صالحي أميري؛ إيران؛ كنزٌ لآسيا والعالم

قال وزير التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية: إن حضور إيران في الدورة الثانية للجمعية العامة لاتحاد التراث الثقافي الآسيوي (ACHA) في مدينة "تشونغ تشينغ" الصينية، كانت خطوة مهمة في مسار إعادة صياغة معادلة جديدة للتعاون الثقافي والسياحي والتراثي.

 

قال وزير التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية: إن حضور إيران في الدورة الثانية للجمعية العامة لاتحاد التراث الثقافي الآسيوي (ACHA) في مدينة “تشونغ تشينغ” الصينية، كانت خطوة مهمة في مسار إعادة صياغة معادلة جديدة للتعاون الثقافي والسياحي والتراثي.

 

 

وكتب سيد رضا صالحي أميري في مذكرة: على أعتاب العولمة المتسارعة والتحول الحضاري في القرن الحادي والعشرين، أصبحت آسيا أفقاً يتشكل فيه مستقبل السياسة والاقتصاد والثقافة العالمية. اليوم، كل دولة تستطيع أن تدرك معادلات مستقبل آسيا وتلعب دوراً فيها، لن يكون لها تأثير في محيطها فقط، بل ستؤثر أيضاً في النظام العالمي الجديد.

 

 

آسيا على وشك أن تصبح مركز الثقل البشري والاقتصادي والتكنولوجي في العالم. ومن ناحية أخرى، تحمل هذه القارة أكبر مخزون للتراث الثقافي للبشرية؛ تراثٌ لا يروي ماضينا فقط، بل يحمل أيضاً قدرة تغيير المستقبل.

 

 

إيران، باعتبارها واحدة من مؤسسي اتحاد  ACHA، وبآلاف الآثار المسجلة في القائمة الوطنية ومجموعة فريدة من التراث العالمي، تتحمل مسؤولية حضارية: مسؤولية المشاركة الفاعلة في تشكيل النظرية ونموذج حوكمة التراث الثقافي في آسيا.

 

 

في المعادلات الجديدة لآسيا، تُعد الصين حضارةً ترسل الآن سنوياً 160 مليون سائح إلى الخارج، ووفقاً للتوقعات سيصل هذا الرقم بحلول عام 2030 إلى 200 مليون شخص. إن حصة إيران من هذه القدرة الهائلة أقل بكثير مما يليق بتاريخنا وثقافتنا. في هذه الرحلة، قررنا أن نبدأ سياسة تطوير العلاقات السياحية مع الصين ليس من المستويات التنفيذية، بل من المستوى الاستراتيجي–الحضاري. كان الحوار مع وزير الثقافة والتراث والسياحة الصيني، وكذلك رئيس مجلس  ACHA، نقطة انطلاق «الفصل الجديد من التعاون بين إيران والصين في مجال التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية»؛ فصلٌ يمتلك، بإرادة سياسية من البلدين، القدرة على الانتقال من التعاون التقليدي إلى التعاون المنظم، متوسط وطويل الأمد.

 

 

اليوم، تسير الصين في طريق التحول إلى قوة ثقافية عالمية؛ قوة تقوم على الهوية والثقافة والحضارة وإحياء التقاليد. إن تجربة الصين في الربط بين التراث الثقافي، والتخطيط الحضري الحديث، والتعليم، وتكنولوجيا المتاحف، تُعد مصدر إلهام وفرصة استراتيجية لإيران في الوقت ذاته.

 

 

فكرة إيران: الحوكمة الآسيوية من أجل التراث الآسيوي

 

 

في خطابي كمتحدث خاص في الجمعية العامة لـ ACHA، طرحت المبادرة الإيرانية لتشكيل آلية جديدة للتعاون على مستوى القارة: «اختيار المدن والقرى الصديقة للتراث الثقافي سنوياً في جميع أنحاء آسيا». هذه المبادرة هي أداة للحكم؛ هيكل له عدة وظائف رئيسية: خلق منافسة بناءة بين الإدارات المحلية، تعزيز المشاركة العامة في حماية التراث، تقوية الدبلوماسية الثقافية بين المناطق الآسيوية، إنتاج نماذج قابلة للتكرار في الحماية والإحياء، نقل التجارب الناجحة من شرق إلى غرب القارة، في هذه المبادرة، أولوية الاختيار هي «مستوى الهشاشة» لدى المجتمعات المحلية، لأن استدامة آسيا غير ممكنة بدون استدامة كل فرد آسيوي.

