تبنّى العودة إلى الهوية الإسلامية والبشرية

الإمام الخميني (قدس) مهندس الثقافة الإنسانية في مؤلفاته

خاص الوفاق: يبدو أن الكلمات التي يستخدمها الإمام هي نفسها التي يستخدمها الآخرون، ولكن هناك لآلئ مخبأة في أعماق هذا البحر المضطرب.

2023-05-31

فصل الربيع في كل عام يتضمن مختلف الأجواء والأحداث وهذا العام تزامن ربيع الأيام مع ربيع القلوب وبعد ذلك كان ربيع أهل العلم والفكر أي معرض طهران الدولي للكتاب، أما ما يتضمنه الربيع في شهره الأخير في إيران وحسب الأشهر الإيرانية هي رحيل مفجّر الثورة الإسلامية الإمام الخميني (قدس)، الذي كان له أثر كبير ليس فقط في إيران بل في كل العالم، كأنموذج لجميع أحرار المعمورة.

إن للإمام الخميني (قدس) أبعاد شخصية عالية مختلفة، ولكن ما نتطرق إليه اليوم هو الجانب الفني والأدبي عند الإمام الخميني (قدس) والذي نراه في مؤلفاته الكثيرة في مختلف المجالات، وما يقوله الآخرون حول أسلوبه الأدبي.

الأدب مرآة الحياة

الأدب مرآة الحياة ومن الطبيعي أن الثورة الإسلامية والصورة التي تظهرها الحياة من هذه المرآة ستحدثان التحول، في كل ثورة في العالم نرى تحولاً في الأدب، وبتغير الأنماط، يتغير التعبير وما إلى ذلك.

وفيما يتعلق بشخصية الإمام الخميني (قدس) الكاريزمية والأدبية يمكننا القول بالإضافة إلى أن آثاره تركت تأثير كبيراً  في الأدب المعاصر، نشير إلى بعض جوانب هذا التأثير، فإنه ينقسم إلى قسمين: اولاً: التأثير على الشكل والهيكل، وثانياً التأثير على المضمون والموضوع، ولقد كانت الثورة مؤثرة في كلا الجانبين وأحدثت تحولا، فمن حيث الشكل والبنية في الكلمات الشعبية التي حُصرت في أدبنا، والكلمات القرآنية والإسلامية مثل الأمة، المستضعف، الغطرسة، الشهيد، الجهاد، وغيره من الكلمات الأصيلة التي تعود لمدرسة الإسلام.

كانت مهمة الإمام الخميني (قدس) قيادة أمة بعد قرون من العيش تحت نير الظلام والضلال نحو النور وأشعة الشمس، فبعد هذه المهمة عندما كان يجد راحة من هذا الواجب الثقيل، فكان يكتب ألم الإنفصال في العزلة ولغة الحديث الشعرية.

ويبدو أن الكلمات التي يستخدمها الإمام هي نفسها التي يستخدمها الآخرون، ولكن هناك لآلئ مخبأة في أعماق هذا البحر المضطرب لا يمكن إلا للغواصين الشجعان الذين يجدوا طريقهم إليه.

الموضوع الرئيسي لقصائد الإمام الخميني (قدس) هو الحب الإلهي،  نرى في قصائده أن هناك مصطلحات مثل: “رخ” (الوجه)، “زلف” (الشَعر)، “مي” (الشراب)، “أبرو” (الحاجب)، وغيرها تستخدم، ولكن هي ذات مفاهيم عرفانية عالية.

أسلوب الإمام الأدبي في رؤية الآخرين

الإمام الخميني (قدس) له آثار كثيرة في مختلف المجالات، ومن حيث الأسلوب، فإن شعره وأسلوبه النثري صريح وصادق، وإضافة إلى أنه يقدّم كلمات صوفية وأخلاقية واجتماعية وسياسية خالصة، تظهر علاقة حميمة خاصة في أعمالهم الأدبية، وهذا الإخلاص واضح في الرسالة المتعلقة بقبول القرار لوقف الحرب المفروضة على إيران.

لكن فيما يتعلق بديوان الإمام الخميني (قدس) وأشعاره العرفانية التي أنشدها.. فهي تحتاج إلى دراسة كاملة، حيث أقيمت دراسات ومؤتمرات حول شخصية الإمام الخميني (قدس) بعناوين مختلفة منها: “الصورة الأدبية للإمام الخميني (قدس)”، ونظرة إلى شعر الثورة الإسلامية ودور الإمام الخميني (قدس) وغيرها.

أصبح الإمام الخميني (قدس) قدوة للعديد من الشعراء للتحدث بطريقته. قبل أن يتخذ الإمام (قدس) خطوة في هذا المجال، كانت هناك العديد من الكلمات الرومانسية والصوفية في المنطقة المحظورة.

يؤشر حسين اسرافيلي، أحد الرواد في مجال الشعر، إلى أن الشخصية المؤثرة للإمام الخميني (قدس) بأنه هو أحد مهندسي الثقافة الإنسانية، إضافة إلى شخصيته السياسية والثقافية، وهو أحد الشخصيات التي لعبت دوراً هاماً في إحياء الهوية الثقافية للمجتمع، فهو تبنى العودة إلى الهوية الإنسانية والإسلامية، وأيضاً هو من العلماء الذين له يد قديرة في مجال الشعر والأدب والتصوف، ولذلك يمكن القول إن الإمام الخميني (قدس) شخصية كاملة لم يهمل الأدب إلى جانب السياسة والفقه وعلوم الدين، وكتب العديد من الشعراء قصائد مستوحاة من أفكاره.

