الأكاديمي الفلسطيني من غزة الدكتور وسام عطا الله للوفاق:

أمريكا سمحت للعدو الصهيوني بارتكاب أبشع جرائم الإبادة الجماعية

خاص الوفاق : السلاح القانوني سلاح فعال لكنه طويل الأمد فلا تُرى آثاره ونتائجه بشكلٍ فوري وإنما يحتاج لسنوات

2025-01-26
عبیر شمص

 

اتخذت المحكمة الجنائية الدولية تدابير لحماية موظفيها من عقوبات أمريكية محتملة، من خلال دفع رواتب ثلاثة أشهر مقدماً، وذلك وسط استعدادها لقيود مالية قد تسببها العقوبات الأميركية وذلك بعد تصويت مجلس النواب الأمريكى هذا الشهر على معاقبة المحكمة، رداً على إصدارها مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء ”الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بسبب جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب في غزة، في هذا السياق التقت صحيفة الوفاق بالأكاديمي الفلسطيني المختص في القانون الدولي والنظم السياسية الدكتور وسام عطا الله، وكان معه الحوار التالي:

 

 

تحطيم قواعد القانون الدولي الإنساني
يشير الدكتور عطا الله أن إقرار مجلس النواب الأمريكي قانون لمعاقبة قضاة المحكمة الجنائية الدولية وفق القانون الدولي يُعد إعتداءً على الحصانة القانونية للقضاة وعلى قواعد القانون الدولي الجنائي المنبثق من ميثاق روما الأساسي لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب على صعيد الأشخاص ولذلك أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الصهوني بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق “غالانت” وتم توجيه مذكرات الاعتقال بتهم ارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب في قطاع غزة، وأمريكا ليست عضواً في ميثاق روما الأساسي الذي انبثقت عنه محكمة الجنايات الدولية وكذلك العدو الصهيوني، لكن ازدواجية المعايير في الحقيقة هي السائدة فمثلاً عندما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في شهر شباط / فبراير 2022 بسبب الحرب الروسية الأوكرانية دعمت أمريكا القرار لأنه موجه للرئيس الروسي لكن عندما يتعلق الأمر بالعدو الصهيوني أو حلفائه، فإنها تُعلي الصوت ضده وترفضه بحجج واهية، كما استهدفوا قضاة المحكمة عبر وضع أجهزة تصنت للمدعي العام للمحكمة السابقة ” بنسودا” وحاولوا التضييق عليها وتهديد زوجها، وكذلك حاولوا تلفيق التهم للمدعي العام الحالي “كريم خان” ونشر إدعاءات كاذبة بحقه في إطار تشويه صورته وسمعته وتهديده بشكل صريح”.ويرى الدكتور عطا الله أن ما قامت به الإدارة الأمريكية السابقة بزعامة بايدن ووزير خارجيته بلينكن كان عنوانه تحطيم قواعد القانون الدولي الإنساني ودعم العدو الصهيوني في جرائمه وهذا يشكل سابقةً خطيرة على صعيد انتهاك قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ويُعرف هذا في القانون بسوابق قضائية، فالولايات المتحدة الأمريكية والعدو الصهيوني أوجدوا سوابق في الإجرام وأصبح يقاس الإجرام في الحروب بما قامت به أمريكا و”إسرائيل” في حرب غزة من استهداف المستشفيات والمدارس، وأعلى رقم في قتل الأطفال والنساء والصحفيين وارتكاب جرائم التجويع والإبادة، فلذلك أمريكا عبر دعمها اللا منتهي والمطلق  للعدو الصهيوني في هذه الحرب سمحت له بارتكاب أبشع جرائم الإبادة الجماعية التي لم يعرفها التاريخ من قبل، لذلك تهديد قضاة المحكمة هو تهديد للأمن والسلم الدوليين وتهديد لنظام المحكمة في ضمان ملاحقة مجرمي الحروب، فالقانون الدولي كافل الإنسانية جمعاء وكرامة الإنسان حياً فكيف تدعم أمريكا هذا الإجرام والإعتداء على حق الإنسان سواء في حال حياته أو في موته، كيف تدعم “إسرائيل” التي تمنع دفن الجثث وتركها في الشوارع لتأكلها الكلاب الضالة والدواب على وجه الأرض، هذا كله تجاوز للكرامة الإنسانية وإجرام بحق الإنسان في حال حياته بقتله وفي حال موته بمنع دفنه وإكرام الميت دفنه”.

 

يرى الدكتور عطا الله أن التهديد الأمريكي سينتهي مع الإدارة الأمريكية الجديدة فالقانون الذي تم  إقراره على درجة واحدة في مجلس النواب يجب تصويت مجلس الشيوخ عليه، وهذا لن يتم وسينتهي مع الإدارة الأمريكية الجديدة، هذا لن يؤثر باعتقادي على سير المحكمة لأنها تضم 124 دولة أعضاء في نظام المحكمة وتمويلها يقسّم عليهم، بالتالي لن يقوض عملها”.

