استمرار العمليات النوعية.. أيّ دور تلعبه شبكات التواصل الاجتماعي؟

2023-01-29

مروة ناصر

لم يتأخر الشهيد خيري علقم (21 عامًا) عن ترجمة مخاوف كيان الاحتلال من رد على عدوانه في مخيم جنين بالأمس، من خلال عملية نوعية وواسعة في مستوطنة “النبي يعقوب” شمال القدس المحتلّة حقّقت إصابات دقيقة في صفوف المستوطنين، اذ قتل 10 منهم، وأصيب عدد آخر. فيما لم تبقَ هذه العملية يتيمة، فسرعان ما لحقه ابن الـ 13 من العمر بعملية أخرى في سلوان فأصاب مستوطنين قبل أن تعتقله شرطة الاحتلال.

بينما طرح الاحتلال بعد عدوانه على جنين اشكالية التعامل مع عقلية الشباب الفلسطيني المقاوم المستعد “للمخاطرة بالقتل والإصابة من أجل مواجهة إسرائيل”، تعقّدت الأمور أكثر لدى مراقبيه وصنّاع قراره مع عملية الشهيد علقم. ولم يبقَ الأمر عند هذا الحد، فقد استنهض الشهيد روح الثورة في نفوس الشباب الذين خرجوا بشكل عفوي في مسيرات احتفالية جابت شوارع الضفة الغربية وقطاع غزّة، وفي إحدى مسيرات الشباب في الخليل – الذين تظهر مقاطع الفيديو أن أعمارهم لا تتجاوز الـ 25 – هتفوا “على القدس رايحين شهداء بالملايين”.

يبحث مراقبو الاحتلال في أسباب صعود المقاومة من جديد في القدس والضفة الغربية على الرغم من عوامل “الركود” (التنسيق الأمني، السياسات الاقتصادية، الإجراءات الأمنية…). أشارت القناة 13 العبرية الى أن “التحريض عبر الإعلام والشبكات الاجتماعية هو السبب في العملية، وسيكون سببا في عمليات أخرى، الكلمات تقتل، يجب محاربة التحريض على تنفيذ العمليات”.

شغل عدوان جنين اهتمام الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي في فلسطين المحتلّة (كما خارجها أيضًا)، وانتشرت تعليقات عن ضرورة الثأر للشهداء الـ 9. وبعد تنفيذ العملية تم تداول الصور من المكان وجثث المستوطنين القتلى مع ترقب لارتفاع الحصيلة. ظاهرة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتوسيع عمليات المقاومة ورقعتها، بدأت تظهر معالمها منذ انتشار مجموعات وكتائب المقاومة شمال الضفة الغربية، وخاصة في جنين (كتيبة جينين) ونابلس (كتيبة نابلس وعرين الأسود) التي اعتمدت على هذه المنصات في نشر صور مسيراتها وتجهيزاتها العسكرية، كما مقاطع الفيديو التي توثّق عملياتها ضد الاحتلال، بالإضافة الى صور الشهداء والتفاعل ضد اغتيال الاحتلال لقادتها.

تحدث الاحتلال أيضًا في وقت سابق عن النتائج العكسية التي حصدها من منصات التواصل الاجتماعي التي استخدمها في البداية بهدف كي الوعي ونشر دعايته المضلّلة عن “إسرائيل” و”السلام”، فقد ذكر موقع “زمن إسرائيل” العبري كيف استفاد الجيل الفلسطيني الجديد من مواقع التواصل الاجتماعي كأرضية عمل من أجل القضية الفلسطينية وإيجاد التضامن العربي والدولي معها، واعترف بانتصار فلسطيني على هذه الجبهة.

الشهيد علقم على مواقع التواصل

نشط الشهيد علقم بدوره على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد رصدت له عبارات على صفحته الشخصية على “الفايسبوك” تشير الى اندفاعه نحو مواجهة الاحتلال ورغبته في تنفيذ العمليات البطولية:

_ في تشرين الأول / أكتوبر عام 2020 كتب علقم “القناص الصحيح في المكان المناسب خير من ألف جندي في ساحة المعركة”.

_ في حزيران / يونيو عام 2021: “يمكنك التراجع لتجنب الحرب، لكن لا تتراجع مليمترًا إذا بدأ القتال”.

_ في تشرين الأول / أكتوبر عام 2021: “من قال إننا نريد السلام؟ نريد حربا لا نهاية لها”.

ترجم الشهيد علقم هذه الرؤية في عمليته التي وصفتها صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية بـ “الأصعب منذ 15 عاماً، على مستوى العمليات المسلحة”. فيما نقل المراسل العسكري في القناة “14” العبرية، هالل روزن عن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية للاحتلال تقديرها لدقّة الإصابات التي حققها الشهيد في استخدام مسدس “غلوك” مرجحةّ أن يكون قد “أجرى تدريبات مسبقة عليه”. كما تمكن الشهيد من الابتعاد الى نحو “كيلو متر بسيارته من مكان العملية وحتى وصوله إلى النقطة الشرطية التي اشتبك معها وأطلق النار صوبها”، حسب القناة 12 العبرية.
شكّلت هذه العملية أول “اختبار” لحكومة بنيامين نتنياهو وحكم اليمين المتطرّف المحرّض على مزيد من الجرائم واستهداف الفلسطينيين في ظل غياب استراتيجية واضحة للتعامل مع العمليات الفردية وتنامي المقاومة في القدس والضفة. تلقى وزير الأمن ايتمار بن غفير الصفعة الأولى حين هتف المستوطنون خلال جولته في مكان العملية “حدث هذا في ظل ولايتك كوزير”.

لن تكون هذه العملية هي الأخيرة…