تُمكّن هذه الأداة الاحتلال من فهم اللهجتين الفلسطينية واللبنانية وتحليلهما، عبر نموذج شبيه بروبوتات الدردشة قادر على الإجابة واتخاذ قرارات بناءً على المعطيات المجمّعة حول الأفراد الخاضعين للمراقبة، ما يتيح تصنيفهم كأهدافٍ محتمَلة.
المُحرّك الرئيسي لهذا المشروع هو الوحدة 8200، التابعة لقوّات الاحتلال الصهيوني، والمتخصصة في الحرب والاستخبارات الإلكترونية. وقد سبق لهذه الوحدة أن طوّرت مشاريع مشابهة في الماضي، لكن على نطاق أضيق، وإن كانت تتمتع بفعالية عالية.
وفقاً لتحقيق مشترك أجرته كلٌّ من صحيفة «+972» الإلكترونية ومنصّة «لوكال كول» العبريتين، فإنّ هذه الأداة كانت لا تزال في طور التطوير في النصف الأول من العام الماضي.
وقد كُشف عن وجودها، ولو جزئياً، في مؤتمرٍ حول الذكاء الاصطناعي العسكري عُقد في تل أبيب، حيث كشف الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الصهيونية تشاكيد روجر جوزيف سيدوف أنّ المشروع يهدف إلى مراقبة الفلسطينيين، لكن أيضاً إلى تتبّع نشطاء حقوق الإنسان ورصد الأنشطة الفلسطينية في المنطقة «ج» من الضفة الغربية.
وأضاف: «لدينا كلّ الأدوات اللازمة لمراقبة تحرّكات كل شخص في الضفة الغربية». تسارع العمل على المشروع بعد عملية «طوفان الأقصى»، إذ استعان العدو بخبرات ضباط سابقين في «جيشه»، يعملون في شركات تكنولوجيا عالمية، مثل «غوغل» و«مايكروسوفت». لكن في ردّها على التحقيق، زعمت «غوغل» أنّ عمل موظفيها كجنود احتياط في «جيش» الاحتلال ليس له أي علاقة بأنشطتها كشركة، في حين امتنعت كلٌّ من «ميتا» و«مايكروسوفت» عن التعليق.
أحد أبرز جوانب هذا المشروع هو اعتماده على كمٍّ هائل من سجلات التجسّس التي استُخلصت من محادثات ورسائل الفلسطينيين واللبنانيين. وبحسب سيدوف، فإن الهدف الأساسي كان تحليل «اللهجات التي تكرهنا: الفلسطينية واللبنانية». وبفضل هذه البيانات، أصبح النموذج قادراً على استخراج معلومات دقيقة عن الأفراد وتحديد من يعتبرهم تهديداً محتمَلاً. وأوضح أحد المصادر: «اتصال شخصٍ ما بصديقه ليبلغه أنه ينتظره خارج المدرسة قد يبدو محادثةً عادية، لكن بالنسبة إلى هذا النظام، فهو منجم ذهب».
ليس مفاجئاً أن تعتمد «إسرائيل» على الفلسطينيين كمختبر لتجاربها، سواء في اختبار الأسلحة أو تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي.
إذ يعمل النظام الجديد بمنزلة آلةٍ للتنبؤات، تعتمد على تحليل كميات هائلة من البيانات لاستخلاص استنتاجات حول الأفراد، في غياب أي رقابة قانونية.
وهذا ما يضع الأبرياء أمام خطر الاستهداف والملاحقة بناءً على استنتاجات تقنية قد تكون مغلوطة، ما يجعل هذه الأداة وسيلة أخرى في ترسانة القمع والإجرام الصهيونية تُستخدم لتعزيز القتل والتعذيب.