نجوى رعد "مديرة جمعية إحياء التراث المقاوم" للـوفاق:

رسالة الجمعية حفظ وإحياء تاريخ صُنّاع النصر

وظيفة الجمعية هي إحياء التجربة الجهادية الرائدة والفريدة لشهداء المقاومة الإسلامية وأسراها وجرحاها

2022-11-09

الوفاق/ خاص

عبير شمص

نحن محتاجون لأن نُعرّف أجيالنا الكثير من نماذج أمهات وزوجات الشهداء والأسيرات اللواتي هنّ قدوة ونعمة فيما بيننا…مسؤوليتنا جميعا ًعلى المستوى الوطني الاهتمام بتاريخ المقاومة وتدوينه بأبعاده المختلفة… إننّا إن لم نؤرّخ لهؤلاء الأبطال فسوف يحوّلهم الكتبة المزوّرون مع مرور الزّمن إلى قطّاع طرق.

السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله

لا قيمة لأية هويةٍ يحملها شعب أو أمة ما لم يشكل تاريخها مُكَوِناً أساسياً لها، يعيد ماضيها ويصنع مستقبلها؛ وانطلاقاً من مبدأ الحفاظ على تاريخ الأمة ونقله إلى الأجيال القادمة عبر كافة الوسائل المتاحة واستجابةً لمّا أكده سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله (حفظه الله) وتخليداً للمسيرة المباركة لشهداء المقاومة الإسلامية، جاءت جمعية ” إحياء التراث المقاوم” التابعة لوحدة الأنشطة الإعلامية في حزب الله لتوثِّق تاريخيًّا تلك السير العطرة لشهداء ضحوا على مدار سنوات من الاحتلال الإسرائيلي.

التأسيس

مديرة الجمعية نجوى رعد تشرح في حديث لصحيفة الوفاق ” إنّ فكرة العمل بدايةً على حفظ آثار الشهداء ليست فكرة مستحدثة، بل كانت منذ انطلاقة العمل المقاوم سنة 1982، لكن هذا العمل لم يكن ليأخذ هذا الزخم الكبير لاعتبارات كانت تقف عائقاً أمام إنجازه بالصورة التي يشهدها الآن. ولمّا تحقق الانتصار الإلهي عام 2000، أصبحت هناك ضرورة ملحّة لأن يكون هناك مشروع متكامل يحفظ دماء الشهداء، ويكون هذا المشروع بمستوى الانتصار اللائق، فكان مشروع تنظيم وحفظ ونشر آثار الشهداء. وقد تأسس الملف رسمياً في عام 2003 ضمن الوحدة الاجتماعية بمؤسسة الشهيد، ولكن تمّ نقله في عام 2005 لوحدة الأنشطة الإعلامية في حزب الله”.

أهداف ووظائف الجمعية

إنّ ما تجمعه الجمعية حالياً من روايات شفوية، وآثار مكتوبة، ومتحفية، وسمعية – بصرية هدفه حفظ هذا التراث الكبير للشهداء، وإنّ إحياء تجربة المقاومة هو رسالة الجمعية القائمة على المحافظة على ما تختزنه الذاكرة الشعبية لمجتمع المقاومة حول حزب الله ومقاومته ورجاله وتدوين التجربة، ووظيفتها هي إحياء التجربة الجهادية الرائدة والفريدة لشهداء المقاومة الإسلامية وأسراها وجرحاها، ترسيخاً لهويتهم الإيمانية الفكرية والقيمية، وصوناً لتاريخهم وإنجازاتهم.

وبحسب الحاجّة نجوى، فإنّ وظائف الجمعية تتلخص بأربعة وهي”: الأولى: تأريخية، تقوم على إحصاء وجمع كل ما له صلة بالشهداء، ثّم توثيقه وحفظه، الثانية : تعمل على إبراز هذه الآثار بصور علمية وفنية متنوعة، منها الوثيقة، الكتاب والقصة، والفيلم وغير ذلك.الثالثة: تعبوية، تهدف إلى استنهاض المجتمعات والإنسان، لا سيّما مجتمع المقاومة، أمّا الرابعة: فهي ثقافية، تساهم في نقل فكر الشهادة والشهداء إلى كل من يسير في طريقهم”.

آلية العمل

تعتمد الجمعية في عملها على التأريخ الشفوي الذي يعتبر من أقدم أشكال توثيق التاريخ، إذ يعود إلى الزمن الذي كانت فيه رواية القصص هي الشكل الوحيد لتأريخ الأحداث، وهو في الوقت ذاته من أكثر الوسائل حداثةً لتوثيق التاريخ عبر مواكبته ما أفرزته التكنولوجيا من أدوات والاستفادة منها على أكمل وجه.

