د. رُلى فرحات في اليوم العالمي لصحّة المرأة للوفاق:

المرأة تنهض لأجل الجميع

خاص الوفاق: كلما كانت المرأة تتمتع بصّحة نفسيّة وجسديّة جيّدة كلما كانت قادرة على القيام بمهامها المتعدّدة والعديدة من تلك الّتي تتعلّق بالأعمال المنزليّة والأسريّة وتربيّة الأطفال وتعليمهم وتنظيمهم إلى القيام بأعمال وظيفتها على أكمل وجه

2023-05-27

سهامه مجلسي

في اليوم العالمي لصحة المرأة الذي يصادف اليوم 28 من أيار/مايو من كل عام، تحتفل نساء العالم بما حققنه من انجازات نوعية في مجال الحقوق الصحية والخدمات الاجتماعية التي ساهمت وتساهم في مكافحة الأمراض وتحسين وضع المرأة الصحي، في وقت تعاني فيه المرأة العربية من تدهور صحي خطير لعدم توفر الخدمات الصحية أو انعدامها، لتصبح أولى ضحايا الصراع والاقتتال والاستغلال والخطف وفي هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق حوارا مع الدكتورة رُلى فرحات وفيما يلي نص الحوار:

توفير الصحة النفسية للمرأة يمكنها من القيام بمهامها

إن نجاح الفرد في علاقته بالآخرين ونجاحه في علاقته بذاته، بمعنى خلو هذه العلاقات من الصراعات والمشاحنات، دليل على اتخاذ هذا الفرد أسلوب حياة ناجح، يُسهم بشكل كبير في تحقيق مستوى جيد من الصّحة النفسيّة.

لتحقيق الصّحة النّفسيّة الجيّدة ولتكوّن شخصيّة الفرد السويّة منذ أن كان طفلًا، هناك لاعبان رئيسيان هما الأب والأم، قطبا الأسرة والمسؤولان مسؤوليّة مباشرة عن تنشئة وتربيّة أطفالهم.

من هنا يأتي دور المرأة الّـتي وكما قال عنها الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت منذ ما يُقارب القرنين من الزمن: المرأة التي تهزُّ المهد بيمينها، تهزُّ العالم بيسارها، لما للمرأة من دور رئيسي في المجتمع وليس فقط في نطاق ضيق داخل الأسرة. وعليه كلما كانت المرأة تتمتع بصّحة نفسيّة وجسديّة جيّدة كلما كانت قادرة على القيام بمهامها المتعدّدة والعديدة من تلك الّتي تتعلّق بالأعمال المنزليّة والأسريّة وتربيّة الأطفال وتعليمهم وتنظيمهم إلى القيام بأعمال وظيفتها على أكمل وجه وتحمل أعباء وضغوطات الحياة لتبقى هي نقطة التوازن الأولى.

اليوم العالمي من أجل تنمية صحة المرأة

يحتفل العالم، يوم الأحد، بـ”اليوم العالمي من أجل تنمية صحة المرأة”، الذي يوافق 28 مايو/ أيار من كل سنة، والّذي انطلق سنة 1987 في كوستاريكا، وكان الهدف من إقرار هذا اليوم الاهتمام بتنمية صحة المرأة، التي هي الأساس في تربية الأجيال وخلق مجتمع صحي خالٍ من الأمراض والعلل. فيُذكرنا هذا اليوم بأن الحقوق الشاملة للإنسان لايمكن بلوغها دون أن تسهم النساء إسهاماً متساوياً في التنمية، ودون أن يتاح لهن فرص متساوية للتنمية في سائر أنحاء العالم.

منذ ذلك الحين وحتى اليوم ما زالت أصوات العديد من المؤسسات وفعاليات المجتمع المدني تتعالى مطالبة بتمكين المرأة من حقوقها الصحية، خاصة في المناطق الناميّة وضرورة تحقيق ضمانات فعليّة لممارسة هذه الحقوق.

يركز يوم تنمية صحة المرأة العالمي على المشاكل الصحية والإنجابية التي تعاني منها النساء حول العالم كصعوبة الحصول على الرعاية الصحية، والعنف والسرطانات، والإيدز، والإجهاد في العمل بدون مقابل عادل، وغيرها الكثير. بحسب دراسة جديدة أجراها باحثون في مدينة نيوميكسيكو، تموت أربع نساء يومياً بسبب مشاكل متعلقة بالولادة (40% منهم بسبب الإجهاض المحرَّض بالأدوية).

وفي هذا السياق، دعت هيئات ومنظمات نسائية من مختلف دول العالم للعناية بالمرأة وتغطية النقص الحاصل في مجال خدمات الرعاية الصحية، خاصة في البلدان التي تجتاحها الأوبئة وتترصد بها الحروب، كما طالبن بتحسين الخدمات المتعلقة بصحة الأم وتنظيم الأسرة، والقضاء على كافة أشكال التمييز، واستغلال النساء في عمليات الاتجار بالبشر كعاملات غير قانونيات أو مجبرات على البغاء أو بالعمل في تجارة المخدرات وغيرها.

وقد تحدثت تقارير عدة عن ارتفاع حالات الوفيات بين النساء خلال فترة الحمل أو أثناء الولادة بأكثر من 530 ألف امرأة كل عام، وتزايد حالات سرطان الثدي الذي يمثل حسب منظمة الصحة العالمية، أكثر أنواع السرطان انتشاراً بين النساء في العالم بنسبة 16 بالمائة من الإصابات، أكثرها في الدول ذات الدخل المتوسط والضعيف، والذي يقتل نحو نصف مليون امرأة في العالم سنوياً.

لا تزال المجتمعات في جميع أنحاء العالم مقصّرة في حق المرأة

واضافت على الرغم من بعض التقدم في مجال تنمية صحة المرأة، لا تزال المجتمعات في جميع أنحاء العالم مقصّرة في حق المرأة، حسب إفادات العديد من النشطاء والمتهمين بمجال تنمية صحة المرأة، الذين ناشدوا الحكومات إلى بذل المزيد من الجهود، وتبني مقاربة تشاركية مع فعاليات المجتمع المدني لتمكين المرأة من تنمية شاملة في مجال الصحة.

وهنا لا بُدّ الإشارة إلى أنّ طبيعة المرأة البيولوجيّة تختلف عن الرجل في أشياء كثيرة لذا نجد أن هناك أمراض تهدد النساء أكثر من الرجال، وسنعرض هنا البعض منها:

أمراض القلب، السرطان، السكتة الدماغية، مرض الانسداد الرئوي المزمن، مرض الزهايمر، إصابات غير مقصودة، السكري، الانفلونزا والالتهاب الرئوي، مرض الكُلى، تسمم الدم.

هنا نُشير إلى أهميّة تدريب وتوعية الأطباء ومقدمي الرعاية الصحيّة بمرض سرطان الثدي وعلاماته وطرق الفحص والإكتشاف المبكر، وتناول وسائل الإعلام من خلال جميع القنوات المسموعة والمرئية والصحفية قضية سرطان الثدي على أنه مرض يمكن الشفاء منه إذا اكتشف مبكرا ودعوة السيدات إلى إجراء الفحوصات المطلوبة، ومساندة القطاع الخاص للعمل الأهلي في تحقيق دوره بنشر الوعي بالحفاظ على صحة الثدي، وتحسين خدمات الرعاية الصحية في المستشفيات الحكومية، وتوصيل الناجيات من مرض سرطان الثدي صوتهن وتجربتهن إلى المجتمع ككل بكافة الوسائل وأنه يمكن قهر المرض والتغلب عليه بالإكتشاف المبكر. وكذلك الأمراض الأخرى الّتي تُصيب المرأة وتُؤثر على حياتها سواءً كانت أمراض جسديّة أو نفسيّة.

