عمالة الاطفال الإلكترونية

هذه التصرفات لا تجلب للأطفال إلا خسارة الوقت والشهرة غير المناسبة لأعمارهم والمنافسة غير الملائمة لمداركهم، في الوقت الذي يجب فيه أن يكونوا في المدرسة يؤدون الفروض المدرسية ويتطلعون للمستقبل أو يشاركون اقرانهم باللهو واللعب في الحدائق والمنتزهات. ان كانت التصرفات تنم عن مقاصد الربح...

كثيرًا ما نشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديوية لأطفال صغار لم تتجاوز اعمارهم العشر سنوات، وهم يقومون بإداء تصرفات عمدية وعروض مسرحية ممنهجة تراجيدية أو هزلية، تدربوا عليها مرارًا وأتقنوا ممارستها أمام الكاميرات، ليتم بعد ذلك تحميلها بشكل مقاطع مدبلجة أو معدلة أو مجزئة من قبل ذويهم على مواقع التواصل الاجتماعي الاكثر مشاهدة والاقل رقابة ( التيك توك مثلًا)، ليحصد الأخير لهم المشاهدات والتفاعل والارباح المالية المرجوة من جل التصرف.

 

مستغلين بذلك غياب النص الصريح المانع والمجرم من هذا الفعل وانعدام الرقابة الوطنية وسذاجة الانحدار الاخلاقي، على الرغم من توافر جميع الشروط اللازمة لاعتباره عمل، والذي عرف في قانون العمل رقم 37 لسنة 2015 في المادة الاولى منه بفقرتها الخامسة بأنه: “كل جهد انساني فكري أو جسماني يبذله العامل لقاء اجر سواء أكان بشكل دائم أم عرضي أم مؤقت أم جزئي أم موسمي”، وبذلك نكيف طبيعة التصرف الصادر عن الاطفال في هذه المقاطع على أنها عمل لقاء اجر، ويستثنى منها ما كان عفويًا أو مجردًا من قصد الربح.

 

هذه التصرفات لا تجلب للأطفال إلا خسارة الوقت والشهرة غير المناسبة لأعمارهم والمنافسة غير الملائمة لمداركهم، في الوقت الذي يجب فيه أن يكونوا في المدرسة يؤدون الفروض المدرسية ويتطلعون للمستقبل أو يشاركون اقرانهم باللهو واللعب في الحدائق والمنتزهات.

ان كانت التصرفات تنم عن مقاصد الربح المادي والشهرة في المجتمع لطفل يجيد اضحاك العامة فهذه مشكلة، وأنّ كان الطفل يؤدي المطلوب منه بكلمات بذيئة خادشة للحياء وبأفكار تتعارض مع القيم والمبادئ الانسانية والاسلامية والآداب العامة للمجتمع فالمشكلة أعظم!

 

د. جمانة جاسم الاسدي