وهو يعدّ من المصادر المهمَّة لكل أمة تهتمّ بحفظ تاريخها وتعمل على تعزيز وعي أفرادها ومضاعفة قدراتها في مواجهة أعدائها، عبر جمع وحفظُ وتفسيرُ روايات الأفراد المشاركين في أحداث الماضي، وهذا هو صلب عمل الجمعية المتمثلبحسب الحاجة نجوى:” في جمع وحفظ وتدوين وتحقيق وتوثيق ذاكرة شهداء المقاومة الإسلامية الشفهية والمدوّنة، وتراثهم الفكري والقيمي والثقافي، عبر  مقابلات يتمّ تسجيلها صوتياً مع أشخاص عاصروا شهداء المقاومة وعايشوهم عن قرب أو سمعوا عنهم، ثّم التحقيق فيها لغرض دراسة الماضي عبر الرواية المحفوظة في الذاكرة والمنقولة شفهياً لإعادة إنتاج كتابة سير الشهداء”

هيكلية العمل

لا بد من الإشارة إلى أنّ الجمعية تعمل وفق هيكلية متكاملة ومترابطة ببعضها البعض حسب دوائر مختلفة لكنها مكملّة لبعضها. فمن هيئة الإدارة العامة إلى دائرة الإحصاء والجمع ثم دائرة الحفظ والصيانة لآثار الشهداء التي تحفظ بأساليب علمية تحميها من التلف، ثم دائرة الأرشيف والمحفوظات، ودائرة التحقيق والترجمة، ودائرة البحوث والدراسات، ودائرة الطباعة والنشر، ودائرة التوثيق وإدارة المعلومات وأخيراً دائرة الإخراج الفني والإعلام. في المرحلة الحالية، تعمل الجمعية على تنظيم الكمّ الهائل من المعلومات المجمّعة عن الشهداء، وفي هذا الإطار استطاعت تحقيق عدد كبير من الإنجازات، إذ يملك المركز أرشيفاً ضخماً ما يقارب 22 ألف أثر عيني و27 ألف أثر مكتوب.
تطوير الكادر العامل في الجمعية

تشير الحاجّة نجوى إلى أن “من عَمِلَ  في بدايات التأسيس كان فريقاً متطوعاً من مستويات علمية مختلفة، ولكنه تطوّر كثيراً فيما بعد متخذًاً طابعاً تخصصياً أكثر، حيث تم وضع منهج علمي للعمل وتحديد أصول التأريخ الشفوي وتقييم أداء فريق العمل واستقطاب طاقات جديدة وإخضاعهم إلى دورات تخصصية وورش عمل تقنية من قبل خبراء وأصحاب تجارب لتولي عملية الجمع والتدوين والكتابة”، وكانت من أهم هذه الدورات دورتان أجرتهما الجمعية مع مؤسسة “حوزه هنري” الثقافية في إيران والتي قام بالتدريب فيهما عدد من المختصين المتمرسين نذكر منهم الأستاذ والكاتب محسن كاظمي والدكتور علي كمرى وذلك في العام 2012 والعام 2016م.

أنشطة الجمعية

تشرح الحاجّة نجوى أهم أنشطة الجمعية وهي “تنفيذ عدة برامج خاصة بطلاب المدارس والجامعات لتعريف الطلاب على شهداء المقاومة عبر الأنشطة والفعاليات المختلفة عبر توظيف تاريخ المقاومة وإدخاله في المناهج الدراسية عبر المتممات اللغوية التي ترسخ مفاهيم المقاومة لدى الأجيال القادمة ودعم الأبحاث العلمية والرسائل والأطروحات الجامعية ذات الصلة بموضوع عملها، فضلاً عن إقامة المعارض والمتاحف للآثار المتحفية العينية للشهداء بالتنسيق مع وحدات الأنشطة الثقافية في القطاعات كافة، وتنظّيم المؤتمرات والندوات والورش التدريبية، وقد جهزت الجمعية حقيبة تدريب حول إجراء المقابلات في التاريخ الشفوي تُدرب فيها مؤسسات داخلية وخارجية، كما وتسهم الجمعية في إنتاج الأعمال الفنية والإعلامية التي تظهر الانجازات والقيّم التي حفلت بها تجربة الشهادة المشرقة”.

إصدارات الجمعية

أبرز إصدارات الجمعية في هذا المجال في السنوات الأخيرة نذكر منها كتاب “ظلال زينب” بأجزائه السبعة الصادرة تباعاً والذي يوثّق حكايا وخواطر المجاهدين في مواجهة الجماعات التكفيرية ، وكتاب “جواد موجٌ لا شاطئ له” للكاتبة نجوى رعد وهو عبارة عن مشاهد من سيرة الشهيد سمير مطوط، وكتاب” منتصر”  المترجم إلى الفارسية للكاتبة غيداء ماجد والذي يروي مشاهد من سيرة الشهيد الجامعي محمد حسين جوني، وكذلك سلام مزرعاني في كتابها “مخرّب 5017” الذي ينتمي إلى أدب السجون عن الأسير علي حجازي، وكان الإصدار الأخير كتاب “سباق مع القطار” للكاتبة ايمان علوية الذي يروي قصة الشهيد الشيخ محمد رملاوي الذي استشهد في جبهة الفاو في ايران ، وكتب أخرى. كذلك كان للجمعيَّة إصدارات أخرى منها: “الكلمات القصار” التي تتضمن منتخبات من كلام شيخ شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب، واصدار أخر يتضمن منتخبات من كلام سيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي، و”موسوعة الآثار الكاملة لسيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي”.
وتختّم الحاجّة نجوى كلامها بالقول :”إنّ أهمية عمل الجمعية يقوم على الربط ما بين فكر وقيم الشهيد التي دفعته إلى الاستشهاد، وإلى تحقيق الوعي التاريخي المرتبط بالوعي السياسي والاجتماعي، وبالتالي نشر الفكر المقاوم في عقول الناس ودفعهم للانتساب إلى هذه المسيرة المباركة فيما بعد، والهدف الأساس هو هدف تعبوي لاستنهاض هذا المجتمع ليشعر بقيمة تضحيات الشهداء ولزوم الاستمرار والدعم”.