نصائح للحفاظ على صحة المرأة

واضافت في مقالنا هذا، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، نقدم لكِ سيدتي خطوات بسيطة لا تتطلب منكِ مجهوداً للحفاظ على صحتكِ بقدر المستطاع:

اضحكي: الضحك يقلل التوتر النفسي ويخفّض من ضغط الدم ويقوّي جهاز المناعة، لذلك حاولي ادخال المزيد من الترفيه إلى حياتكِ، سواء عن طريق الأهل أو الأصدقاء، أو حتى مشاهدة البرامج التلفزيونية المسليّة الهادفة.

تناولي طعاماً صحياً: احرصي على أن تكون وجبتكِ مليئة بالطعام الصحي مثل الخضراوات والفاكهة والأطعمة الطازجة مع الإكثار من شرب الماء (ما لا يقل عن 8 أكواب يومياً)، وتجنبي الأطعمة الجاهزة والدسمة. كذلك من الأهمية ألا تتجاوزي وجبة الإفطار أبداً، وأعلمي أن الذين يحرصون على تناول وجبة الإفطار يتمتعون ببنية جسم أفضل ممن يتجاوزونها، وتذكّري أن الطعام الصحي لا يعني الريجيم القاسي والدائم، فلن تضركِ قطعة صغيرة من الشوكولاته أو الحلويات.

نامي جيداً: النوم بما لا يقل عن 7 إلى 8 ساعات يومياً، يقلل التوتر وضغط الدم ويقوّي الذاكرة ويطيل العمر ويجعلكِ تتمتعين ببشرة أكثر نضارة، بالإضافة إلى تأثيره على صحتكِ النفسية أيضاً. كذلك اهتمي بالوضعية الصحيحة لفراشكِ، لأنها تؤثر جداً على نوعية النوم وعلى صحة عضلاتكِ، خصوصا الظهر.

اعتني بصحة أسنانكِ: لا تتوقعي أن يكون تنظيف الأسنان بالمعجون والفرشاة هي الطريقة التي ستحافظين بها على أسنانكِ فقط، بل تناولي طعاماً صحياُ مليئاً بالكالسيوم، ولا تنسي استخدام خيط تنظيف الأسنان أبداً.

مارسي الرياضة: اجعلي من ممارسة الرياضة أسلوب حياة، فيمكن ممارسة الرياضة في كل عمل تقومين بهِ، سواء في العمل أو المنزل، مثل المشي قبل الوصول إلى مكان العمل أو اعتماد التمارين المكتبية، أو صعود السلالم بدل المصعد. ونفس الأمر ينطبق خلال عملكِ في المنزل. وتذكّري أنه يمكنكِ دوماً توفير 30 دقيقة فقط لممارسة رياضتكِ.

ممارسة تمارين التّأمل وتمارين التّنفس: لهذه التمارين أهميّة في تقليل ضغوطات الحياة وتعزيز التّركيزوتنشيط الذّاكرة.

احصلي على الدعم دائماً: لا تسمحي لنفسكِ بمواجهة ضغوطات الحياة وحدكِ، بل حاولي الحصول على دعم المقربين لكِ دائماً، لتتخلصي من جزء كبير مما يقع عليك من ضغوط.

زوري الطبيب بانتظام: تأكدي من زيارتكِ للطبيب بانتظام، سواء للفحص المبكر عن بعض الأمراض مثل سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم، خصوصاً في حال وجود عوامل خطورة، ولإجراء التحاليل الروتينية مثل فقر الدم، أو لفحص أسنانكِ  وعيونك كل ستة أشهر.

أحبي نفسكِ واجعليها فوق كل الأولويات: لتهتمي بكل ما سبق، عليكِ ان تؤمني بنفسكِ وقدراتكِ وتحبي نفسكِ على ما أنتِ عليه، لتستطيعي مواصلة حياتكِ بقناعة كافية تحقق لكِ الرضا النفسي. فخصّصي وقت لهواياتك واهتماماتك الخاصة.

وأخيراً وليس آخراً تذكري سيدتي بأنّك أنت من تستطيعين التغيير وتقديم الدّعم لجميع أفراد أسرتك لذلك عليك أن تتمتعي بصحة جيدة نفسية وجسديّة لتعيشين حياة تستحقُ أن تُعاش. فأنتِ لست نصف المجتمع بل المجتمع بأكمله…