 

جرائم ضد الإنسانية

 

يؤكد الدكتور عطاالله أن ما قام به الجيش الصهيوني سواء على صعيد وزير الدفاع ورئيس الأركان وقادة الفرق والألوية والفصائل هي جرائم حرب وإبادة جماعية وضد الإنسانية ولن يفلتوا  من العقاب على أكثر من مستوى ولن يمحى من ذاكرة الأجيال ولا من التاريخ ولا يسقط بالتقادم، أولاً على صعيد محكمة العدل الدولية وهي الجهاز القضائي الذي وجّه للعدو الصهيوني جرم الإبادة الجماعية ولم يستطع الدفاع عن نفسه أمام الفريق القانوني لدولة جنوب أفريقيا التي رفعت هذه الدعوى وانضمت إليها العديد من الدول التي قدمت أدلة مادية مكتوبة ومصورة لدعم تلك القضية المرفوعة، أما على صعيد المحكمة الجنائية الدولية فلأول مرة تصدر مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها العدو على مدار 15 شهراً ، وهو لم يترك شيئاً من الأسلحة المحرمة إلا واستخدمه ولم يترك جريمة من الجرائم التي لم يعرفها التاريخ من قبل إلا وقام بها، أما على صعيد القضاء الوطني في الدول فهناك كثير من الدول تستطيع ملاحقة الجنود الصهاينة الذين يحملون جنسيات هذه الدولة مع الجنسية “الإسرائيلية”، وهذا ما حصل فلوحق الجنود الصاينة في إجازاتهم وسفرهم مما أدى إلى هروبهم، وقد رفعت دعاوى جرائم الحرب وفق الأفعال التي نشرها الجنود على صفحاتهم الشخصية، فالجنود الصهاينة نشروا آلاف الفيديوهات حول نشاطهم العسكري في غزة والضفة ولبنان، متباهين بجرائمهم فرحين بارتكابها”.

 

مؤسسة هند رجب القانونية

 

يشير الدكتور عطا الله إلى الجريمة المروعة التي ارتكبها العدو الصهيوني بقتل أهل الطفلة هند رجب التي لم تبلغ ست سنوات من العمر والجميع شاهد وسمع صوتها وهي تنادي وتناشد ضباط الإسعاف الذين ذهبوا لإنقاذها فاستهدفهم العدو الصهيوني مما أدى إلى استشهادهم، واستشهدت الطفلة فيما بعد وحيدة، تأسست مؤسسة قانونية بإسمها لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة جنوداً وقادة عسكريين والحكومة التي شكلت الغطاء السياسي والقانوني والمالي والعسكري وإمداد الجيش الصهيوني بما يحتاج لتنفيذ جرائمه، وتسعى هذه المؤسسة لتحقيق العدالة في جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال ضدّ الفلسطينيين، إذ جمعت معلومات عن أكثر من 1000 جندي صهيوني من مزدوجي الجنسية، ممن شاركوا في حرب الإبادة ضدّ قطاع غزة، وقدّمت طلبات اعتقال ضدّهم في عدة دول، وهكذا سيبقى إسم الطفلة الشهيدة رعباً وكابوساً يلاحق كل من يعمل في الجيش والحكومة الصهونية الفاشية وستبقى هذه المؤسسة سيفاً مسلطاً يلاحق هؤلاء المجرمين أمام المحاكم الدولية والمحاكم الوطنية”.

 

هروب من الملاحقة

 

يؤكد الدكتور عطا الله بأن الجيش الصهيوني وحكومته يحاولون عبر أدواتهم الدبلوماسية الضغط على الدول لمنع السلطات القضائية بملاحقتهم وضمان إفلاتهم من العقاب، لكنهم لن ينجحوا في ذلك في كثير من الدول، فهناك 193 دولة في العالم، لا يتعدى منها من حلفائهم الأساسيين أصابع الأيدي وهم أمريكا ألمانيا فرنسا بريطانيا، بينما يوجد في  بقية الدول فصل بين السلطات ولا يمكن الإملاء على السلطات القضائية بشكلٍ كبير منح حصانة لمجرمي الحرب الصهاينة، وأعتقد أن هذا السلاح القانوني هو سلاح فعال لكنه طويل الأمد فلا تُرى آثاره ونتائجه بشكلٍ فوري وإنما يحتاج لسنوات”.

 

في ختام حديثه يؤكد الدكتور عطاالله أنه بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ لن يتأثر سير الدعاوى المرفوعة ضد العدو الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية كدولة أو أفراد أو القضايا المرفوعة أمام القضاء الوطني في العديد من الدول كجنود وقيادات في الجيش الصهيوني، إن إتفاق وقف اطلاق النار لن يؤثر ببساطة لأن هذه الجرائم جرائم حرب”.

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص