إيران  الأولى آسوياً...

التبرع بالاعضاء.. فرص حیاة تستثمر في خوزستان

التبرع بالاعضاء ثقافة مترسخة في المجتمع الايراني لاسیما جنوب البلاد، لتجسد قمة العطاء والانسانية فيها.

2022-11-05

الوفاق/ خاص

محمد حسن الشبري

بدأ التبرع بأعضاء المتوفین دماغیاً في إيران، بموجب فتوى اصدرها الإمام الخميني(رض) عام 1989، فیما بدأ رسمياً عام 2003.

في البداية، كان عدد الأعضاء المتبرع بها منخفضاً جداً، وبانشاء مراكز للتبرع بالاعضاء، ازداد عدد المتبرعين بالموت الدماغي أكثر من 50٪ في إيران، وهذا یعد نجاحا ً كبيراً.

من حيث الإحصائيات العامة، تحتل إيران المرتبة الأولى في آسيا في التبرع بالأعضاء في حالات الموت الدماغي.

فالتبرع بالاعضاء بات ثقافة مترسخة في المجتمع الايراني لاسیما جنوب البلاد، لتجسد قمة العطاء والانسانية فيها.

وخلال السنوات الأخيرة، ارتفع عدد الإيرانيين المتبرعین بالاعضاء طوعا الذين يحملون «بطاقة واهب أعضاء» عقب الوفاة كون التبرع بالاعضاء اصبح ثقافة في ايران ارتفع مستواها مع مرور الزمن حيث ساهمت ترسيخ هذه الثقافة في موافقة كثير من عائلات المرضى المتوفين بسبب الموت الدماغي على التبرع باعضائهم.

والتبرع بالاعضاء في ايران منبثق عن ثقافة انقاذ الارواح وهو مبادرة انسانية بحتة حيث ان وهب الاعضاء ينقذ ارواح اشخاص عدة وليس واحدا فحسب.
وهذه المبادرة الانسانية ساهمت في التطور الذي حققته ايران في مجال زراعة الاعضاء كونها تتبوأ  المركز الاول في زرع الاعضاء في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا خاصة في مجال زرع الكبد واصبح الجراحون الايرانيون هم اكثر مهارة في هذا المجال.

حول هذا الموضوع، التقت الوفاق برئیس مركز التنسیق لزراعة الاعضاء في جامعة الاهواز للعلوم الطبیة –الدكتور جواد شریعتي واجرت معه هذا الحوار:

 

حدثنا عن زراعة الاعضاء بصورة عامة

يعتبر التبرع بالأعضاء من أجمل التضحيات البشرية، وهو ذروة الكرم. لكنه ربما یكون أصعب وأمر لحظة في حياة عائلة شخص يعاني من الموت الدماغي.

إذا كان من المقبول في مجتمع ما، أن الموت الدماغي هو نهاية الطريق ومن خلال التبرع بأعضاء أحد أفراد الأسرة، سیعود عدد الأشخاص إلى الحياة، فمن المؤكد أن المزيد من الناس سيتخذون صعوبة هذا القرار لإعطاء الحياة لهم.

الطريقة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة للمرضى الذين يعانون من قصور القلب والكبد المتقدم و من الفشل الكلوي هو زرع الأعضاء.

في كل عام يموت عدد كبير من المرضى المحتاجين لزرع الأعضاء، بينما تدفن الأعضاء السليمة لبعض الأشخاص الذين يعانون من الموت الدماغي تحت الأرض.

ماهو التبرع بالاعضاء ومتی یتم التبرع؟

التبرع بالاعضاء هو التبرع بالأنسجة البيولوجية أو بعضو من الجسد البشري لشخص لديه عضو تالف وبحاجة إلى أن يتم استبداله. ومن الممكن أن تنقذ زراعة الأعضاء حياة المريض، أو تحسن على نحو رائع من صحته وجودة حياته.

