص)، هي أعلم إنسانة، من هنا قلت: الزهراء(س) أولى الأديبات في العالم، لم تكن المرأة متعلّمة إطلاقاً، ولكنها كانت تعلّم الرجال والنساء وجعلت من الإسلام عظمة دينية، وإنسانية وأخلاقية وكل ما أراده الإمام علي(ع)، والحسن (ع)كذلك، وسمّيته “نحن في حضرة الإمام الحسن”، وكتبت “الحسين(ع) قدوة ورسالة”، كتبت الكثير، يعني لم أترك شيئاً عن آل البيت ما كتبته، أبداً، وعندي ديوانا شعر كاملان: الكاظم والصادق(ع)، كلها موجودة في خدمة الإسلام ودين الإسلام الحنيف، الذي له مكانة اجتماعية اليوم في العالم.

 

بداية المسيرة

وحول بداية مسيرته في الكتابة عن أهل البيت(ع) قال الدكتور كعدي: كتبت أطروحتي عن الإمام علي (ع)، أنا أعترف أمام الجميع، أنني لم أكتب عن الإمام علي(ع) أكثر من خمسين بالمئة، رغم كل الأشياء، وهذه انطلاقتي أولاً صوب الإمام علي(ع) لأن والدي رحمه الله كان يؤمن بالإمام علي(ع) ايمانه بكل القديسين، وزدت عليه أيضاً أنا بعض قراءاتي التي قرأتها وعرفتها ورأيت فيها الإصلاح، مع مؤرخي كبار كأنطوان بارا، أو مع أحد البابوات الكبار الذي قال: ” لو كنت حسينياً لأمرت بحبه”، وقال أنطوان بارا: “ما تعذبه المسيح عُشر ما تعذبه الحسين، مادياً ومعنوياً”، أتشعرون مدى الأسى عندما يُضرب طفل ابن تسعة أشهر بالرمح، والحسين(ع) والده يلم دمه، وكان عندي محاضرة جيدة جداً في كربلاء اسمها “عالمية الإمام الحسين (ع) في الأديان العالمية” رائعة.

 

كتب عن أهل البيت (ع)

 

 

وفيما يتعلق بتأليفاته يقول المفكّر اللبناني: أولاً كتبي الشخصية 110 كتب، لكن عندي 12 كتاباً عن آل البيت(ع)، كل كتاب كتبته عن آل البيت(ع) هو منحوت في أضلاعي، منحوت في قلبي وفكري، لأن الكتابة التي كتبتها أخذت جهداً كبير منّي، لم أكتب فقط النثر، بل كتبت الشعر، هناك عندي رياحين الإمامة، ثلاث قصائد عن الإمام علي(ع) في كتبي، وعندي رياحين الإمامة لم أترك شيئاً، حتى وضعت الشهيد القائد سليماني وكتبت عنه قصيدة، كل هذه القصائد ستكون بعنوان أنوار الإمامة،لم أترك إنساناً، وكتبت عن المسيح، ملحمة المسيح، يعني حوّلت الإنجيل إلى الشعر، ملحمة رائعة جداً، وهناك 140 كتاباً جامعياً ومدرسياً، إضافة إلى الـ 110 من كتبي الشخصية.

كانت حياتي كلها ما بين القلم والورق، هذه حياتي أنا، لم أغب عنها إطلاقاً، ولا يوجد لدي فكر آخر إلا هذا الفكر، فأرضيت والدي وهو اليوم يرضى عنّي لأنني استجبت له، كان والدي مع الإمام علي(ع)، في منتهى الرضا والإقناع، وانتقلت الفكرة إلينا كلّنا في البيت، والحمدلله.

 

الإمام زين العابدين (ع)

 

 

وأما الكتاب الأخير الذي كتبه الدكتور هو عن الإمام زين العابدين(ع)، فيقول: الإمام زين العابدين(ع) علّمنا الإسلام على حقيقته، علّمنا كيف يكون الإنسان مصلحاً في مجتمعه، الإصلاح الذي عرفناه عند الإمام علي(ع)، والله عندما كنت أكتب عن الإمام زين العابدين(ع)، كنت أظن أحياناً أنني في روح ثانية وكأنني أكتب عن الإمام علي (ع)، من هنا انطلقت مقتنعاً اقتناعاً كبيراً بأنه رجل السجاد، لماذا السجاد؟ لأنه لم يبرح سجادة الصلاة ولا لحظة، وما عنده من أموال، ما كانت له على الإطلاق، هو الإنسان المؤمن، والإنسان الذي عرف الله عن قرب أكثر من كل العالم، طبعا كما آل البيت(ع)، عرف الحقيقة للدين الحنيف الإسلام، عرف الواقع الإجتماعي، ولم يغادر لحظة رغم التهديدات، ومات مسموماً، كآل البيت(ع)، ولم يقبل إلا أن يكون موحداً، إلا أن يكون مسلماً صحيحاً، من هنا اعتبرت الإمام زين العابدين(ع) المصلح الإجتماعي المؤمن بالإله الواحد، الذي فلسف التوحيد وكان لديه طلّاب يتوافدون إليه يعلّمهم، وهذه الصفات كانت عند الزهراء (س)، عندما كانت تعلّم الرجال والنساء، ووضعت الإسلام في مكانه الصحيح، الإمام زين العابدين(ع) إمام له طاقات كبيرة في المعرفة، وفي علم القرآن وفي علم الإنسانية والأخلاق، أما الكرم والزهد تحدثوا عنه ولا غير… ككل آل البيت(ع).

 

تصوير: احسان فقهي

 

أ.ش

المصدر: الوفاق/ خاص