إفتتاح سفارة إسرائيلية في عشق آباد: عين على طهران و يدٌ على النفط

على الرغم من احتياطاتها الهائلة، نادراً ما تنشر تركمانستان بيانات عن انتاج الغاز وهو مصدر رئيسي لإيرادات الدولة. وهذا ما يدل على واقعية عدم حصر خلفيات "التودد" الإسرائيلي لعشق أباد

2023-04-25

“من فندق في عشق أباد، يمكن للمرء ان يرى ما في إيران”. يعتقد القادة الأمنيون في كيان الاحتلال بهذا القول منذ ما قبل زيارة وزير الخارجية الأسبق، شيمون بيريز إلى تركمانستان عام 1994. وعلى أساسه تصر إسرائيل على افتتاح سفارة في العاصمة التي تبعد 12 ميلاً عن إيران. وعلى الرغم من إبلاغ رشيد ميريدوف، وزير الخارجية، لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رفض بلاده المسبق، تعيين سفراء “لا يهتمون بتعزيز العلاقات بل جواسيس لمراقبة طهران” في لقاء جمعهما في نيويورك في 29 أيلول/ سبتمبر عام 2013، إلا ان إيلي كوهين وصل إلى البلاد لتنفيذ المهمة: افتتاح سفارة إسرائيلية في عشق أباد.

وصل وزير الخارجية إيلي كوهين من أذربيجان إلى تركمانستان مساء الأربعاء، ليكون أول وزير إسرائيلي يزور الدولة الواقعة وسط آسيا منذ ما يقرب من ثلاثة عقود. وسيفتتح كوهين سفارة إسرائيل في العاصمة التركمانية عشق أباد. كان لإسرائيل سفير في عشق أباد منذ عقد، لكنه عمل في فنادق ومكتب مؤقت. تمتد حدود تركمانستان مع إيران لمسافة 713 ميلاً (1148 كيلومتراً)، الأمر الذي ترى خلاله إسرائيل وسيلة مغرية لزيادة نشاطاتها الأمنية في الداخل الإيراني. وتقول صحيفة تايمز أوف إسرائيل، تعليقاً على الزيارة: “تركمانستان دولة منغلقة ولها سجل سيئ في مجال حقوق الإنسان والفساد”.

وتقول الصحفية الإسرائيلية، ميلاني سوان، في مقالها بعنوان “إسرائيل تعزز علاقاتها بديكتاتور تركمانستان على أعتاب إيران”، ان هذه الزيارة هي الأولى لكوهين للدولة الغنية بالنفط والتي يحكمها نظام أمني. وتشير ميلاني إلى ان تركمانستان التي يعيش فيها نحو 6 ملايين مواطن، تعد واحدة من أسوأ دول العالم في مجال انتهاك حقوق الإنسان، ويُتهم رئيسها، قربان قولي بردي محمدوف، باعتقال المعارضين تعسفياً، وتعذيبهم.

وفي كتابه بعنوان “الجغرافيا السياسية الجديدة لأوراسيا وموقف تركيا”، يقول بولنت أراس وهو أستاذ باحث في العلاقات الدولية في معهد Rensselaer Polytechnic، ان العلاقات قائمة بين الطرفين منذ عام 1993، عندما اعترفت إسرائيل باستقلال تركمانستان. إلا أن هذا الاعتراف المتأخر لم يمنع تطور العلاقات الاقتصادية قبل ذلك التاريخ.

في صيف عام 1992، قام وفد أعمال إسرائيلي بزيارة تركمانستان لعرض عدد من المشاريع في مجال التكنولوجيا الزراعية والتنمية الريفية. ومع ذلك، كان من المتوقع أن تتجاوز تكلفة مشاريع الري وتحلية المياه وحدها 10 مليارات دولار، وبما أنه سيكون من الصعب على الحكومة التركمانية زيادة هذا المبلغ، فهي لم توافق بعد على المشروع، وكان التوجه نحو اعتماد اتفاقية المقايضة. عام 1994، زار نائب رئيس وزراء تركمانستان بيريز، وتم توقيع العديد من اتفاقيات التعاون. جاءت الزيارة نتيجة زيارة الأخير لعشق اباد في آب/ أغسطس عام 1994، استغرقت ثلاثة أيام إلى دولتي أوزبكستان وتركمانستان. والتي كانت أول رحلة يقوم بها إلى المنطقة مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إلى آسيا الوسطى منذ انهيار الاتحاد السوفيتي نهاية عام 1991. ويشير أراس في كتابه إلى ان حجم التجارة كان يشهد تزايداً مستمراً، اذ تجاوز حجم التجارة بينهما 40 مليون دولار في عام 1995.

في آذار/ مارس 1995، وقعت تركمانستان وإسرائيل اتفاقية التعاون في مجال الرعاية الصحية. زار بعدها بشهر واحد، حضر الرئيس صابر مراد نيازوف، عند إسحاق رابين لإجراء محادثات ثنائية، تجاوز حجم بعض الاتفاقيات الاقتصادي على ضوئها لـ 100 مليون دولار. وعام 2015، أشار محمدوف في كلمة نقلها التلفزيون الحكومي، إن بلاده التي تمتلك رابع أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم ستنتج 83.8 مليار متر مكعب من هذا الوقود وتصدر 48 مليارا. وعلى الرغم من احتياطاتها الهائلة، نادراً ما تنشر تركمانستان بيانات عن انتاج الغاز وهو مصدر رئيسي لإيرادات الدولة. وهذا ما يدل على واقعية عدم حصر خلفيات “التودد” الإسرائيلي لعشق أباد بقربها من طهران. اذ تنقسم كلمة السر إلى شقين، الثقل الأول فيها، للنفط. خاصة وان هذا الأمر يحظى باهتمام من القوة ذات الثقل الإقليمي والدولي، وآخرها روسيا، التي أعربت استعداد شركاتها النفطية للمشاركة في مشاريع مشتركة لتطوير الحقول في تركمانستان، في بيان لمجلس الوزراء الروسي في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي.

المصدر: الخنادق / مريم السبلاني