بمجرد أن يتم إعلان الشخص بأنه ميت دماغياً، يكون بوسع عائلته ممارسة حقها في اختيار ما إذا كانت ترغب في أن تتبرع بأعضاء المتوفى، ويمكن للمتبرع المتوفى وهب ستة أنواع مختلفة من الأعضاء؛ الكليتين، البنكرياس، الكبد، الرئتين، القلب والأمعاء. وكذلك بوسع المتبرعين المتوفيين التبرع بالعظام، والجلد، وصمامات القلب، والأوردة والقرنية.

 

ما هي مكانة خوزستان في التبرع بالاعضاء؟

لله الحمد تحتل محافظة خوزستان مكانة مرموقة في التبرع بالاعضاء، فقد شهدت المحافظة نموا بمقدار ثلاثة أضعاف في التبرع بالأعضاء، اذ تم إجراء 15 عملية تبرع بالأعضاء في محافظة خوزستان خلال الـ 6 أشهر الاولی من هذا العام، والتي زادت ثلاث مرات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

هذا العدد من عمليات زراعة الأعضاء واعد للغاية في ظل حالة كورونا ونأمل أن يتم إضفاء الطابع المؤسسي على ثقافة التبرع بالأعضاء في المحافظة والبلاد كلها.

13 كبداً و23  كلية وثلاثة قلوب تم التبرع بها في خوزستان هذا العام، وتم إنقاذ 39 شخصاً، وهو عمل قيم للغاية من خلال زرع كليتين و6 أكباد في شيراز وقلبین تم زرعهما في طهران.

في محافظة خوزستان لدينا خبرة كبيرة في مجال زراعة الكلى، وحققنا أكبر نجاح في زرع هذا العضو.

في الوقت الراهن ليس لدينا أي مشاكل في مجال زراعة الكبد والكلى، ولكن بالنظر إلى أن عمليات زراعة القلب جديدة في خوزستان، ما زلنا بحاجة إلى مساعدة من طهران أو أماكن أخرى، ولكن إذا كان عدد عمليات زراعة القلب يصل إلى 20 إلى 25 حالة فيمكننا الاستمرار في ذلك بشكل مستقل.

 لماذا لا يرغب البعض في التبرع بالأعضاء؟

أحد الأسباب الرئيسية لعدم الموافقة على التبرع بالأعضاء هو قلة وعي الناس والخلط بين «الموت الدماغي» و«الغيبوبة». يجب أن يعلم الناس أن الشخص الذي يعاني من الموت الدماغي لا يعود إلى الحياة؛ تتعطل وظيفة دماغ الشخص المتوفى تماماً ولا توجد إمكانية للشفاء. في العالم، لا توجد حالة وفاة دماغية واحدة عادت إلى الحياة.

 

هل هناك معوقات تحیل دون زرع الاعضاء للمرضی المحتاجین؟

بالطبع. زراعة الأعضاء لا تجري بسهولة وهناك العديد من العوامل التي تقف حجر عثرة امام التبرع. على سبيل المثال، يجب أن تكون مجموعة دم المتبرع والمتلقي والرموز الجينية للجانبين قريبة جداً من بعضها البعض حتى يكون الزرع ممكناً.

كما ان الشفرات الجينية ليست متماثلة حتى في التوائم. ومن خلال إجراء اختبارات تخصصية، يتم اختيار الجينات الأقرب لتقليل فرصة رفض الزرع.

 

حدثنا عن بطاقة التبرع بالاعضاء.

بطاقة التبرع بالأعضاء تهدف الی تعهد المواطنین بالتبرع بالأعضاء لمريض محتاج لزراعة الأعضاء بعد وفاة المتبرع، وهو ما يسهل على ذوي المتوفين دماغياً إعطاء الموافقة على التبرع بأعضاء ذويهم المتوفى احتراماً لرغبته الشخصية. وهي متوفرة في جميع المراكز الصحية، ومن خلال الموقع الإلكتروني للمركز الوطني للتبرع بالأعضاء.

تعتبر بطاقة التبرع بالأعضاء بمثابة رغبة المتبرع في التبرع بأعضائه ولا تعتبر وثيقة إلزامية لأخذ الأعضاء أثناء الحياة أو بعد الوفاة، وهو ما يسهل على ذوي المتوفى إعطاء الموافقة على التبرع بالأعضاء.

