العدسة بعبق الشهادة ...

مصور الإعلام الحربي الشهيد بهجت دكروب

الشهادة حلم الزاهدين العاشقين المشتاقين إلى لقاء الله. على صخرة المجد، حُفرت وصاياهم كما حُفرت وصيّة من سبقهم، لكنّ ما يميّز هؤلاء الإعلاميّين أنّهم صاروا الكلمة والصورة، التي لطالما جهدوا في نقلها.

2023-05-31

الصورة الحية في خدمة نهج المقاومة

ولد الشهيد بهجت حسن دكروب في 1/9/1972 م، تميز الشهيد بالصفات والمشاعر الإنسانية الحقّة عن أقرانه. لقد حصد صداقاتٍ جمّة من حوله بفضل نقاء روحه وبراءته وعفويته. حبُّه للناس، صغارًا وكبارًا، كان يوازي حبّه للحقيقة وجلاء صورتها؛ لذا استهوتهُ عدسةُ التصوير، حتى باتت بالنسبة إليه القريب المُقرّب والصديق الوفيّ، الذي لا يعرف خداعًا أو كذبًا. كان الإعلام الحربي الميدان الأمثل للشهيد، الذي جسّد فيه رسالته: “الصورة الحيّة في خدمة نهج المقاومة”.

بهجة وروح الثورة

وكما تربّع حبُّ الصورةِ على رأسِ اهتمامات “بهاء”، فإن تكوين أسرةٍ متواضعة آنس عمرَه اليافع، إذ منّ الله عليه بزهرته الوحيدة “ضُحى”. “ضحى” لم تعرف أباها، ولكنّها دائمة البحث عنه في أحاديث جدّتها، وأمّها، ورفاق والدها المقرّبين. تقول الإبنة كان والدي يصلي دائماً ولا يهمل فروضه الدينية. كان لطيفًا وودودًا مع الآخرين، وكان الجميع يحبه، تضيف الإبنة:”كان والدي شديد التأثّر بالإمام الخمينيّ (قدس) والثورة الإسلاميّة حينها. وعلى الرغم من عدم معرفة والديه بعمله الجهاديّ، إلّا أنّه أكمل طريقه بصمت حذر حتّى نال الشهادة، وهذا ما كان تحدياً صعباً بالنسبة إليه”. تقول “ضحى”، وهي تفخر بشهيدها الذي “كان من أوائل العاملين في الإعلام الحربيّ الميدانيّ والتقنيّ، وأصغرهم سنّاً، حاملاً الكاميرا ميدانيّاً، حاضراً في المناسبات الدينيّة والسياسيّة كافّة، ومقرّباً من علماء المقاومة”.

وتتابع الإبنة بالقول عن والدها الشهيد:” أنا فخورة بوالدي الشهيد الذي ضحى بحياته من أجل معتقداته وإيمانه. على الرغم من عدم وجود الكثير الصور لوالدي، إلا أنني أعرف جيدًا ما كان يؤمن به وما الذي يحبه وما لم يعجبه. في ظل تربية والدتي، سأواصل طريق أبي في طريق المقاومة. برأيي إنّ التعريف بشهداء المقاومة وشهداء إعلام المقاومة خطوة يجب أن تؤخذ على محمل الجد.

الاستشهاد

عند عتبة الأسبوع الأخير من تموز العام 1993، وقبل إيذان العدو الإسرائيلي بقرع طبول عدوانه الهمجي على لبنان، أذنت السماءُ بعروجِ “بهاء” شهيدًا إلى بارئه، أثناء أداء واجبه الإعلامي في عملية بئر كلّاب النّوعية (23/7/1993).

وقضى الشهيد أيّاماً ثلاثة في العراء يناجي ربّه شهيداً، بعد عمليّة عاشوراء على موقع بئر كلاب عام 1993م، دون أن يصوّر آخر لحظاته أحد. وفي بداية عدوان تموز ذاك، وحين كان العدّو الصهيوني يصبّ جامّ حقده على أرض الجنوب وشعبه، تمكّن مجاهدو المقاومة من سحبِ جثمان الشهيد “بهاء” من ميدانِ المعركة، بينما كان  صديقه “باقر” يوثّق بعدسته هولَ الاعتداء وبشاعةِ بصماته المدمّرة.

 

المصدر: الوفاق