اتفاقيات أبراهام على حافة الهاوية.. ما هي تداعيات الانقسام الداخلي الصهيوني؟

الأنظمة التي انخرطت في مسار "اتفاقيات أبراهام" التطبيعية أنظمة معزولة شعبياً، ولا تحظى خطواتها تجاه العدو بالحد الأدنى من الشرعية الشعبية

2023-03-30

يعيش الكيان الصهيوني الغاصب والأجهزة الأمنية الصهيونية ارتباكاً كبيراً بعثر كل أوراق المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، فاتفاقية التطبيع التي أبرمها الكيان الصهيوني مع بعض أنظمة دول الخليج الفارسي فشلت فشلاً ذريعاً، بل إنه موخراً وخلال لقاء بين مسؤول إماراتي كبير و رئيس الوزراء الصهيوني هددت الإمارات بمراجعة اتفاقية التطبيع وذلك نتيجة لما وصفته الإمارات باستمرار ممارسة السياسات الخاطئة للكيان الصهيوني فيما يتعلق بالداخل حيث قالت الإمارات إن تلك التصرفات هي السبب لمراجعة اتفاقية التطبيع بين الكيان الصهيوني والإمارات ورغم الهرولة التي قامت بها تلك الأنظمة لكن في الواقع إن الشعوب العربية والإسلامية ترفض التطبيع مع العدو الصهيوني بكل صوره، وهذا بحد ذاته يؤكد أن الأنظمة التي انخرطت في مسار “اتفاقيات أبراهام” التطبيعية أنظمة معزولة شعبياً، ولا تحظى خطواتها تجاه العدو بالحد الأدنى من الشرعية الشعبية، وأنه لو توافرت بيئة ديمقراطية في أنظمتها السياسية، لما أقدمت تلك الأنظمة على إبرام اتفاقيات التطبيع فالكيان الصهيوني وبعد التطبيع الذي تم مع بعض الانظمة الخليجية راهن كثيراً على استمرار عملية التطبيع حيث كان التفاؤل الصهيوني في الماضي واضحاً على قادة الكيان الصهيوني، ومن جهةٍ اخرى فإن المظاهرات لم تهدأ منذ تشكيل الحكومة الجديدة المتطرفة حيث شهدت الأوساط الإسرائيلية مظاهرات عارمة ضد الحكومة التي تم تشكيلها، كما أن كثافة عمليات المقاومة ونجاحها كان لها تأثير كبير فهي تعد ضربات موجعة ضد كيان الاحتلال الصهيوني.

اتفاقيات أبراهام على حافة الهاوية

جميع الشواهد تؤكد أن اتفاقيات أبراهام تسير إلى حافة الهاوية، فعلى الرغم من محاولات التطبيع في تحقيق أهدافها إلا أن الوصول إلى تحقيق معادلة “العمق التطبيعي” اصطدم بعوامل الشد والجذب السياسي والمجتمعي، لذلك فإن الفشل الذي واجه الكيان الصهيوني في موضوع التطبيع هو فشل ذريع باعتراف الصهاينة أنفسهم،فطموحات الكيان الصهيوني بتعزيز العلاقات معدول الخليج الفارسي وانضمامها إلی عملية التطبيع، كان له نتائج عكسية حيث إن ما يحدث الآن هو مخالف لمزاعم بعض الصهاينة، حيث كانت السلطات الصهيونية تأمل في أنه مع توقيع اتفاقيات “أبراهام” بين الإمارات والبحرين مع الكيان الصهيوني، لم يعد تطبيع العلاقات أمراً محرماً وأن تسلك المزيد من الدول هذا المسار، لكن وفي الوقت الحالي يتضح أنه لا يوجد بلد على استعداد لقبول هذا العار، وغضب الرأي العام من عملية التطبيع يتزايد يومًا بعد يوم. حيث إن أولى التحديات التي تواجه استمرار التطبيع مع الكيان الصهيوني هي معارضة الشعوب لأي تطبيع فخلال الفترة الماضية نشرت صورًا لتظاهرات شعبية في بلدان مختلفة، ردّد المشاركون فيها شعارات مناهضة لتطبيع العلاقات مع تل أبيب.