وفي الواقع فإن أية عائلة تواجه صدمة الوفاة تشعر بالارتياح عند إعفائها من عبء اتخاذ مثل هذا القرار، بل أنها قد تشعر أيضاً بمزيد من الارتياح إذا علم الأهل بأنهم قد نفذوا رغبة من يحبون.

أي شخص يستطيع إبداء الرغبة في التبرع بالأعضاء ولكن لتحقيق ذلك لابد من توافر الشروط التالية :أن يكون المتبرع سليماً من الناحية الجسدية ومستقراً من الناحية النفسية وألاّ يكون مدمناً على المخدرات أو الكحول. ويمكن للمتبرع تغيير رغبته متى شاء.

 

 هل اثرت جائحة كورونا سلبا علی التبرع بالاعضاء في خوزستان؟

بالطبع جائحة كورونا أثرت بشكل كبير على زراعة الأعضاء في جميع أنحاء العالم، حیث انخفضت الی ما يقرب الـ 50 إلى 60 في المائة. ومع ذلك، منذ عام ونصف،حدث تغيير في وضع التبرع بالأعضاء في خوزستان وفي مقدار التبرع بالأعضاء وزرعها. فإذا كان في السابق، يتم التبرع بأعضاء شخصين من أصل 10 متوفین دماغيا في المحافظة، يتم التبرع الآن بأعضاء خمسة أشخاص من بين كل 10 حالات موت دماغي. وهذا العدد من التبرعات وعمليات الزرع في المحافظة جيد جداً مقارنة بانخفاضها بنسبة 50-60٪ في العالم.

وفي عام 2019، تمت ترقية جامعة جونديشابور للعلوم الطبية في الاهواز إلى المرتبة الـ 36 في زراعة الأعضاء.

واما بسبب تضارب العديد من القدرات العلاجية والطاقم العلاجي مع كورونا وعدم وجود بروتوكولات واضحة لزراعة الأعضاء ابان جائحة كورونا، فقد شهدنا انخفاضاً في عمليات الزراعة في بدایة الامر.

قبل تفشي كورونا كانت خوزستان من بين المحافظات الثلاث الأولى من حيث عدد وفيات الدماغ، ومن ناحية أخرى كنا في أسفل الجدول من حيث التبرع بالأعضاء. الآن، مع زيادة حركة المرور والحوادث اليومية، لدينا حالة وفاة واحدة أو حالتين على الأقل بسبب الموت الدماغي في مستشفى كلستان في أهواز.

من عام 2013 إلى سبتمبر 2019، أجرينا 16 عملية زراعة كبد في خوزستان، ولكن منذ سبتمبر 2019، لحد الآن تم إجراء 24 عملية زراعة كبد وتوفي اثنان فقط من هؤلاء الأشخاص، مما يعني أن عمليات زراعة الكبد في محافظة خوزستان نجحت بنسبة 95٪ . كما أجرينا أربع عمليات زرع قلب، مات أحد المتلقین. كما أن معدل نجاح زراعة الكلى أعلى من ذلك بكثير وهذه الإحصائية جيدة جداً.

في الوقت الحالي تحسنت ظروف التبرع بالأعضاء في خوزستان، لكننا ما زلنا بعيدين عن الوصول إلى الوضع المثالي.

في العام الماضي،من بين كل 100 حالة وفاة دماغية في خوزستان، وافق 35 فقط على التبرع بالأعضاء، والذي وصل الآن إلى 50 حالة هذا العام. هذا الوضع مشجع، لكن لا يزال لدينا مخاوف بشأن المرضى. هناك العديد من المرضى على قائمة الانتظار،وبعضهم ليس متأكداً مما إذا كانوا سيبقون على قيد الحياة إذا تأخر عملهم.

ليس لدينا إحصائيات دقيقة للمرضى الذين يموتون بسبب نقص الأعضاء، لكن في آخر حالتين لزراعة الكبد الشهر الماضي في خوزستان، اتصلنا بخمسة أشخاص لزراعة الكبد،توفي منهم ثلاثة. كانت هذه القضية مزعجة للغاية والأكثر إزعاجاً من ذلك أن هؤلاء المرضى كانوا من أقسام نشطة في المجتمع.