ومن جهته يعتبر الشاعر “محمود اكرامي فر” مكانة الإمام الخميني (قدس) في مجال الشعر والتصوف هي نفس مكانة الشعراء الكبار مثل مولوي وأبو سعيد أبي الخير، ومفاهيم التصوف الموجودة في قصائد الإمام (قدس) هو تصوف خالص يظهر مفاهيم صوفية متعالية في الفكر.

وكذلك الأستاذ الدكتور ديناني يعتقد أنه الشعر هو معرفة ولؤلؤة من بحر عقل الشاعر، ويقول: إن شخصية الإمام (قدس) لها أبعاد مختلفة، إنه حكيم وصوفي وفقيه وشخصية سياسية ثورية وشاعر.

قبل أن يكون الإمام الخميني قائد الثورة الإسلامية، كان رجلاً حكيماً وكاتباً وشاعراً، ديوان الإمام الخميني (قدس)، وهو جزء من قصائده الكثيرة، خير دليل على ذلك، وكان الإمام على دراية بشعراء زمانه وأدبهم.

مؤلفات وآثار الإمام الخميني (قدس)

كما ذكرنا للإمام الخميني (قدس) آثار ومؤلفات أدبية وعرفانية كثيرة إضافة إلى رسالته الفقهية، لكن نرى الأسلوب الأدبي في جميع مؤلفاته السياسية والعرفانية والفقهية وغيرها، فنذكر بعضها وهي: “شرح دعاء السحر”، “مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية”، “رسالة لقاء الله”، “سر الصلاة”، “تعليقة على شرح فصوص الحكم”، “تعليقة على مصباح الأنس”، “شرح حديث رأس الجالوت”، “تفسير سورة الحمد”، “الجهاد الأكبر أو جهاد النفس”، “الأربعون حديثاً”، “صحيفة الإمام” وغيرها.

رسالة أخلاقية حول جهاد النفس

كتاب “رسالة أخلاقية حول جهاد النفس” هو عنوان كتاب يحتوي على محاضرات الإمام الخميني (قدس)، لطلاب العلوم الدينية في النجف. قام بتدوينها السيد حميد روحاني، وتم نشر الكتاب أول مرة في عام 1393 هـ، وقد تم ترجمته إلى اللغة العربية، وطبع عدّة مرات.

مناسك الحج

هذا الكتاب قد صدر عدّة مرّات باللغتين العربية والفارسية من قبل دور نشر مختلفة خلال ثلاثة عقود من مرجعيّة سماحته، وطبع باللغة الفارسية لأوّل مرّة في شوال سنة 1381 هـ من قبل “المطبعة العلمية” في قم المقدسة.

تحرير الوسيلة

كتاب “تحرير الوسيلة” يحوي فتاوى الإمام الخميني (قدس)، كتبه باللغة العربية أثناء وجوده في منفاه الأول تركيا وذلك بين عامي 1964 و1965 م، وطبع في مجلدين ــ يحتوي على 1309 صفحات ــ في النجف الأشرف، ثم أعيد طبعه لمرات عديدة في النجف الاشرف وبيروت وإيران.

ديوان شعر

كتب الامام الخميني (قدس) منذ صباه بعض القصائد الشعرية العرفانية والسياسية والاجتماعية، غير أنّ القسم الأعظم مما كتبه في الماضي فُقد أثناء الانتقال من منزل إلى منزل، أو نتيجة مداهمة شرطة السافاك حينها لمنزله ومصادرتها لبعض ما تحتويه مكتبته الشخصية، وفُقد بعضها لأسباب أخرى. فقد كتب الإمام (قدس) بعض الأشعار وبقوالب أدبية ــ خاصة بالشعر الفارسي ــ مختلفة، وقد جمعت قصائد الإمام (قدس) الأخيرة وبعض ما بقي من القصائد القديمة ونشرت في كتاب مستقلّ أطلق عليه اسم ديوان الإمام، وقد تم نُشره من قبل مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام (قدس). وأُعيدت طباعته عدة مرات. وقد تُرجم الكتاب إلى اللغة العربية من قبل غسان حمدان، تحت عنوان أشعار الإمام الخميني (قدس).

الوصيّة السياسية الإلهية

إنّ أكثر بيانات الإمام الخميني (قدس) خلودا – والذي خاطب به الأجيال الحاضرة واللاحقة – هو ما تضمّنته وصيّته السياسية الإلهية، وضمن توضيحه لعقائده الحقة، عرض الإمام في هذه الوصية أهمّ الآراء، وأهمّ الإرشادات حول المسائل السياسية والاجتماعية في المجتمعات الإسلامية والمجتمع البشري على العموم، وفي قالب من التحليلات الوثائقية والنصائح المشفقة. لقد طبع من الوصيّة الملايين من النسخ من قبل الكثير من دور النشر، وقد تُرجمت أيضاً إلى مختلف اللغات. ونشرتها مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (قدس) والتي ضمّت علاوة على المتن الكامل للوصيّة وصورة عن نسختها الخطية.

وهناك كثير من مؤلفات الإمام الخميني (قدس) تم ترجمتها إلى اللغات المختلفة ومنها العربية وذلك بسبب الإقبال الكبير الذي واجهها مؤلفات هذه الشخصية الكبيرة.

 

المصدر: الوفاق/ خاص