تظاهرات في “إسرائيل”…إقالة وزير الأمن

في خطوة تدل على مدى التخبط والارتباك الذي يعيشه الكيان الصهيوني أقدم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على إقالة وزير الأمن يوآف غالانط، لانتقاد الأخير خطّة (إصلاح القضاء)، وهذا يؤكد أن كيان الاحتلال يتقدّم بخطىً حثيثةٍ نحو المزيد من التفكك والتحوّل لديكتاتوريّةٍ دينيّةٍ تقوم على الفوقيّة اليهوديّة.

وفي هذا السياق، أعربت جهاتٌ إسرائيليّةٌ عديدةٌ عن قلقها العارم من تراجع نفوذ الكيان الإقليميّ، لافتةً إلى أنّ خشية الدول العربيّة المُطبِّعة مع إسرائيل، وعلى نحوٍ خاصٍّ دول الخليج الفارسي من مواصلة الاستثمار في دولة الاحتلال، بسبب الأوضاع المُتوتِّرة جدًا والانقسامات الداخليّة التي تعصف بالمجتمع الصهيونيّ، الأمر الذي يؤثّر سلبًا على المُستثمرين، الذي يرون بأمّ أعينهم كيف تقوم الشركات الإسرائيليّة بنقل ثروتها للخارج تحسبًا من انهيار الاقتصاد في الكيان.

وما تجب الإشارة اليه أن خطوة إقالة وزير الامن الصهيوني جاءت في ظل سياسات تعسفية تقوم بها الأجهزة الامنية التابعة للكيان الصهيوني، وقد سبق التأكيد أن تلك الأعمال الاجرامية ستقود إسرائيل إلى مواجهة جديدة مع أبناء الشعب الفلسطيني، حيث سبق وأن حذرت حركات المقاومة الكيان الصهيوني بأن هذا الوضع قد يؤدي إلى انفجار في النهاية.وقالت حركات المقاومة بأن الأعمال الإجرامية التي يقوم بها الكيان الصهيوني سيكون لها عواقب وخيمة على الصهاينة، وفي هذا الصدد وحسب باحثين ومحللين سياسيين ، فإن احتمال المواجهة بين الكيان الصهيوني وأبناء الشعب الفلسطيني في الفترة المقبلة ازداد بشكل كبير،حيث أفاد موقع “الرسالة نت” الفلسطيني ، بأن عددًا من المحللين والباحثين الفلسطينيين أكدوا على الأعمال الاستفزازية للكيان الصهيوني في القدس واعتداءاته الوحشية على الضفة الغربية إضافة إلى زيادة القمع الأخير ضد الاسرى الفلسطينيين في سجون هذا الكيان بشكل كبير.

فجوة بين ائتلاف نتنياهو والاجهزة الأمنية

من الواضح أن هناك اتساعاً للفجوة بين ائتلاف رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وطاقم الأمن التابع له، وخصوصاً في ما يتعلّق بتجميد بناء المستوطنات والعديد من القضايا الاخرى التي تناولتها وسائل الإعلام الصهيونية خلال الاشهر الماضية، حيث سبق وأن نشر موقع “انتلجنس أونلاين”، تقريراً يتحدث عن الفجوة المتزايدة بين ائتلاف رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وطاقم الأمن التابع له.

وجاء في التقرير أنه بعد ساعات من المحادثات في العقبة، وافق رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار على ضمان قيام “إسرائيل” بتجميد بناء المستوطنات لمدة ستة أشهر، على أمل “تشجيع السلطة الفلسطينية لاستئناف تعاونها الأمني مع إسرائيل”.لكن بار، وفقاً للموقع، كان “مذهولاً”، لأنّه بعد ساعات قليلة نفت الحكومة الإسرائيلية مثل هذا الالتزام، قائلةً إنّه “لن يكون هناك تغييرا في المشاريع الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية”.