 

 

وقال صالحي امیري: في لقائي مع «مطلوبه خان ستاريان» وزيرة الثقافة في طاجيكستان، أكدت أن التعاون مع طاجيكستان وفقاً لسياسة الرئيس الطبيب قشقائي، هو تعاون على المستوى الاستراتيجي. واقترحت تنظيم أول مؤتمر متخصص في التراث الثقافي، علم النسخ، علم اللغة، علم الآثار وقراءة النقوش بين إيران وطاجيكستان، كخطوة نحو إنشاء لغة علمية مشتركة بين الشعبين ذوي الجذور الواحدة. وستعقد الدورة الثانية لهذا المؤتمر في مدينة دوشنبه. لدى إيران إمكانيات واسعة لنقل الخبرات في مجال الترميم، الحفريات المشتركة، إحياء المباني وتسجيل التراث غير المادي.

 


جزر المالديف؛ الشراكة الثقافية في النظام البيئي الجديد لآسيا

 

 

في حوار مع وزيرة اللغة والثقافة والتراث في جزر المالديف، فُتِحَ أفق جديد من التعاون: من أسابيع الثقافة المتبادلة إلى السياحة العلاجية؛ ومن تبادل الفنانين ووسائل الإعلام إلى المشاريع المشتركة في مجال التغيرات المناخية. اليوم، آسيا هي القارة التي تحوّل «التنوع» إلى «رأس مال»، وإيران مستعدة لتعزيز هذا الرأس المال من خلال المشاركة الفعالة.

 

 

تُعد إيران، التي تضم 20 نوعًا من السياحة المعترف بها عالميًا، من السياحة الثقافية إلى العلاجية، ومن الطبيعة إلى الروحانية، «وجهة كبرى محتملة» للسياح الآسيويين. لدينا 29 تراثًا عالميًا ماديًا و26 تراثًا غير مادي مسجلاً، وهناك 58 ملفًا آخر جاهزًا للتسجيل المؤقت في اليونسكو؛ وهذه الخطوة هي «استثمار للمستقبل».

 

 

سياستنا: البدء من الثقافة للوصول إلى المستقبل

 

 

في هذه الرحلة قررنا أن نبدأ سياسة تطوير العلاقات مع الصين من المستوى «الحضاري». كان هذا القرار توجهًا استراتيجيًا. إذا كانت العلاقات السياسية والاقتصادية بين إيران والصين في أعلى المستويات، فيجب أن تكون العلاقات الثقافية والسياحية أيضًا على نفس المستوى.

 

 

أكدت في المحادثات أن بناء الثقة الثقافية، والخطة المشتركة الخمسية، والمعارض بين البلدين، والتعاون في اليونسكو، والتقنيات المتحفية والذكاء الاصطناعي، وتبادل الفنانين والشخصيات المعروفة يجب أن تدخل بشكل هيكلي إلى مرحلة التنفيذ.

 

 

كل مقاطعة في الصين من حيث عدد السكان تعتبر دولة؛ فقط مقاطعة «غوانغجو» عدد سكانها يفوق عدد سكان بلدنا. معنى هذا الأمر أن كل مقاطعة في الصين يمكن أن تكون شريكًا ثقافيًا واقتصاديًا وسياحيًا لإيران. في هذا المنظور، سنبدأ مع الصين ثم مع روسيا والهند – ثلاث قوى عالمية كبرى – فصلًا جديدًا من التعاونات، حتى نضع إيران على طريق تحقيق هدف 15 مليون سائح دولي.

 

 

العودة إلى معنى الحضارة

 

 

تظل الحضارة حيّة ما دام «الحوار» حيّاً. اليوم، إذا وضعت إيران والصين أيديهما في أيدي بعضهما البعض، يمكنهما إدخال المعادلة الثقافية لآسيا في مرحلة جديدة؛ مرحلة يكون فيها الإرث ليس من الماضي، بل من المستقبل، وتكون الثقافة ليست مجالاً سلبياً، بل محرّكاً أساسياً للتقارب والاستقرار والتنمية في قارة ستحدد مستقبل العالم. إيران مستعدة لتولي دور محوري في بناء هذا المستقبل.

 

 

 

المصدر: الوفاق