الوفاق/ خاص/ موناسادات خواسته
في الأيام الأخيرة التي مرّت بنا، أقيمت عدة برامج حول المرأة، منها مهرجان عمار السينمائي الذي كان موضوعه الأصلي في هذا العام، المرأة، حتى اللقاء الذي كان للنساء مع قائد الثورة الإسلامية، وكذلك يوم ميلاد السيدة فاطمة الزهراء (س)، ويوم المرأة في إيران، وتكريم أمهات وزوجات الشهداء في مرقد السيد شاهجراغ (ع)، وقبل ذلك تكريم أمهات وزوجات شهداء لواء الفاطميين، فبهذه المناسبة أجرينا حواراً مع احدى زوجات شهداء لواء الفاطميين، السيدة “فاطمة صفدري” زوجة الشهيد “محمد جعفر حسيني” الذي استشهد في الدفاع عن المراقد المقدسة وكان ذلك بعد تحمل الجروح، فنقدّم لكم نبذة عن الشهيد ومن ثم نتطرق الى الحوار الذي جرى بيننا حول رأي زوجة الشهيد بالنسبة لتكريم أمهات وزوجات الشهداء وما إلى ذلك.
الدفاع عن المراقد المقدسة لا يعرف الجنسية أو القومية، عندما تعرض مرقد ابنة السيدة فاطمة الزهراء (س) زينب الكبرى (ع) لهجوم من قبل الإرهابيين التكفيريين، قامت بعض الأمهات والزوجات الأفغانيات بإرسال أبنائهن وأزواجهن إلى خط المواجهة في جبهة محاربة داعش، وسجلن أسماءهن في قائمة مناصري السيدة فاطمة الزهراء (س) وأصبح بعضهن فخوراً بميدالية والدة أو زوجة الشهيد على طريق الدفاع عن مرقد السيدة زينب (ع).
الشهداء الذين كانوا يرددون هذه الأبيات قبل ذهابهم الى ساحة النضال: في يوم الحشر في قلوب المعزين، يزداد رعب يوم القيامة كل لحظة/ عندما يأتي دور العفو والاستشهاد، نسمع نداء يقول أين الفاطميون.
تثير قصة الشهداء الذين دافعوا عن المراقد المقدسة تحت الهجوم الإعلامي الصاخب للأعداء نوعاً من المظلومية، القصة التي، بالطبع، عندما تصل إلى مناضلي لواء الفاطميين، لها غرابة مزدوجة. الرجال الذين هاجروا ذات مرة إلى إيران مع عائلاتهم وتركوا والديهم وزوجاتهم وأطفالهم وحدهم في إيران للدفاع عن مراقد أهل البيت عليهم السلام، وأصبحوا أخيراً سماويين بجوار ضريح مرقد السيدة زينب (ع).
الشهيد “محمد جعفر حسيني” المشهور بـ “أبو زينب”، كان أحد رفاق الشهيد صدر زاده وأبو حامد “الشهيد علي رضا توسلي قائد فاطميون”، فهو أحد المناضلين الذين ترك أولاده “زينب” و “محمد حسين” من أجل القضية الثورية والدينية وذهب إلى سوريا.
كان محمد جعفر حسيني من قوات فاطميين القديمة الذين ذهبوا إلى سوريا لأول مرة مع القوات الإيرانية قبل تشكيل لواء الفاطميين للدفاع عن مراقد أهل البيت عليهم السلام. بعد تشكيل لواء الفاطميين بجهد “أبوحامد”، أصبح عضوا في هذا اللواء واستشهد، وكان من أصدقاء الشهيد مصطفى صدر زاده، أبو حامد، حجت، وغيرهم من قادة هذا اللواء. “أبوزينب” كان شاباً لامعاً ومتميزاً وأستاذاً في اللغة الانكليزية، وأصبح محمد جعفر حسيني نائباً للواء فاطميين بسبب تفوقه.
دعوة السيدة زينب (ع) للشهيد
بداية حول الشهيد وحضوره للدفاع عن مرقد السيدة زينب (س) تقول السيدة “صفدري”: كانت ليلة القدر لمحمد جعفر حسيني زمناً مختلفاً. في أحد الأيام في مسجد الحاج خوشوقت، سألني سؤالاً وجدت صعوبة في الإجابة عليه.
