صنعاء ثبّتت معادلتها البحرية.. وواشنطن استنفدت أوراقها

مكن الاستنتاج بأن الأميركيين استنفدوا أوراقهم، سواء بالترغيب أو بالترهيب، وعليه سلموا بواقع فرضته صنعاء وقواعد اشتباك تحكمت بها، ولم تتمكّن الغارات المعادية من منعها، بل شهدت المرحلة الماضية تطوّرًا في العمليات اليمنية، كمًّا ونوعًا وفي المديات.

2024-04-30

خلال ثلاثة أيام، سلسلة ضربات يمنية طالت سفنًا بريطانية وأميركية وصهيونية شملت خليج عدن والبحر الأحمر والمحيط الهندي، وكذلك استهداف مدمرة أميركية، وضرب أهداف في إيلات جنوب فلسطين المحتلة بواسطة صواريخ باليستية ومجنحة، وأيضًا إسقاط طائرة استطلاع أميركية من طراز MQ9 في أجواء محافظة صعدة شمال اليمن. ولم يسجل رد فعل أميركي أو بريطاني، ولوحظ خلال الآونة الأخيرة اكتفاء دول العدوان بالتصدي للمسيّرات والصواريخ، وليس بالضرورة إسقاطها، فكثير من الضربات البحرية أصابت أهدافها، وتم الإقرار بذلك. وبالتوازي، كانت واشنطن تسحب حاملة طائرات ومدمرة وتعيدهما إلى شرق المتوسط.

أمام المشهد أعلاه، يمكن الاستنتاج بأن الأميركيين استنفدوا أوراقهم، سواء بالترغيب أو بالترهيب، وعليه سلموا بواقع فرضته صنعاء وقواعد اشتباك تحكمت بها، ولم تتمكّن الغارات المعادية من منعها، بل شهدت المرحلة الماضية تطوّرًا في العمليات اليمنية، كمًّا ونوعًا وفي المديات.

قبل مدة، أجمع المبعوث الأميركي الى اليمن تيموثي ليندرغينغ، وقائد القيادة الوسطى الجنرال كوريلا بألا حلول عسكرية للعمليات البحرية اليمنية، وهو ما يعد إقرارًا بالفشل والإخفاق في فرض انكفاء يمني عن مناصرة الشعب الفلسطيني، وهو أيضًا تسليم بما فرضته جبهات الإسناد من لبنان إلى العراق واليمن بألا وقف للعمليات قبل وقف العدوان على قطاع غزّة. ما حاول الأميركيون منعه على مدى أشهر، مع تجاهل مفتاح الحل الرئيس، بات مسلمًا به اليوم، وهو ضرورة تحقيق شروط المقاومة الفلسطينية وأولها وقف العدوان. ويبدو أن ثمة قناعة أميركية بذلك، وهو ما فهم من المبعوث الأميركي إلى لبنان عاموس هوكشتاين في زيارته الأخيرة إلى بيروت قبل شهر رمضان المبارك.

وفي اليمن، بعد قرابة السبعة أشهر من الحرب، يلاحظ بسهولة أن صنعاء فرضت معادلتها البحرية، وهي ماضية في تطوّرها، وكذلك تموضعها ضمن وحدة الجبهات أو الساحات في المنطقة، وهو ما يعد مؤشرًا خطيرًا بالنسبة للأميركيين الذين باتت حساباتهم تتّجه نحو التفكير بالمستقبل ومدى انعكاس وحدة الساحات والجبهات على الردع لديهم، حيث انكشفت هشاشته مع عجز أميركي عن القدرة على إغلاق أي جبهة إسناد لغزّة.

وعليه، إن انكفاء واشنطن في اليمن إلى حدود معينة يعد ضربة وتراكم للفشل، وهو ما أضر بصورة الأميركيين خصوصًا أن ثمة اعترافًا ضمنيًّا بخطأ في التقدير قد ارتكب هناك، وأن التدخل دعمًا لــ “تل أبيب” أتى بنتائج عكسية، أقله تعريض السفن الأميركية والبريطانية للاستهداف، وهو ثمن مباشر للعدوان. إن صنعاء ماضية، كما يعبر قادتها، في دعم الشعب الفلسطيني وإسناد مقاومته مهما كان الثمن، وأنها لن تتراجع عن تموضعها ضمن قوى ودول محور المقاومة، وللأمر حساباته حال تعرض أي طرف لعدوان أميركي أو إسرائيلي.

 

أ.ش

المصدر: موقع العهد الإخباري/ خليل نصر الله