وأشار إلى أنّ هذه الحادثة تسلّط الضوء على الفجوة المتزايدة بين ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وطاقم الأمن التابع له. في الوقت نفسه يجب الإشارة إلى أن هناك حالة احتقان كبيرة في الأوساط الإسرائيلية حيث تتواصل المظاهرات في الأراضي المحتلة ضد حكومة نتنياهو. وتتحوّل إلى تظاهرات ضخمة وصلت إلى نزول ربع مليون مستوطن إلى الشارع ضد سعي نتنياهو لإقرار التعديل القانوني الذي يضعف من سلطات القضاء، مقابل تعزيز سيطرته على مفاصل المؤسسات

هروب غير مسبوق للمستثمرين من كيان الاحتلال .. الاقتصاد الصهيوني يدخل منطقة الخطر

تتزايدُ التحذيراتُ في الكيانِ الصهيوني من الانعكاساتِ الاقتصاديةِ المدمرةِ لتعديلاتِ الحكومة على منظومةِ القضاء في ظلِ مخاوفَ من تراجعِ قيمةِ الشيكل وسحبِ رجالِ الاعمال والمستثمرين اموالَهم الى خارجِ فلسطينَ المحتلة. وفي هذا السياق حذّر رؤساء البنوك الصهيونية وزير المالية بتسلئيل سموتريش من أنّ الأموال تغادر البنوك بمعدل أسرع بـ10 مرات من المعتاد، على خلفية مخاوف المستثمرين من خطة حكومية تستهدف النظام القضائي، حيث سبق أن سحبت حوالي أربعة مليارات دولار من الكيان الصهيوني وتحولت إلى بنوك أجنبية في الولايات المتحدة وأوروبا، فيما رصد الخبراء المصرفيون تغييرا في نمط نقل الأموال إلى الخارج، حيث إن معظم التحويلات الأخيرة تمت بواسطة أفراد عاديين، لديهم حسابات بنكية في الخارج أو فتحوا حسابات مصرفية هناك مؤخرًا.
جاء ذلك حسب ما أوردت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عبر موقعها الإلكتروني (واينت)، نقلا عن مصادر مصرفية واقتصادية؛ وأفادت بأن البنوك تحاول الإبقاء على حالة من الغموض، وتتحفظ عن تقديم بيانات دقيقة حول عملية نقل الأموال إلى الخارج، غير أنهم يقولون، بشكل غير رسمي، إن عمليات سحب الأموال مستمرة وزادت في الأيام الأخيرة، بسبب التقدم في تشريعات الخطة القضائية. وفي هذا الصدد يمكن القول بشكل واضح أن الأزمة الحالية تعتبر الأسوأ في تاريخ الكيان، وتنذر بالانقسام؛ إذ يعاني نتنياهو من تصاعد السخط عليه في الشارع اليهودي في ظل تمسكه بقراراته بشأن القضاء والتي يعتبرها المحتجون إسقاطاً لاستقلالية القضاء؛ إذْ ينص القانون الجديد على حق السلطة التنفيذية في الكيان على تعيين قادة في السلطة القضائية، وهو ما ينذر بتشظي الاحتلال وانقسامه، وربما تتطور الأمور إلى المواجهات المسلحة بين المتظاهرين والشرطة.

الانقسام الداخلي الصهيوني وتفكك جيش الاحتلال

الانقسام في الكيان العبري يأخذ مسارا عنفيا والخبراء الصهاينة يحذرون من ان الجيش بدأ يهتز ومنظومته تتقوض ورجال الاعمال والمستثمرون الاجانب يفرون مع اعمالهم واموالهم الى الخارج،فالتصريحات المهمة عن رئيس الكيان الصهيوني الذي اعلن وجود صراع بين4 فرق موجودة داخله وهو التوصيف الادق بالنسبة لهم لان هذا الصراع لم يعد مجرد تفاعل او خلاف بسيط، بل اصبح اليوم ينعكس بشكل بشكل كبير على بنية المجتمع الصهيوني. الانقسام داخل جيش الاحتلال الصهيوني سبق وأن عبر عنه صراحة رئيس الشاباك أول استلام مهامن وتحدث عن خطر تفكك المجتمع الصهيوني وتحوله الى صراعات وجودية بين التكوينات الموجودة.