وقال إنه من ناحية، تم تنسيق جميع أعماله للتوظيف والعيش في دولة أوروبية ، ومن ناحية أخرى تمت الموافقة على طلبه بالذهاب إلى سوريا.
وكان هذا تزامناً مع ولادة ابنتها الجميلة زينب، فقال: ما هو رأيك وماذا أفعل؟ بعد أيام قليلة سألته: محمد جعفر ماذا تفعل؟
قال: فكرت كثيراً ورأيت أنه إذا جاء اليوم الذي لا أستطيع فيه الذهاب إلى مراسم الحاج منصور لمدة أسبوع، فلن أتمكن من الحياة.
أنا أنتمي إلى هذه الجبهة، ولا أريد أن أذهب إلى جبهة أخرى حتى من أجل حياة عادية.
كان قراراً صعباً للغاية، لكنه اتخذ هذا القرار. قرار وضع محمد جعفر في فئة الأبرار. قال محمد جعفر: لا يمكن أن ترسل السيدة زينب (س) لي دعوة وأنا أذهب إلى أوروبا، وتواصل السيدة صفدري كلامها وتقول: أفضل ذكرى في حياته كان اللقاء مع الحاج قاسم سليماني.
أفضل ميزة عند الشهيد
عندما سألنا السيدة صفدري: ما هي أبرز سمات الشهيد حسيني برأيك؟ قالت: بطبيعة الحال، لديه العديد من الصفات الحميدة، لكن يمكنني أن أشير إلى أهمها الإلتزام بالواجبات والقيام بها، وفي مقدمتها الصلاة، وأنه كان يؤكد أننا يجب أن نصلي أول الوقت ونراعي موضوع الحلال والحرام في الحياة.
وكان هناك موضوع الحجاب الذي كان يؤكد عليه كثيراً وكان يعتقد أن المرأة المحجبة يمكن أن تحقق مزيداً من التقدم والسلام، وقد كانت حقاً واحدة من أهم القضايا بالنسبة له، والمسألة التالية التي يمكنني ذكرها كانت مسألة احترام الأب والأم وكان يلتزم بهذه القضية كثيراً.
الكتاب والفيلم الوثائقي حول الشهيد
فسألنا زوجة الشهيد “أبوزينب”: هل نشرت حياة وذكريات الشهيد في إطار كتاب أم تم اتخاذ أي إجراء؟ هل كتبت رواية عن سيرة الشهيد؟ أو هل تم إنتاج وثائقي؟ فقالت: الكتاب قيد الطباعة وتم إجراء المقابلات، وكنت أنا راوية هذا الكتاب وفيما يتعلق بالفيلم الوثائقي تم إنتاج فيلمان وثائقيان أحدهما تحت عنوان: “أصحاب الحرم” الذي تم بثه، والفيلم الوثائقي الآخر عن شخصية ابو زينب الثقافية ولم يتم عرضه بعد.
تكريم أمهات وزوجات الشهداء
وعندما سألنا السيدة “صفدري”: ما هي أهم طريقة لتكريم أمهات وزوجات الشهداء؟ فهكذا ردّت علينا بالجواب: فيما يتعلق بتكريم زوجات وأمهات الشهداء، أولاً وقبل كل شيء، كل شهيد استطاع أن يخطو على هذا الطريق، كان ذلك بمساعدة أمه أو زوجته.
بالإضافة إلى حقيقة أن الشهيد نفسه كان على الطريق الصحيح، ولكن بالتأكيد كانت هناك امرأة بجانبه يمكنها مرافقة زوجها أو أطفالها في هذا الطريق.
على أية حال، بالنسبة لأمهات الشهداء، فإن غياب وابتعاد الشهيد عن الأطفال والإستشهاد هو في الحقيقة عبء على زوجة الشهيد.
نعتقد أن الشهداء على قيد الحياة، لكن غياب الشهيد، صعب جداً على زوجة الشهيد التي يتعين عليها تربية أطفالها دون والدهم.
وأؤكد مرة أخرى أنه على الرغم من أن الشهداء أحياء ويروننا ويقيمون معنا ويشهدون ويراقبون أفعالنا، ولكن زوجة الشهيد يجب أن تتولى تربية الطفل بمفردها وتكون قادرة على دعم الأطفال في مختلف الجوانب الروحية والمعنوية والتربوية بصورة جيدة، ولكنها تشعر بأنها ليس وحدها في هذا الطريق، حسناً، من الصعب جداً عليها معرفة كل هذه الأمور وتقبل أن تصبح زوجة شهيد، أو تخطو في طريق لا يكون نهايته إلا الإستشهاد، وربما كان لدينا أيضاً مناضلون لم ييستشهدوا، والآن يقومون بطريقة ما بواجبهم في مكان آخر.