وفي هذا الصدد فإن موضوع خوف الصهانية على مستقبل الكيان والخشية من تفكك جيش الاحتلال وانهيار بنية المجتمع الصهيوني الذي تضربه الانقسامات والصراعات فضلا عن تفاقم الفقر وغياب الحافزية القتالية في جيش العدو قد زاد بشكل كبير حيث إن الخوف من انهيار المجتمع الصهيوني وكيان الاحتلال في فلسطين المحتلة ليس جديدا بل سبقته تحذيرات من الزعماء الصهاينة منذ عشرات السنين حيث تتعاظم اليوم المخاوف من الانقسامات والخلافات والصراعات على مستقبل الكيان. ليس الخوف فقط من انقسام وتفكك الجيش هو ما يخيف الصهاينة بل إن هناك العديد من المشاكل الاجتماعية والمعيشية وغياب الحافزية القتالية عند الشباب الصهيوني تنعكس سلبا على جيش الاحتلال الذي يعاني تراجعا كبيرا في عدد الذين في صفوفه.

وبالعودة إلى موضوع تعاظم الخشية من تفكك جيش الاحتلال في الكيان وداخل الاوساط العسكرية والسياسية والمشاكل الاخرى التي يعاني منها المجتمع الإسرائيلي مع القرارات التي اتخذها الائتلاف الحكومي برئاسة نتنياهو والتي ستؤدي الى ضرب وحدة جيش العدو وتفككه. فهناك ارقام صادمة للصهاينة مليونان وستمئة الف منهم يعيشون في فقر مدقع لا يجدون كفاف يومهم من المأكل والمشرب نتيجة البطالة والغلاء الفاحش وفشل السياسات الاقتصادية الناجعة.

في الختام إن الاحتلال إلى زوال، وهذا أمر محتوم ووعد إلهي لنا بالنصر على اليهود، وتطهير المقدسات من رجسهم، كما أن مؤشرات ذلك قد بدأت؛ فالانقسام الإسرائيلي والأزمة الحالية في الداخل الصهيوني ما هي إلا البداية لانتهاء الاحتلال، وتتضمن مؤشرات انتهاء الاحتلال، الغضبُ الفلسطيني الذي يتزايد يوماً بعد يوم، وَيتمثل في تصاعد هجمات المقاومة الفلسطينية ضد المستوطنين والشرطة الإسرائيلية والعمليات الفدائية التي يقوم بها الأحرارُ في الداخل الفلسطيني، وَلا يكاد يمر يوم إلا ويحدث جديدٌ في هذا الشأن.

وهنا يجب أن يعلم الكيان الصهيوني جيداً أنه يواجه تهديدات خطيرة تهدد بقاءه وإن هذه التهديدات بعضها داخلية وبعضها خارجية. أما بالنسبة للتهديدات الداخلية فتتمثل بحالة تنامي العمليات ضد كيان الاحتلال الصهيوني في المناطق المحتلة حيث إن العمليات الاخيرة أحدثت رعباً لدى الكيان الصهيوني وأثبتت فشل ما تسمى الاجهزة الامنية التابعة للكيان الصهيوني و من جهةٍ اخرى اخرى فإن رفض الشعوب العربية والإسلامية للتطبيع مع الكيان الصهيوني ، وفي هذا السياق يمكن القول ايضاً إن ترسانة المقاومة العسكرية تمثل قوة وردعا للكيان الصهيوني وخاصة أن حركات المقاومة أعلنت مراراً وتكراراً أن جميع الأرضي المحتلة أصبحت تحت مرمى نيران المقاومة.

وما تجدر الإشارة اليه أنه يجب على قادة الاحتلال الصهيوني استيعاب الدرس ، والبحث عن الأسباب الحقيقة لرفض الشعوب العربية والإسلامية في العالم للتطبيع ، فالرسالة الواضحة التي يجب أن تصل لقادة الاحتلال ، ملخصها أنّ هناك استحقاقات كثيرة تسبق التطبيع ، إذا هم أرادوا العيش بسلام في المنطقة العربية ، وأولها التوقف عن ارتكاب المجازر ، وإعادة الحقوق ، التي أقرتها المواثيق الدولية للشعب الفلسطيني.

المصدر: الوقت