لكن هذا الغياب، ومغادرة العائلة، وهذه المهمات، والضغوط صعبة حقاً، ومن الصعب جداً على المرأة أن تتقبلها في اول مرحلة، وبمرور الوقت تتذلل هذه الصعوبات.
وأهم شيء هو أن النوايا لا يمكن أن تكون إلا لله والتضحية في سبيل الله، وهذا هو الذي يهدئ الأم والزوجة وتقبل أن يسير طفلها أو زوجها على هذا الطريق وسترافقه هذه السيدة.
فيما يتعلق بالتكريم، بالطبع، لقد قدمت اقتراحات في العديد من الأماكن ولا أعتقد أن لدي الكثير من الوقت لأقولها.
الآن أريد أن أحسب نفسي منفصلة عن زوجات الشهداء وعندما أقول هذا، معناه أنني شخصياً أعتبر نفسي خادمة لزوجات وأمهات الشهداء وأحب أن أفعل شيئاً من أجلهن وألا أكون في هذا الموقف فقط أنني زوجة شهيد ولا أفعل شيئاً.
وأنا أحب حقاً حل مشاكلهم والاستماع إليهم، وإذا استطعنا زيارة هؤلاء الأحباء من حين لآخر والتحدث عبر الهاتف والتعامل معهم بصدق حتى يمكن أن يكون هؤلاء الأحباء في مأمن.
أو إذا كانت لديهم مشكلة، نعرف مشاكلهم، وبعض الأحيان يمكننا أن نسألهم كيف كانت معاملتكم وردة فعلكم عندما كان الشهيد يريد السير في هذا الطريق؟
وأولئك الذين يمكن تقديمهم كنماذج يحتذى بها، على الرغم من أنهم جميعاً قدوة ومؤثرون، يمكننا تقديم هؤلاء الأحباء كنماذج يحتذى بها للشباب ونطلب منهم إقامة علاقة وثيقة مع الشباب.
ولكي نكون قادرين على إدراك حقائق الحياة، وهي قضية الإستشهاد، وأن هذا الطريق مستمر، وأن لدينا عالماً آخر غير هذا العالم الفاني، وأننا لا نلخص أنفسنا وإنسانيتنا في هذا العالم، يمكن القيام به بتصاميم وأفكار إبداعية لتكريم زوجات وأمهات الشهداء، ولا نكتفي فقط بلقاء ومنح هدية، بل من الممكن الاستفادة القصوى من هؤلاء الأحباء كسيدات ناجحات يتسمن بالقوة بروحهن اللطيفة من أجل هدف مهم ونهائي وهو الوصول إلى الله.
طريق الحياة للشباب
وأخيراً سألنا السيدة “صفدري”: برأيك رواية حياة الشهداء والشهيد حسيني في إطار كتاب وما إلى ذلك، كيف يؤثر على شباب اليوم ليقتدوا بالشهداء؟
فقالت: إذا تمكنا من تقديم الشهداء بشكل جيد للغاية وهذه المقدمة لن تكون بطريقة تجعل الشهداء بعيد المنال لشبابنا والشباب يعرفون ذلك وهم على يقين من أن الشهداء هم أيضاً جزء منّا، وكانوا جزءاً من مجتمعنا، كانوا أصدقاءنا وزملاءنا في الصف، وكانوا جيراننا، ولكن علينا أن نرى ما فعله الشهداء لهذا النمو الروحي والذي أدى إلى إستشهادهم،
تلك الحياة الخالدة التي حددها الله لنا، ومن الطبيعي أنه إذا تم تقديم الشهداء بشكل جيد، يمكن لشبابنا أيضاً أن يحذوا حذوهم.
ويمكنهم أن يسلكوا الطريق الصحيح الذي اختاره الشهداء، ووفقاً للنموذج الذي اختاره شبابنا، وبناءً على ذلك، يمكنهم أن يضعوا سلسلة من السلوكيات والشخصية الروحية للشهيد في مقدمة عملهم وأن يكونوا ناجحين.